فاز بــ «جائزة البوليتزر» الشهيرة مرّتين وبـ «جائزة والاس ستيڤنز» وبجوائز أخرى عديدة. وتم اختياره الشاعر الرسمي السابع عشر للولايات المتحدة عام ٢٠١٠. نشر سبعة وعشرين ديواناً آخرها «زمن الحديقة» الذي اختيرت منه هذه القصائد. ويلخّص عنوانه هاجسين أساسيّين في شعر ميروين، خصوصاً في العقود الأخيرة، وهما الزمن والطبيعة، وعلاقة الإنسان الجدليّة بهما. يعيش ميروين في جزيرة هاواي منذ أكثر من ثلاثين سنة. وقد ترك موطنه الجديد أثراً عميقاً على خطابه الشعري الذي يقطر ألماً وحيرة إزاء الدمار الذي يحيقه الإنسان ببيته الأكبر: الأرض. «في آخر يوم في العالم أريد أن أزرع شجرة» يقول ميروين. الشعر بالنسبة إلى ميروين: «طريقة في النظر إلى العالم للمرة الأولى». هناك دائماً محاولة للعودة إلى البدايات، بل ما قبلها. العودة عبر اللغة إلى ما قبلها. وتتبع نهر الزمن إلى منابعه في الذاكرة والطفولة والتقاطع مع الأزل. ترجم سركون بولص مختارات من قصائد ميروين نشرتها «دار الجمل» عام ٢٠١٣. وقد ترك شعره أثراً كبيراً على سرگون.
في إحدى تعريفاته للشعر يقترب ميروين إلى تعريف العرب له (قول ما لا يقال): «والشعر هو في الحقيقة قول ما لا يمكن أن يقال. ولهذا يلجأ إليه البشر في لحظات مثل هذه. لا يعرفون كيف يقولون هذا، لكن شيئاً ما في داخلهم يحسّ أن القصيدة قد تقوله. لن تقوله، لكنها ستقترب من قوله أكثر من أي شيء آخر». وميروين هو من أولئك الذين تنجح قصائدهم في ذلك.
……………….
عازف بيانو في الظلام
الموسيقى ليست في المفاتيح
فهي لم تُبْصَر أبداً
تبدأ الأنغام بالبحث
عن بعضها البعض
مُصْغية إلى طريقها
وحين تتحرك تكون هي الموسيقى
التي كانت دائماً
بانتظارها
تهتزّ الأوراق في هواء الليل
الذي يتغيّر حولها
ويصل المطر ببطءِ نغمة صغيرة
تغنّي المفاتيح لنفسها
في حلمها عن الرقص
تصنع موسيقاها الخاصة
مرّة أخرى
من ظلالنا
ما أكثر كلمات الحزن
وما أقل كلمات الفرح
ولا واحدة ربّما
يمكن أن تحكي
صوت ذلك النبع السرّي
الذي يفيض منذ زمنِ
ما قبل الكلمات
ومع ذلك، فحين يتصاعد صوته
داخلنا
نريد أن نخبر أحداً عنه
هذا إذا ظلَّ ليستمع
نريد أن نتحدث
عمّا وراء الكلمات
قد يتصاعد الحزن فينا
في قلب السعادة
وقد يفاجئنا الفرح
في قلب حزنٍ عظيم
كلاهما يعرفنا
من قبل أن نكون هنا
لكن إذا تحدثنا إليهما
فالحزن وحده سيبقى
ليصغي إلينا
والفرح سيختفي
لينتظرنا
وسيكون حيث لا نتوقعه بالمرّة
كرز أسود
أواخر أيار حين يمتد الضوء قبيْل الصيف
وترفرف الحساسين الصغيرة هابطة
عبر اليوم لأول مرة
لتجد نفسها بين البتلات المتساقطة
تحتضن ألوان يومها في ظلاله
في الحديقة بجانب البيت القديم
بعد ربيع بارد بلا مطر
لا صوت يأتي من القرية الخالية
أقف وآكل الكرز الأسود
من الأغصان المليئة فوقي
وأقول لنفسي: تذكّر هذا!
مطر عند الفجر
كل قطرة تعثر على ورقتها
ثم تتبعها أخريات إذ تنتشر الحكاية
تصل دون أن تُرى
إلى حيث الحمائم المستيقظة
التي تجيبها من نوم الوادي
لا صوت
ولا زمن
غير هذا
نهر
يا لي بو، لقد ذهب القارب الصغير
الذي حملك لعشرة آلاف «لي»**
مع مجرى النهر مروراً بقردة الغيبون
وهي تنادي من الضفتين
لقد ذهبتْ هي أيضاً
والغابات التي كانت تنادي منها
ذهبتَ أنت وكل صوت سمعتَهُ ذهبَ
ولم يبق الآن شيء سوى النهر
الذي كان دائماً يمضي في طريقه
*لي بو: شاعر صيني (٧٠١-٧٦٢)
**لي: وحدة صينيّة لقياس المسافة.
نَفَسُ يومٍ
ليلة أمس نمتُ على قاع البحر
في جزء ساكت من المحيط
في الصباح كان طريق الصعود طويلاً
عبر الشوارع المظلمة في بلد صامت
لا لغة في بيوته الخاوية
وما كدت أصل إلى سطحِ
صباحٍ لم أره من قبل
هبّت نسمة عليه وبدأتُ
أتذكّر أصوات الأوراق الصغيرة
حفيفها قبل أن تجدها
لمسة ضوء الشمس
وتستدعيها وتأمرها بسلطتها القاطعة
وتظل الأوراق تهمس إليها
عندها يكون البحر قد اختفى
الهديّة
بينما كانا يخرجان من الجنّة
انحنى أحد الملائكة ووشوشهما:
يجب أن أعطي لكما هذا
وأنتما تخرجان من الجنة
لا أعرف ما هو
ولا ما ستصنعان به
لن يكون بإمكانكما أن تحتفظا به
ولن تحتفظا
بأي شيء آخر
مع ذلك مدا يديهما حالاً
ليأخذا الهديّة
وحين التقت يداهما
ضحكا