حمد سعد الدين *
شخصية السوبر مان القادر على قلب الموازين والذى يستطيع عمل كل شيء لصالحه بصرف النظر عن القوة المقابلة له, هى الشخصية التى اخترعتها السينما الأمريكية منذ سنوات عديدة وحاولت ترسيخ صفاتها عند المشاهد فى العالم الثالث لدرجة أن هناك أجيالا كاملة وضعت نصب عينها هذه الشخصية لتكون مثلاً أعلى فى كل تصرفاتها , هذا ما تذكرته بوضوح أثناء مشاهدة فيلم ” نور عيني ” بطولة تامر حسنى ومنة شلبى وعمرو يوسف وسعيد عبدالغنى ومن إخراج وائل إحسان , المشكلة الأساسية تكمن فى أن تامر حسنى كمطرب حقق قدرا معقولا من النجاح وله شعبية بين المراهقين حاول أن يتقمص هذه الشخصية السوبر بأن يكتب ويمثل ويغنى ويلعب الكرة بنفس كفاءته فى الغناء لكنه إصطدم بمشكلة أخرى وهى أن لكل ملعب قانونه الخاص ومهاراته التى تتماشى مع أصول اللعبة فليس معنى أن ينجح شخص ما فى الغناء أن يكون بالضرورة ممثلا جيدا ونفس الشيء لو حقق نسبة من النجاح فى فيلم أن يصدق نفسه ويكتب قصص أفلامه ويأتى بسيناريست مخصوص ليكتب له سيناريو تفصيلا فيظهر العمل مهلهلاً غير واضح المعالم فيصيب المتفرج بحالة من التوهان لكثرة المط فى بعض المشاهد والتطرق لشخصيات جانبية ليس لها تأثير على الأحداث ,
فالفيلم تبدأ أحداثه بالصديقين ” أحمد ” تامر حسنى و ” طارق ” عمرو يوسف وهما يلعبان الكرة فى الشارع ثم يكبران ويفترقان حيث يسافر طارق للخارج لتكملة دراسته العليا بعد اغتصاب حقه فى التعيين الجامعى لصالح أبن أحد الأساتذة, أما الثانى وهو أحمد أو تامر حسنى فهو بيت القصيد الذى تعمل كل العناصر الأخرى فى خدمته حيث يعمل مغنى فى فرقه تعمل فى أحد الفنادق ويحاول تحسين دخله فيلجأ لأستاذه د.سمير المصري ” سعيد عبدالغني” قائد الفرقة الموسيقية الشهيرة الذى يختار له إسم ” نور المصرى” ويعرفه بــ “سارة” أو منة شلبى الفتاة الفاقدة للبصر جراء حادث سيارة لم يوضحه السيناريو وتقوم بعمل الألحان للمسرحية الغنائية التى ستقوم الفرقة بعرضها فى بعض الدول العربية , والسيناريو أيضاً لم يتطرق من قريب أو بعيد لعمل هذه الفرقة وماذا تقدم وهل هى فرقة مسرحية غنائية أم فرقة فنون شعبية لا أحد يدرى, وبالطبع لابد أن يكون تعارف “منة وتامر” فى مشهد يظهر قدرة البطل فى الدفاع عن البطلة بالقوة الجسمانية بشكل إستعراضى ثم يحدث التعارف والتقارب بينهما بعد ذلك , فى نفس الوقت يعيش بطل الفيلم الذى هو من طبقة متوسطة حسب ما فهمنا من بداية الفيلم , داخل بيت كبير مع شقيقه ” إسلام ” المدمن للمخدرات والذى لا يفيق منها ابداً ويأتى بأحد أصدقائه ليشاركه الإدمان فى وجود الشغالة التى تتسم تصرفاتها بالعبط ومع ذلك لا يقترب منها الأخ المدمن أو صديقه فى حاله غير منطقية تماماً على تصرفات المدمنين , المهم أن العلاقة بين البطل والبطلة تتوطد ويسافران مع الفرقة إلى بيروت وقد ظننت مثل العشرة أشخاص الجالسين متفرقين فى صالة العرض بجوارى أن سبب السفر هو عرض المسرحية هناك لكن واضح أنى كنت متفائلا فالإجابة جاءت مختلفة تماماً حيث إن كل ما عرض عبارة عن فيديو كليب لأغنية يغنيها ” نور ” لـ “سارة ” بين المناظر الطبيعية الخلابه فى لبنان وفى نهاية الرحلة تستمع ” سارة ” من خلف الأبواب لكلمات “نور” وهو يتحدث عن فتاة أخرى لا يطيقها وإنما يعطف عليها فتظن أنه يتحدث عنها فتغضب وتسافر إلى أوروبا وتصمم على إجراء عملية لإعادة البصر فى نفس الوقت الذى يتعاطى ” إسلام ” شقيق نور جرعة زائدة من المخدرات يموت على آثارها فى أحد المستشفيات لحظة وصول شقيقه , وهنا فقط يتذكر السيناريست أن الخط الدرامى للقصة هو الصراع بين الصديقين على قلب الفتاه لذلك وجدنا أن الصدفة دفعت بالفتاة الكفيفة إلى العلاج فى المستشفى الذى يعمل بها طارق ويكون صاحب فضل فى عودة البصر لها ثم يخطبها ويعود الاثنان معاً إلى القاهرة لملاقاة صديق الطفولة الذى هو “نور ” فيحدث صراع بينهم ينتهى بتنازل طارق لصديقه عن حبيبته بعدما دافع عنه ضد ابن الأستاذ الجامعى الذى حاول قتله فى مشهد أقرب إلى أعمال قصص الأطفال , إلى هنا إنتهت أحداث الفيلم غير المنطقية والتى تعانى من عدم الترابط بين شخصيات قريبة وبعيده عن بعضها فى نفس الوقت, وبدأت أسئلة كثيرة تدور برأسى وأنا خارج من صالة العرض وهى هل لو حذفت نصف مشاهد الفيلم من الممكن أن يحدث أى خلل بالسيناريو ؟! بالتأكيد لا , ما سر وجود عبير صبرى ومنه فضالى ؟ ما الداعى لوجود إسلام شقيق تامر المدمن وصديقه ضمن الأحداث ولو تم حذف مشاهدهم بالكامل لكان أفضل أما مروة عبدالمنعم فأعتقد أن وجودها حتماً جاء من باب التفاؤل فقط لا غير أما النتيجه فيتحملها المخرج وائل إحسان الذى لم يستطع ضبط إيقاع ممثليه والتقاعس عن مونتاج بعض المشاهد واهتمامه بإرضاء بطل الفيلم بصرف النظر عن المعايير السينمائية للعمل وأعتقد أن هذه نقطة فارقة فى مشوار “وائل” الذى لم يقدم أى جديد منذ فترة طويلة وعليه أن يعيد حساباته وألا يقبل أعمالا بلا مضمون , أما ” منه شلبى ” فلم يضيف الدور لها شيئاً وبالتالى لم تضيف هى للدور أى جديد فقد حاولت الإمساك بمفاتيح شخصية الفتاة الكفيفة لكنها لم تستطع الاستمرار على نفس الوتيرة فوجدنا أداء متميز فى بعض المشاهد ودون المستوى فى مشاهد أخرى ,أما تامر حسنى الذى يصر على الكتابة فلم يقدم أى جديد على مستوى الأداء سواء كان تعبيراً أم صامتاً ,اعتمد فقط على نجوميته وقدم نفس الشخصية التى ظهر بها فى أفلامه السابقة فقط زاد عليها محاولة رمى الإفيهات المفترض أنها كوميدية والبصق على زملائه فى مشاهد مبتذلة كان من الأفضل حذفها بدلاً من حالة الاستظراف التى حاول أن يظهر بها , لذلك عليه أن يبحث من الآن عن سيناريو جديد لأحد الكبار فى هذا المجال يتناسب مع إمكاناته كمطرب يدخل مجال السينما وفق قواعد وأصول العمل السينمائي ……..وليس من منظور النجومية إن كان يريد الاستمرار وإلا عليه الإكتفاء بالغناء فقط والتركيز فيه مثلما فعل مطربون كبار خاضوا تجارب سينمائية قليلة لم يكتب لها النجاح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ناقد سينماي مصري