نجلاء علام … إنسان من يوتوبيا !

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 78
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

إبراهيم محمد إبراهيم

حينما أريد أن أشير إلى إنسان من يوتوبيا ، أو أذكر أديبًا متكاملًا يظهر لي شخوص قليلة مرت في حياتي ، منها كاتبة تسعدنا بقلمها العبقري ولغتها الرشيقة وحضورها الفذ ، نجلاء علام ليست مجرد كاتبة قصة أو رواية لكنها تتخطى بكتابتها وجهدها  آفاقًا جديدة وعوالم سحرية شائكة ، دخلتها نجلاء وأدخلتنا معها بسلاسة ويسر دون معاناة ودون توتر ، تدخل بنا نجلاء عالم الطفل من أبوابه الرسمية وأبوابه الشعبية ، فهي في ( قطر الندى ) كاتبة قديرة تنسج من خيالات الأطفال وتسرح معهم في مدارات لا نهائية ولا محدودة وتقتحم عالم الطفل في مدرسته وناديه وبيته ، لا تنتظر أن يدخل عليها الطفل مقر المجلة عارضًا قضيته ولا شارحًا همومه بل تذهب هي بطاقم عملها كاملًا إليه أينما كان ؛ يتيمًا في دار الأيتام أو مريضًا في مستشفاه أو تلميذًا في مدرسته ، في قريةٍ كانت أو مدينة ، تختصر المسافات وتأخذ المبادرة وتمد يد الفرح لزهرات مصر وفلذات أكبادها ..

وهي على الصعيد الشخصي مثال الشفافية والرقة والإيثار ولو كان بها خصاصة ، لم يقصدها أحد يمكنها أن تساعده وتوانت بل تشحذ همتها وطاقتها لتكون نورًا يهش الظلام ورياحين تزيح ستائر الحاجة ونجمة تمحو غيابات الحيرة ، ومن المواقف التي لا أنساها في معرض الكتاب في إحدى دوراته بالقاهرة ، رأيتها جالسة وحيدة بالمقهى الثقافي فذهبت أسلم عليها لكن المفاجأة أنها ردت ببرود شديد لم أعهده بل وأنكرت أنها نجلاء وأنها لا تعرفني من الأصل ، اعتذرت لها اعتذار المذهولين وانصرفت وأنا أكلم نفسي ولا أدري ماذا حدث ..

بعد كل هذه السنين يا نجلاء تنكرينني ، قررت فورًا  أن أغادر المعرض كله كارهًا اليوم الذي عرفت فيه نجلاء فإذا بي أمام نجلاء الحقيقية بابتسامتها الصافية تبادرني هي بالسلام ، يا خبر اسود !! من إذن تلك الشرسة التي كلمتها منذ قليل ؟ لا يمكن أن يكون التشابه بين شخصين إلى هذا الحد ، ليس ثمة تشابه بين الفتاتين إلا في ملامح جسدية ، كيف اختلط عليك الأمر يا فتى ؟! كيف لهذه الإنسانة أن تتجهم وأن تنكر وأن تعبس ، قد تتشابه الأجساد إنما لا يمكن أن تتشابه الأرواح وأن تصير الملائكة نسخًا مقلدة هكذا …

أعتذر لك إذن يا نجلاء وأنت تقرئين هذا الموقف للمرة الأولى ، على خبلي وأنا أتصور أن نجلاء هي من يتنكر أو يتجاهل !!

عرفت نجلاء لأول مرة في الجامعة ، نشيطة مفعمة بالأمل والطموح لكن في طريق خطأ ؛ وكانت تجمع الأخبار عن مسرح الجامعة والأنشطة الطلابية وترسلها لمجلة المسرح ، يا نجلاء ! أنت أكبر من مجرد مراسلة لمجلة مهما كانت ، لغتك وإحساسك المرهف وأنت تخطين على الصفحات البيضاء قصصك المدهشة عن بطلة قصصك الأولى ( نور ) الفتاة التي خلقتها هي وعالمها البريء لا يمكن أن تتقولب وتنكمش ليصير خبرًا هنا أو هناك ، يا نجلاء ! أنت كاتبة مبهرة وروائية رائعة وناقدة مستنيرة ، لا أبالغ لو قلت إنك ستصيرين من أهم كاتبات مصر بعد أن نتخرج في الجامعة لأنك مخلصة لأحزانك ومتوحدة مع شخوصك ، لغتك صادقة وصادمة تقترب بشدة من الشعر ، تتمدد آفاق الكتابة أمامك وتزداد ألقًا بشمعتك وأنت تؤرقين غفوتها وتثيرين صحوتها وتلمعين بهجتها ، ننتظر منك عملًا ضخمًا يكون علامة في تاريخك ككاتبة ويزين المكتبة العربية بدرة من درره ، وها هي النبوءة تتحقق وتتقدم نجلاء المشهد الثقافي لتصير من كاتبات الصف الأول بمجموعات رائعة من قصص قصيرة وروايات وكتب للأطفال ومراجع هامة لا يمكن تجاهلها لأي باحث عن أدب الطفل ، هنيئًا لنا بكاتبة بحجم وقدر نجلاء علام ..

 عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم