علی رضازاده*
مصر بعيدة جدا عن بلادنا ولم أصدق أن الأدب المصري سيُقرأ في بلادنا، التي كانت تحت الاحتلال السوفيتي لمدة 70 عامًا. سقطت السلطة السوفيتية، وتحرر بلدنا، وأعادت هذه الحرية الحياة إلى أدب أذربیجان. أذربيجان اليوم دولة مستقلة، ومكتباتنا الآن مليئة بكتب عباقرة الأدب في العالم ونجيب محفوظ له مكانة خاصة بينهم.
التقيت به لأول مرة عند قراءة القصص الصغيرة. کنت طالبًا فی کلية اللغة والأدب العربی في سن مبکرة.
في تاريخ الحياة الاجتماعية والثقافية والتفكير الأدبي والفني في الأدب العربي، يلعب نثر نجيب محفوظ دورًا مهمًا. إن جائزة نوبل للكاتب نجیب محفوظ، الذي قدم نفسه بكلمات “أنا ابن حضارتين”، هو في الواقع نجاح النثر الشرقي. تتزامن سنوات حياة الكاتب التي تمتد ما يقرب من خمسة وتسعين عامًا مع فترة صعبة للغاية من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تاريخ الدولة المصرية. إنه كاتب نجح في الوصول إلى صوت أمته، سواء الثقافات والحضارات، على الرغم من المحظورات والرقابة التي فرضت خلال فترة حفظه النبيلة. وصفه كثير من النقاد العرب بأنه مؤرخ ومؤرخ كتب ببراعة تاريخ مصر الحديثة.
يتذكر سنوات شبابه باعتبارها أسعد لحظات حياته. غالبًا ما يزور هو وأصدقاؤه متجرًا صغيرًا في القاهرة القديمة يمتلكه المعلمون، لقد أمضوا وقت فراغهم في شرب الشاي ومناقشة مختلف الموضوعات
عندها بدأ محفوظ في حب الأحياء القديمة في العاصمة. هذه الأماكن أصبحت فيما بعد مركز الأحداث في رواياته من سلسلة القاهرة.
بينما كان لا يزال في المدرسة الثانوية، قرر أن يبذل قصارى جهده في الأدب، يكتب روايات في حکایات صغيرة، يسعى إلى تقليد مصطفى لطفي المنفلوطي راوي القصص العاطفي الشهير في القرن العشرين. لكن إبداع طه حسين، الذي يسميه “معلم الجيل”، يتأثر به نجیب بشكل أكبر. حتى أنه يكتب قصة “سنوات” كإشادة بـ “الأيام”، وهي سيرة حياة شهيرة كتبها طه حسين. ولكن مثله مثل العديد من الأمولفات الأخرى المكتوبة في شبابه لم ينشرها أبدًا.
في سن الثامنة عشرة، یدخل محفوظ كلية الفلسفة بجامعة القاهرة والتى كان قد تخرج منها مع مرتبة الشرف في عام 1934 وبدأ في كتابة أطروحة في مجال علم الجمال. لكن بعد فترة تخلى عن الفلسفة واختار فن الكتابة.
كتب كما حصل على كبار السن. بعد هجوم مسلح، أصيبت يده اليمنى بالشلل واستمر في الكتابة لمدة 4 ساعات في اليوم. نجيب محفوظ كان الكاتب الأكثر نفوذًا في مصر والعالم العربي. عرفه خمسة أجيال من الكتاب بأنه استاذهم. وواحدة من الروايات الشعبية له والمفضلة للموسوعة هي “قصة حارتنا”، وترجمت إلى لغتنا. تعود هذه الرواية، التي كُتبت في السبعينيات من القرن الماضي، إلى سن الرشد من إبداعات محفوظ. تدور الأحداث في حي الجمالية في مصر، والذي يمكن اعتباره نموذجًا صغيرًا للمجتمع العربي. يتكون المؤلف من 78 قصة على حدة. الكاتب الذي توفي عام 2006، كتب 34 رواية وأكثر من 350 قصة.
مصيره المؤلم لا يؤذي المصريين فحسب، بل يؤذينا نحن أيضًا. يقولون إن الكاتب ليس له موقع جغرافي، الكاتب المصري هو أيضا أذربيجاني و الكاتب الأذربيجاني هو أيضا مصري. على الرغم من أن الكتابات بلغات مختلفة، إلا أنها لا تحتوي على لغة أو دولة، لأن الكتابة لا تأتي من القلم بل من القلب ومن العالم الروحي.
اليوم، نجیب محفوظ معروف بالفعل من قبل الجميع في أذربيجان. القراء الأذربيجانيون يحبون الكتاب الذين يقولون الحقيقة ويحبون الإنسانية، الشخص الذي يحب الناس ليس له وطن بالنسبة له كل ركن من أركان العالم هو موطن له، و نجیب محفوظ من ذلک الكاتب ایضا. هو لیس فقط کاتبا مصريا هو کاتب اذربیجاني ایضًا. فی الوقت الحاضرلا يوجد شاب أذربيجاني لا يعرف قصته على الأقل. کثیر من روایاته قد ترجمت إلى اللغة الاذربیجانیة.
أنا أتذكرقبل بضعة أشهرأقيم معرض الكتاب الدولي في باكو، رضا عطية ممثل هيئة الكتاب المصرية کان یشارك في معرض باكو الدولي، کان یقترب الشباب منه وينظرون إلى الكتب ویسألون عن مولفات نجیب محفوظ.
ذات مرة، خلال محاضرتی في جامعتنا عن نجیب محفوظ سألني أحد المستمعين: كيف يمكن أن يكون نجیب محفوظ یعیش فی مصر و نحن هنا فی آذربیجان و لکن القراء الآذربیجانیین يقرؤونه و یحبونه. ابتسمت و قلت: بالطبع، هناك مسافة كبيرة بين مصر وأذربيجان لكن الأدب ليس له حدود أو مسافات، الكلمة مقدسة بحيث لا يمكن حصرها داخل أي حدود.
اليوم، يتعلم الكتاب الأذربيجانيون مثلي من شخصيات عظيمة مثل نجيب محفوظ الحب والتفكر والتفكير في الناس. لحسن الحظ، فإن كتب نجیب محفوظ في أذربيجان هي على نفس رف كتبنا العظماء نظامی کنجوی، جلیل محمد قولوزاده و الخ..
……………
* کاتب أذربیجانی