من يريد دماً أزرق للكتابة؟؟

من يريد دماً أزرق للكتابة؟؟
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

سميرة البوزيدي

أعترف بأن فعل الكتابة مغرور ومليء بالأنا ..نكتب القصائد بمتعة خاصة وننشرها في هواء فارغ من قراء حقيقيين ولنعلم اننا على قيد الحضور، والأنا الملعونة مسرورة بكل شيء، بعظمتنا الباهرة وبكلماتنا التافهة وأخطائنا المتكدسة، الكتابة منزلق لذيذ وأرجوحة تحلق بنا في فضاءات تفترض طقوسها ، نكتبها بأناقة مفرطة ونمسح عنها الغبار ولنقول نحن هنا في غياهب ورق يتبعثر في زوايا تضيق لفرط أحلامنا،الكتابة مجرمة، مدانة دائما، شاهدة اثبات تغيب من شدة حضورها، قاضية تقرع الرؤؤس بمطرقة ثرثارة، لاوقت لسراح مشروط ولا غياب عن العقاب.. الكتابة عاهرة صادقة، تنزع ثيابها في هواء المدينة تغتسل من إثمها في نافورة عامة وتخربش على فراشها تاريخ ثدييها، الكتابة مهنة حزينة كما يقول احد الكتاب الراحلين، نرحل نحن وتبقى بعدنا متنطعة ومغرورة وبريئة، ومليئة بالريبة تماما مثل كل شيء.

الكتابة موتنا السريري وهو ينشط بالسموم والمكدرات وبسيرة الحزن المديد على طول عروقنا الموشومة بإبر القتل الرحيم ، الكتابة زعاف لترياق غبي ينزلق في العدم.

الكتابة عذاب مشروط بمشاعر ممجوجة ومحترقة، الكتابة مجد الزائلين

وحلم الخلود .. الخلود الفكرة الأشد غباءً في العالم .

نريد أن نكتب عن كل شيء ..نلف طرفي العالم في نص واحد، نص مغرور ومليء بالتفاهات نرميها في الكتب وعلى المنابر والنت ونزعق بها في الغابات والجبال والبحار والمدن التي لم نزرها والمدارس والمقاهي وعلى الطرقات وفي ازدحام النهار وفي غليان البركان، وفي أذن سمكة برتقالية تعوم وحيدة في دورق ابيض، ولنسيج أريكة قديمة نرميها من ذاكرة النافذة، نريد أن نتلقف الدنيا بسحبة واحدة من سيكار يثقب رئة احلامنا وينفث الدم، دم أزرق هو دم الكتابة مسكوب على الجدران وينقط على السلالم المكسورة .. من يريد دما ازرق للكتابة ..؟ كتابة تجلس على الأرض وتنظر للسماء .

عندما أكتب في الليل يهرب النوم من نوافذ روحي تتسع الغرفة وتحلق الستائر خارج الشرفة .. الكتابة فرصة للسعادة وللموت من الغبطة وللتدحرج في غبار فرح مؤقت .. الصمت الكسلان يستيقظ في الظلام مثل جنادب الليل تحك انوفها على أشجار الحديقة وتهرش الأرض بحثا عن الديدان .. يجب أن تكون الكتابة مليئة بالديدان ليستطيع الصمت أن يصرخ من الجوع .. الجوع للكلمات المغايرة وللمعارف المدهشة وهي تغرف بصحونها الأزلية منذ ايام الله الأولى على الأرض الغذاء الوحيد مولد الدهشة وجالب الحلم من قرون المستحيل .. من يعلم كيف وجدت الكتابة مرقومة ومنقوشة ومبعثرة في آحافير خيال لاينقطع ،مده الله كحبل للأشقياء الحالبين ضروع وهم يزبد المزيد من التراب ويصب حليب الحلم في البحر .. آه يا نحن المجانين بك كم هو لذيذ هوسنا المغموس في دمك الأزرق من فرط الشحوب نحن أطفالك الجائعين لخبز قسوتك.

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم