من “ترجمات في حوارية الضمائر”

من "ترجمات في حوارية الضمائر"
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

صابرين مهران

مقدمة

لأنك وحدَكَ تعرفُ كيفَ أعيدُ صخبًا ما للبحرِ

لأنك.. تجيدُ ارتكابَ الأرضِ أكثرَ

و ارتكابَ الروحِ أقل

سأعيدُ ترتيبَ نفسي.. لتنساني قليلا و تكونَك لغيمةٍ عابرة

 

سأفكِّكُ الروحَ أمزجها بدخانِ سجائرك و أراقبُ تلاشيها تماما

أُشعِلُ جسَدي لمرَّةٍ..

و أنتظرُ الدخان

اللوحةُ باردةٌ، و أنا اكتسبتُ خشبيَّةَ التماثيل الصغيرةِ، و قسوةً، تكفي للعن الغائبين جميعهم؛ مورفيوس، يا صديقي، أريدُ الآن أن أملأ بكَ فراغِ الخطوةِ، و بياض اللوحةِ، تجسد لي مرة واحدة لأرسمك، ثم اقتلني و عد إلى هاويةٍ أتعثر فيها كلما حاولتُ المرورَ إلى غيمةٍ و عزلة.

الدخانُ مؤقتٌ،

و السعالُ أبد

الحياةُ ليست هادئة و مُطَمْئِنَة كلوحات هوبر، بل رتيبة و فاترة كمَشاهده؛ هذا الفضاءُ الضيق و المساحات المتحجرة، فرش الرسمِ، أقلام الرصاصِ، الدم البارد في كتب التشريحِ، و سكين الرسمِ بعيدةٌ، بعيدةٌ عن رغبتي في الانتحار، أصلا لم تعد لديّ رغبة في الانتحار؛ مفردات المشهدِ، جافةٌ، و أنا سكرتُ مسبقا برفضك تجسيدَ المشهد كما يشتهيه الفراغ

و الصحراءُ..

أبد

 

أتذكَّرُكِ جيِّدًا.. حينما تكونينَ في كاملِ ترتيبِ ملامحكِ التي تحافظينَ عليها دائمًا في عبثها السورياليّ جدًّا لتختبئينَ من عفويَّةِ مرورِ الوقتِ على صباحاتِكِ الثائرة، ألفُ عامٍ مرَّت علينا في جلستنا هذه.. ألف عام، و كلما مرَّ الوقت الذي تدَّعين وهميته .. إزداد تكوُّرُكِ على نفسكِ و التفافكِ على ما تخافينَ عليه من تلك النظرةِ الداهشة الذاهلةِ عن كلِّ شيءٍ .. و الممعنةِ فى كلِّ شيء، ربَّما اعتقدتُ يومًا أنه سيحينُ الوقتُ الذي تنفكين فيه و تطلقينَ أبوابَكِ للريح .. و تمكثينَ لساعتينِ كطفلةٍ تحيكُ فستانًا جديدًا لغدها الذي لا تنتظره.. تعشقينَ البردَ اعرفُ، لكنَّما المساءات جميعها تعترفُ بغطاءٍ واحدٍ على الأقلِّ لأشباحِها.. ربما لتحفظَ بعضَ التشويقِ لغدها و ربما لتطولَ حكايةَ الجنياتِ الثلاث على نافذةِ جدَّتِك، ألا تشتهينَ الغدَ/الأمسَ .. ألا تشتاقين لدفءِ المساحاتِ الضيقة؟؟؟

– فقط حينما يكونُ الصِّفرُ قيمةٌ قابلةٌ للتجزئة.. و كلُّ المسافاتِ خلفهُ .. موجبة

يكفيني من كلِّ شيءٍ صورته المجردة تمامًا من ملامحها الأرضية جدا، لماذا لا تكون الحياةُ لوحةٌ تجريدية؟ لماذا لا نتحوَّلَ إلى أطر خارجيَّةٍ فقط.. نفرِّغُ أجسادنا تمامًا من كل شيء؟ حينها.. سأستطيعُ أن أصنعَ ثقبًا صغيرًا جدًّا في أي مكانٍ في الإطارِ لتفريغِ الفراغِ حينَ يزدادُ ضغطهُ من الداخل.. و لكي أوقفَ عمدًا سقوطي اللانهائيّ في الفراغِ داخلي، حينها.. سأباشرُ متعتي بتجريدِ الأشياءِ من حقائقها المدَّعاةِ دونَ أن يتَّهمني الآخرونَ بالجنون!

لماذا لا نستطيعُ التجريدَ في اللغةِ، و إسقاطَ الضمائر جميعها؟

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شاعرة وفنانة مصرية 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم