أوقفَني رجل يلبس عباءة خضراء وفي يده مسبحة خشب على باب الجامع ورشّ على قميصي – من زجاجة- رائحة لاتختلف عن رائحة المكان، تخلصت من إلحاحه برفق ودخلت، صليت ركعتين واتجهت إلى المقام.
“أدرك على الأعتاب ملهوفاً أتى لرحابكم بالحب والإيمان“
تذكرت بيت صلاح الدين القوصي في قصيدته عن الإمام الحسين والمعلقة على الحائط الخلفي للجامع قبل أن أدخل، على عتب المقام جلس رجل يردد تسابيح صوفية. لم أدخل مباشرة ولكنى انتظرت قليلاً.
“يا سيدي مازال ضيفك واقفاً بالباب يرجو نظرة الرُضْوان“
أي رضُوان تطلبه؟ أنت ضيف فعلاً ولكن لماذا تطلب الرضوان من هنا تحديداً؟ وهل تتوقع أن يمنحك الحسين النظرة؟ يا الله!! على العموم هذا ليس وقته، لتكن زيارة واترك نفسك كما هي ولا تحجر على الآتي. طيب، فكرة جيدة للهرب من محكمة ليس أوانها الآن، في هذا المكان لا تنصب محاكم.
خبط رجل في كتفي، فانتبهت إلى أنني أقف في طريق الداخل والخارج قلت “السلام عليكم يا آل البيت” ودخلت.
* * * * *
دقًقت في آثار الحصيرة الخشنة على جسمي، نفَخْت في الهواء بغضب فانزعجت ذرًات الغبار المتجمعة في شعاع الشمس المتسلل من الشباك الموارِب، والمستقر على أرضية الغرفة. قمت ولبست جلابيتي القديمة على اللحم. “ياااارب”، من تحت ارتفعت صرخة متسول أمام العمارة، بينما كنت أبحث عن كوب الشاي الفارغ، آه، وجدته على إطار النافذة وفيه بقايا تِفل ناشف.
نظرت من النافذة على الرجل، عجوز يستند على كتف طفلة تشبهه. التقطت السخان الكهربي من على الأرض وخيوط النمل تصعد على جداره، وصوت المتسول يبتعد ويضعف كما تضعف فرصه في الحصول على شئ. طويت الحصيرة المفرودة إلى جدار الحائط، ووضعت الفوطة على كتفي ودخلت الحمًام.
* * * * * *
في المقام قرأت الفاتحة ودعوت لكل من أعرفه ثم جلست عند موضع القبلة، حاولت فك حلقات عقد جميل من الشعر يزين جدرانه الأربعة “شيعة المختار قروا عينا في غدٍ تسقون من كف الحسين”، الجملة الواضحة التي تمكنت من تفصيص حروفها المتشابكة.
المكان مليء بالناس، بحيرة بشر تغير ماءها باستمرار، جموع تدخل من الباب، وتعافر للوصول، والداخلون يستعجلون من تلكأ في السير أو نسى نفسه ووقف “اسعى.. اسعى وصلى ع النبي”، فيصلون جميعاً على النبي “عليه أفضل الصلاة والسلام”، ويتقدم بعضهم إلى رجل يقف داخل سياج المقام فيقدمون له المسابح ليمسحها لهم، بينما رجل آخر يبذر أعواد النعناع الخضراء المنتشية داخل الإطار الخشبي، فيفوح المكان برائحة من طين الأرض وسلام السماء.
من بين كل هؤلاء، رجل في حاله، أول ما دخل ووصل إلى المقام تسمًر في مكانه، كان يرتدى جلابية تنسَّرت أطرافها إلى خيوط متسخة ويلف رأسه بشال مُترًب. ينحني على المقام يقبله ثم يرفع رأسه ويدعو بصوت تخنقه الدموع “يارب.. يا جوى ع الجوى يارب”، صعيدي. فكرت أن أقوم وأسأله عن هذا القوى الذي ظلمه، لم احتج وقت طويل لأسخر من نفسي “الراجل في حضرة حفيد النبي وأقوم أنا أواسيه“!.
وبطرف عيني، في جانب الحريم، لمحت امرأة كبيرة في السن وضعيفة، وجهها كما الأرض التي تشَقَقت بعد عطش طويل، تراخت يدها اليمنى بجوارها، بينما أسندت يدها الأخرى على السور، حافظت على زاوية الرؤية وتابعتها. بعد فترة قصيرة رفعت رأسها واعتدلت، فبانت دمعتان من عينيها الصغيرتين. معها كيس فيه علب مناديل ورق، تمسكه بيدها اليسرى. رفعَته أمام عينيها وبكت بصوت مسموع فنضحت عيناها بدموع أكثر وبقيت على هذا لفترة، ثم التفتت فجأة و نظرت حولها كثيراً وأخرجت علبة مناديل من الكيس وفتحتها، لكنها أغلقتها بسرعة كالتي تذكرت شيئاً، أعادتها بسرعة إلى الكيس، والتقطت طرف الحِرامْ الأسود الذي تغطى رأسها به ومسحت وجهها المبلول، ثم أحنت رأسها قليلاً وقطعت طرف مخاط ظهر من أنفها، ومالت على المقام، قبلته واستدارت.
* * * * *
ملأت السخًان الكهربي ماء و أوصلت الفيشة المسلوخة ثم وقفت في النافذة. الشارع خالٍ من الناس، إلا من خرج من بيته إلى الصلاة، اليوم هو الجمعة. عم سيد البواب يجلس مع أحد التجار تحت العمارة. والرجل الذي يصرخ “يااااارب ” وصل إلى المسجد هناك، على ناصية الدرب، واتخذ لنفسه مكاناً أفضل على عتبته وابنته بجواره، مد يده في وضع ثابت، والداخلون إلى الصلاة يتجنبون الاصطدام به.
تركت النافذة ووقفت وسط الغرفة أنتظر غليان المياه. قابلني وجه عبد الناصر بابتسامته المعهودة. تحت صورته كنت قد علقت لوحة ورقية كتبت عليها “من ألقانا بعد هذا الصفو النوراني في هذا الماخور الطافح”. أخذت كوب الشاي وجلست على حافة الحصيرة المطوية، أشعلت السيجارة الأخيرة وتناوبت شربها مع الشاي.
* * * * *
ولم أنتظر في المقام كثيراً، قمت صليت ركعتين وقرأت الفاتحة وخرجت.
رأسي بعنقها علامة استفهام كبيرة وثقيلة على جسمي، أسئلة كثيرة بدون أي جواب، واعتقدت افتراضاً أن العقل طالما لم يقدم إجابة فالقلب موجود، وتسللت حلول ضعيفة كما القلب، ظهرت ثم اختفت، وبهتت ثم ذابت. ولبست حذائي على عتبة الجامع، ورأسي بعنقها لا تزال علامة استفهام تزداد ثقلاً، وفكرت أن أستريح، وقعدت على يسار الباب.
وللحظة تردد نداء الحسين في مسرحية عبد الرحمن الشرقاوي عنه، صدح في العقل والقلب مرة واحدة، وتخيلت صوته ينفجر من أرض الساحة “وإذا اختفى نغم الإخاء.. وإذا شكا الفقراء واكتظت جيوب الأغنياء.. فلتذكروني”، وانتبه الناس وتجمعوا مرة واحدة، وفتشوا تحتهم عن مصدر الصوت، ورأيت عساكر الأمن تفرقهم، والناس تمشى وترجع مرة أخرى، وبائعة المناديل بينهم تحاول أن تبتسم ولا تقدر، قمت واشتريت منها عِلبة فابتسمت.. وعندما وقف في مواجهة نظري مجذوب ورفع ذيل جلابيته وتبول في قلب الساحة وهو يتمايل لم أجد شيئاً، العساكر في أماكنهم، والناس هنا وهناك يتحركون حركات رتيبة، والسِت بائعة المناديل تمد يدها بالعِلب إلى أصحاب المحلات والزوار، ولا تبتسم.
معنى هذا أن الحسين لم ينادى؟!! معنى هذا أن الحسين لم يصرخ حتى الآن؟!!
لا رد، وسمعت صوت الهدوء المميت يرٍن في أذني، فقمت.
* * * * *
ألقيت عُقب السيجارة خارج الباب وأكملت شرب الشاي. مازال عبد الناصر ينظر بنفس الابتسامة، قمت ووقفت أمامه…
“جمال اتخطف بدري “.. كنا نجلس على الجِسر تحت نخلتين مشبوكتين من الجذر، أبي وعمي وأمي وأنا، وقتها كنت صغيراً، وفى هذا اليوم كنا نجْنِى القطن ولما أذِّن الظهر راحت أمي تجهز الأكل وخرجت أنا أجمع الليف والحطب والبوص الناشف، جمعت ما يكفى لغليان الشاي، خرج أبى وعمى من الأرض، وجلسنا تحت النخلتين في الظل.
نصب أبي رِكاية الشاي: طوًق ما جمعته له بثلاث طوبات كبيرة من على كوم السبخ، وأخرج علبة كبريت من جيب الصُوديري وأشعل عوداً منها في قطعة مشمع وتركها تسيح على الليف والحطب حتى شَبطَتْ النار، ملأت له الغلايْ من جِركن صغير أحضرته معها أمي من البيت، فأخذه مني وأقعده على النار حتى استقر.
كانت أمي قد هيأت لنا ما أحضرته معها، البتاو والجبن وقشر البرتقال المخلل وقرون الفلفل الحارقة، فكًت صُرًة المنديل الزيتي العريض وفردته بيننا، وسمينا الله أولاً. قلت لهم أن الأستاذ خليفة مدرس التاريخ قال لنا عَشِية أن جمال عبد الناصر زمان وزع أراضى كثيرة على الفلاحين، وأنه أعطى لكل نفر خمسة فدادين تكون مِلكه خاصية نفسه
أعاد أبى ببوصة في يده أعقاب الحطب المشتعلة إلى مكانها حول الغلايْ، وقال”الله يرحمه جمال اتخطف بدري، آه لو كان ربنا مد في عمره”، ثم استَغْفَر والتقط الغلاي من على النار.
بعد سنوات من هذه الجَنْيَة كنت معه عند تاجر تقاوي شرق البلد لشراء علبة لِب خيار، هذه المرة محفورة في دماغي، أوعي جيداً على عزيز أبو شَندي والرجال يتدافعون على دُكانه المزنوق ليشتروا منه اللِب، أبي هو أيضاً تدافع معهم وأنا خلفه ودخلنا، اشتري علبة طويلة وخضراء استغلى سعرها كثيراً “اتقي الله يا أبو شندي.. دي زرعة مالناش فيها ومزرعنهاش قبل سابق ومكسبها مش مضمون”، عزيز لم يتفاوض في السعر مع أبي وإنما سحب من يده العلبة وقال “خلصْني مش فاضيلك.. يا تشتري يا تْمَشٍي اللي ف ضهرك”، عزيز النتن الذي كان يدور بالخطًاف الحديد على الغيطان لينقل أكياس القطن خارج الأرض إلى الجِسر على ظهره، ترك القطن وشيله وكبسه وفتح دكان تقاوي للب الخيار والعجور والقمح المستورد.
في السكة سألت أبي “اشمعنا مش هنزرع قطن الموسم ده ياباي؟!”، أسرع في خطاه وأنا ألهث خلفه، قال”الله يرحم أيام القطن.. الدنيا دلوقتي مش هتستنى اللوز ف آخر الموسم.. دنيتنا زي الرهوان ولو زرعنا قطن ف الزمن ده هتقلعنا من جدورنا وترمينا على جنب“.
“قد قامت الصلاة.. قد قامت الصلاة” ارتفع صوت ميكروفون المسجد، وقام عم سيد من على عتبة العمارة فذهب، برقت عيني واضطرب نَفَسي مرة واحدة، ولما لا؟ آه، ولما لا؟، وبينما كنت أعصر عقلي كان الإمام يفتتح الصلاة “الله أكبر“.
* * * * *
ومشيت من شارع الأزهر إلى ميدان العتبة. الإسفلت أسود كما الأيام الحالية، والتراب فوقه لا يمحيه وإنما يخدعنا لفترة، وضوء أعمدة الشوارع الباهت يزيد الصورة ميوعة وضبابية.
سنتان لم أرجع فيهما البلد إلا أربع مرات. لا لا، لم أرجع ولا مرة من أساسه.
تقول رجعت وأنت لم تقعد معهم إلا ثلاثة أيام في كل مرة. تستقبُلك أمك على عتبة البيت بشوق وتحتضنك بحرارة، وأنت في مكان آخر غير حضنها، وتسلم على أبيك بيدك وعينيك تائهتين في الأرض. لا تتكلم أغلب الوقت وهم أيضاً يعاملُونَكَ بالمثل ولا يسألوك ماذا حدث؟ ما لك يا وَلدى؟!.
وتنظُر إليك هي بحزن وعتاب وأنت جالس بينهم حول الطبلية في المساء وتهرب بعينيك إلى أطباق الأكل. وتسمعها –وأنت نصف نائم- تشكو إليه منك، فيغضب ويقول “اللي فيه حاجة يتكلم وينطق”، وأنت لا تتكلم ولا تنطق، وهم أيضاً لا يسألوك.
وتسافر كأنك لم تجئ، وتأتى إلى الدوامة، وتشتاق إليهم. لكنك تعرف أنك إن رجعت فسيتكرر ماحدث. لن تتكلم وهم لن يسألوك.
إلا آخر مرة، آخر مرة، لما قلت لأبيك أنك لن تكتفي بالشهادة لترجع وتعمل مدرساً في إحدى مدارس القرية وترعى الأرض معه “أباي أنا مش هطل عليك وع الأرض كتير، شبكت ف شُغلانة ف مصر هصرف منها وهشيع مبلغ عليك كل فترة”، ياااه، كنت لا تساوى شيئاً أمامه بعد هذا الكلام. لم ينزعج هو في رقدته على الكنبة، قام على مهله وأطال النظر فى وجه أمي بغضب. نعم، لم يلتفت لك ولم يرد عليك ولم يعطك قيمة أصلاً، كنت لا تساوى شيئاً أمامه فعلاً، أقل من البُلغة التي يلبسها في رجله.وبيَت هذه الليلة، آخر ليلة لك في البيت، وبعد ساعات قمت، صبًحت على أمك وزِدت على كلامك أنك مشغول في مصر بحاجات مهمة “مش برمح ورا النسوان يامايا ولا بسكر، لكن وضعي هنا مش هيصلح، ضروري أكون هناك”، كانت قاعدة أمام الفرن الطين ورأسها مدفونة بين كفيها، قالت “الله يصلح حالك ياولدى“.
كل هذا لماذا؟! ها، لأنك رفضت البقاء معهم لترعى الأرض وتسند ظهر أبيك الذي لم يقوَ على العمل بعد انحناءة طويلة، رفضت طلبه ووعدك له الذي كلمك عنه بعد أن أحس بالضعف وأن الصحة لم تعد كما كانت. ماذا كسبت بإصرارك على استكمال التعليم والسفر؟ يا ليته كان سفراً، كان غياباً وبُعداً، وضًح كلامك ولا تجمِله، كان غياباً عن أهلك الذين أكلت وشربت من عرق جباههم أحوالا طويلة، كان بُعداً عن الأرض التي غرست فيها قدميك الصغريتين قبل أن تمسك عود الطباشير وتخُط حرفاً على السبورة في المدرسة بعد ذلك، ماذا جنيت؟ أعطيت عمرك كله للسياسة والمظاهرات والاحتجاجات، هذه هي الحاجات المهمة التي قلت لأمك عليها في اللقاء الأخير؟!، ما الفائدة طالما أن الأهل هناك وأنت هنا والأوضاع زِفت، ما دامت كما هي فلترجع، لتكن معهم طالما أن الوضع لم ينصلِح، لن تفيد محاولة خدمتهم وأنت بعيد عنهم، إذا أردت ذلك فلتجلس تحت أقدامهم أولاً، كيف تنادي بالوحدة وأنت في فراق معهم، كيف تقود مظاهرة هنا وأنت منبوذ منهم وغريب عنهم هناك، أجب! ماذا جنيت؟!.
وَصَلْت إلى السكن، فتحت القفل ونزعت السلسلة الحديد فأحدثت صوتاً اخترق صمت الليل وانتبهت الكلاب الراقدة عند مبرد الماء على الناصية، صعدت السلم المظلم على ضوء كشًاف التليفون، وتعلقت برجلي أكياس وجرائد متسخة مرمية عليه.
في الغرفة الباردة خلعت كل ملابسي. أنا كما ولدتني أمي هناك في البيت الطيني منذ زمن صعب، دفنت وجهي في مخدة صنعتها من كومة ملابس قديمة.
صمت عميق وظلام حقيقي لا أشعر بهما.. نمت.
* * * * *
الظاهر أن الوقت الذي لملمت فيه حاجاتي من الغرفة لم يتعد الربع ساعة: الجلابية القديمة التي ألبسها على اللحم، حِلل وصحون أحضرت فيها أكلاً من البلد مرة، الملابس الممزقة التي أضعها تحت دماغي ليلاً، حتى صورة عبد الناصر طويتها وأخذتها معي، وضعت كل هذا في كيس بلاستيك، وتأكدت أن البطاقة الشخصية معي وصور أخوتي الصغار، ومزقت كل الكارنيهات والكروت الأخرى التي كانت في المحفظة، كارنيهات الجامعة وكروت شخصية لأفراد تعرفت عليهم هنا، وكروت محلات عمل أيام ما كنت أبحث عنه، كل هذا مزقته ورميته في قلب الحجرة وتركتها مفتوحة ولم أغلقها، سآخذ كل شئ جئت به من هناك.
نزلت صليت الركعة الثانية مع الإمام وقمت أكملت التي فاتتنى، وانطلقت مسرعاً في شارع كلوت بك المنتهى ناحية ميدان رمسيس، لا يهم أي شئ تركته، الكتب والصحف والأوراق المجمعة وصور الأصدقاء وهداياهم، لايهم أيضاً اتصال صديقي، يبلغني بمظاهرة ستخرج بعد الصلاة وسيكون موجوداً بها “لازم تيجى، العدد كبير وغير كل مرة”، لم أهتم بما قاله، كنت أفكر في قرار صعب طال تنفيذه “مش هكون موجود” ولم أنتظر استفساره “من غير ليه، لو ربك أراد هشرحلك الموضوع في وقته“.
محطة مصر تقترب منى، يتهيأ لى هذا رغم أنى أسرع بكل عزمي في اتجاه المبني، اجتزت الحواجز الحديدية وعبرت إلى الرصيف الأخير أمام المحطة، ولكن.. التفت رغماً عنى، أصوات عالية وحادة تهتف، كانوا آلافا لم أرها ولا مرة، هذه المرة مختلفة كما قال صديقي فعلاً، لا لا، لا تتراجع عن قرارك، ربما لن تأتي الفرصة مرة أخرى، كفاك، كانت الأصوات تحتد أكثر والناس تنتبه، وقفت وسط الطريق ووضعت الكيس البلاستيك بين قدمي، على شمالي المحطة وأصوات القطارات تزعق، وعلى يميني الأصوات الحادة تهتف وتقترب، وتهيأ لي أن قدماي مغروستان في الأرض، و أن أبي يناديني من على رأس الغيط “يااا وَلَد.. يااا وَلَد“.
خاص الكتابة