سارة يوسف
اعتقدت منذ زمن أن أفضل شيء أن أكون وحدي. هذا الحيز الصغير من العالم مساحتى منفردة.لا يسكنها الآخر. واليوم أتقاسمه بيني وبين نفسي، فالصبح لي والليل معي. والقلب أقرأ عليه كل صباح ترنيمة حكايتى الحزينة، كى لاينسى. والروح، قلت لها إن الوقت سيمر وتطيب.أما الجوارح عودتها على التجاهل قدر الإمكان.هكذا كانت الخطة.
وماذا عن الشتاء؟
الليل والبرد والمطر، كيف أواجه ثلاثتهم وحدي؟
لا شايا ولا أغنية لفيروز، ولا حتى جين إير ولا فيلما رومانسيا.
وندوب الماضي المحفورة تحت الجلد والتي خدرتها الأيام.تعود كلما هب النسيم.
وروائح ما كان،البيت واللمسة ،العناق ليال طوال،عرق الكلمات المتعبة.عطره الساكن في جنبات كتاب قديم.
ما أقسى على المرء من ذاكرة حية؟
تصف، وتعيد المشهد وبالألوان، دون رقيب.
تمنعك في كل مرة أن تسامح.فكيف وهى لا تنسى؟
وكيف تنسى؟
ربما في حياة ثانية !
في العام الراحل، خبرتنى العرافة كل شيء لايهم: ستسافرين، ستنجحين.
قلت مستبشرة: وماذا عن الوحدة؟
صمتت.
سألتها :ستكون أبدية؟
صمتت. وانصرفت وتركتني وحدي أردد كلمات ريلكه: ستعيش وحدك وتموت وحدك.
الجو ماطر خارج البيت، ـتذكر جلستنا قديما، أنا وأبي وحكايات السيد البدوي. أحاول أن أتلمس صوته البعيد في سكون مقيم ولا صوت ولاصدى.
وسؤال يطفو فجأه :هل تقتلني الوحدة؟ هل هي ملاذي؟
أترك الإجابة للسماء.
مرة قال توفيق الحكيم: هل يمكن أن يدق القلب دقة أو دقتين يعقبها البعث والحياة؟
وأنا في هذه الساعة أنفض وحدتى، أخلعها قليلا وأردد معه..وأتراجع كما تراجعت نجاة ونادت: ارجع إليّ.