نوستالجيا

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 

عبد الغفار العوضي

 تأتى الكتابة من وردة تركناها كذكرى في كتاب طفولي ،

ونحن نحاول اصطياد تلك الرائحة /

التي وزعتنا كهدايا على الأرصفة ..

فيما نقف كعجائز من الشمع ،

ننتظر مرور قطارات الأيام ،

لنرجع إلى محطة

غابت في خارطة الكف ..

كشريان ميتٍ !

****

غيمة من الألوان /

تمر على سماء بالأبيض والأسود ..

رسمتها بقلم رصاص ..

بينما كنت أدرب أصابعي على خلق العالم ،

باستعمال مخيلة بسيطة ،

لم تدرك بعد صراع البديهيات !

****

موسيقى ..

تلك أصابعها الباردة وهى تعيد لملمة أعضائي /

مثل حطب جاف ،

يصلح لتدفئة وحدتها ،

وهى تتذكر طعم قبلتنا الأولى ،

 

بعد انتهاء فصول المدرسة ،

وبعدما انتظرت سبورة خضراء ،

أن نرسم عليها حديقة شتائية /

تكفى حرارة جسدينا ..

لإشعال كل شجرها مصابيح ،

من جذوة توقد من جذور الروح !

****

لا نستطيع عبور بحيرة الوقت ،

نغرق في الـ هنا ..

الآن /

حتى يخرج الماء من كل أصابعنا ،

مثل عرق فائر

ونحن نحاول بعد كل عناق

أن نمسك بشغف ..

بقشة التفاصيل !

****

هنا كنت أخبئ وردة الوقت ،

التليفزيون الأبيض والأسود ،الراديو الخشبي العتيق ، رائحة الشوارع، ورق أصفر في زوايا الروح، غبار الحوائط التي نسند عليها الروح في انتظارها البرزخىِّ، نعومة الملامح التي قصفتها حروب الملح، تلك البيوت التي لم تزل منقوعة في زيت الأمكنة كثمرة بطاطس اهترأت من زحمة التفاصيل /

حواف الطوب التي تتساقط كلما لمسنا تجاعيد الحزن في جبهة البيوت ،

لا نستطيع الوصول لعصب الغرف المغلقة ،

دون الاهتداء بمصابيح القلب ، وعطر منسي على أطراف أناملنا ..

****

السعادة ،

أن أترك صبارة على قبر تلك الأم ،

التي نامت هنا على عتبة البيت ،

كي ترعى شجرة أيامنا الحزينة !

****

أتذكر وجه ذلك الملاك

الذي حاول معي كتابة قصيدة ،

لفتاة ..

أمسكت بيدها مرة ،

وأنا أعبر بها شارع المدرسة ،

....

كانت أحلامنا بسيطة ،

نأكلها مثل أرز مع ملائكة صغار ،

ينامون معنا في أسرَّة البيت ،

ويسبقوننا كرياح الصبح

إلى حوش مدرستنا الصغير !

****

غرست وردة في كتاب المدرسة

وأهديتها للبنت التي تحولت

بفعل النسيان ،

إلى حديقة كاملة من الحزن ،

****

لم أقل لها أحبكِ

كانت أسوار القلب ،

أطول كثيرا من أظافر يدينا ،

ونحن نهرب من لعثمة الفرحة !

****

  تركت آخر خصلة من شعرها ،

كبذرة رمان /

تنفرط من روحي أسباب غامضة للحزن ،

لا أدرك من أين تأتى ..

كنت أضفر لها شعرها كلجامين من شبق /

تجري بهما خيول الريح ..

الآن ،

تجف في قلبي صبارة جسدها الطري ..

وأنا أتوغل في صحرائي ،

كرياح برد قاسية !

****

كلما مررت من هناك /

تطوى عظامي ،

كدفتي وردة ..

تنغلقان على عطر ميت !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 شاعر مصري 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني