البحري المصطفى
حاولت أن أتعلم الموت لأوقات
قصيرة قبل أن أجرب الحياة
تماما مثل بوكوفسكي
حين لا أرد على أمي وأنا مستغرق
في النوم ، تقول بحزم : “دعوه
إنه يجرب الموت.”
أمشي في الشارع وأنا نائم .
أراوغ أعمدة الكهرباء .
أراوغ السيارات .
أراوغ الجميلات .
حين أعود ولا أصطدم بباب البيت
تقول أمي: “دعوه إنه يجرب
الحياة.”
حين أجرب الحياة أكثر أتحول إلى
شجرة صفصاف بابلي.
نادرا ما أفعل ذلك
لأنني غالبا ما أغط في نوم عميق
تعتبره أمي موتا حقيقيا .
27/6/2025
**
في مطبخ أمي تعودت على طبخ أحلام أسرتي النيئةَ.
لإنضاجها كنت أحتاج لمهارات خاصة .
كانت بعض الأحلام عصية على
الطبخ .
أذكر أني أنضجت حلم أخي الأكبر
فصار صيادا ماهرا
رجع من أمسية صيد بقمر صغير
يجره خلفه بحبل .
وأذكر أني أنضجت أيضا حلم أمي
صارت شجرة
شجرة كستناء بعيون شديدة اللمعان
كان حلم أبي جميلا وناعما.
لم يصدق عينيه حين رفرف
برشاقةِ فراشةٍ إلى أعلى الشجرة
شجرة الكستناء .
لكن حلمي أنا كان الأصعب . لم
أستطع إنضاجه حتى الآن.
وكانت أسئلة أختي الصغيرة
تحاصرني في كل مرة:
(ألم تصِرْ بعد مصباحا سحريا
يضيء عتمة العالم؟)
2/7/2025
*
لا أحب أن أقف طويلا
أمام التوابيت
أمس زرت قبر صديقي
وضعت قليلا من الورد الأبيض
جهة الرأس
ورششت قليلاً
من ذكرياتنا
جهة القلب
ثم انصرفت
عند بوابة المقبرة
كان صديقي ينتظرني
ودعني ثم عاد الى قبره .
30/06/2025
*
في باب المشرحة
تستلم الممرضات
جثثا مرقمة
لأطفال بلا رؤوس
كانت المشرحة باردة جدا
وموحشة
وكانت الممرضات
تضعن على التوابيت الصغيرة
كرزات حمراء
سرعان ما ترفرف
على هيئة فراشات
كان الجنود غاضبين
كانوا يريدون أن ينهوا
القصة سريعا
دون كرز ودون
فراشات.
17/6/2025
*
على قارعة الطريق
دوري نافق .
أمد يدي
كي أحمله
إلى مكان يليق بالموتى .
يفاحئني بقهقة ساخرة
ثم يطير
*
صديقي حسن
يحمل دوما
حقيبة السفر
حسن
يرى قطارات سريعة
في كل مكان
حتى في غرفة
النوم.
*
كنت أسأل أمي
عن حصتي من الحليب
حتى حينما كبرت
كانت تكتفي
كما في السابق
بدمعتين صغيرتين
على فمي
*
كان أبي يطيل النظر في عيني
كنت أشعر انه يبحث عن شيء ما
عرفت بعد سفره الأخير أنه
كان يبحث في عيني عن مكان آمن
يستريح فيه من عبء الحياة
*
مثل مطر سينمائي
تتساقط فوقي حبات المطر دون الاخرين
كانت أمي تقول إن مطر أبريل يغسل صدأ الحزن
لذلك كانت تخزن ماء المطر في أواني المطبخ
23/6/2025