فى مصر اتخذت هذه الثورة منحى سياسيا فى البداية نتيجة لكارثة يونيو 1967 العسكرية , ولكن سرعان ما اتخذت طريقها الصحيح فى الإبداع وفى التحولات الاجتماعية المتسارعة بعد عقدين من تأميم الحراك الاجتماعى فى مصر تحت ظل الدكتاتورية الناصرية.
ونتيجة لنفور السادات ونظامة من مثقفى الفترة الناصرية , وقيامة بإغلاق أو تحجيم المجلات و المطبوعات التى تصدرها الدولة , تحول الانتاج الثقافى و الإبداعى إلى نشاط أهلى , بعيداً عن السلطة السياسية , مستخدما الوسائل التكنولوجية التى كانت اكتشاف ذلك الزمن وهى آلات الطبع و التصوير السريع , التى أطلق عليها “طباعة الماستر” وهو الاسم الذى عرف به الجيل كله.
كان لقائى الأول ب”على قنديل” فى منتصف السبعينيات فى الندوة التى كان يقودها الشاعر : سيد حجاب فى مبنى الحزب الوطنى – المحترق حاليا – و كان وقتها مقراً للاتحاد الاشتراكى , وكانت الندوة تضم شعراء السبعينيات الذين أسسوا فيما بعد جماعتى “إضاءة” و “أصوات”.
كان “على قنديل” نجما بارزا فى ذلك المجتمع الشعرى , يلتف حوله شعراء جماعة “إضاءة” التى تكونت بعد رحيله , أمجد ريان وحلمى سالم و باقى الجماعة , بينما كان الجانب الآخر يضم شعراء “أصوات” التى تكونت أيضا فيما بعد “عبد المقصود عبد الكريم ” و “محمد عيد ابراهيم ” و “عبد المنعم رمضان ” و كاتب هذه السطور.
كانت السجالات العنيفة بين بذرتى الجماعتين , رغم الصداقة الشعرية التى تجمعنا جميعا وكان على قنديل بصوته الخافت وثقافته الواسعة يمثل منظر المجموعة التى تضخمت عن “إضاءة” فيما بعد رغم ضجيج الآخرين من جماعته.
أعتقد ان “على قنديل” لو قدر له البقاء لكان الآن من أبرز شعراء الشعر المصرى , ولكان حال جيل السبعينيات قد اختلف عما يحدث الآن , لموهبته الاستثنائية , و عقلانيته التى كانت تنفر من الضجيج الذى طبع جماعة “إضاءة ” التى كونها وهو تحت تراب قبره.