ملذات وعرة

موقع الكتابة الثقافي art 10
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

إيمان ماجد

للملذات طرقٌ وعرةٌ

لم تطأها أفكارنا

كأن نستقل حافلةً زهريةً

مع كل جدَّات الحيّ

يرتدين قبعاتٍ

وجونلاتٍ مورقةٍ

يفتحنَ مظلاتهنَّ العطشة

للشّمسِ والمطرِ

ننطلق على الطريق البطيء

عكس اتجاه نبضهم المسرع

وصوت فوزي يجلجل:

 

” طير بينا يا قلبي وماتقوليش

السكة منين”

 

كأن نطلق طيورنا المحبوسة

في وقتٍ واحدٍ

ننثر لهم القمحَ على الشبابيك

وعلىٰ جنبات الطرق

نكسر الأقفالَ

ندمر الأقفاصَ

ونجتمع كل عامٍ نلوّح سويًا لهم

بقلبٍ واحدٍ.

 

كأن نرسل رسالةً بريديةً لمن نحب

نعطّر الورقةَ

ونكتب الرسالة بالأحمر

ثم نرسم قلبًا مخترقًا بسهم كيوبيد

فيما قبل تكنيكات “الشات”

ولا ننسى أن نطبع في ذيل الرسالة

قبلةً حقيقيةً

ثم نختمها ب: أنتظر الرد.

 

كأن أخرج بروح طفلة كنتُها..

أشتري لها الجيلاتي وحلوى lollipop

أقرأ كتابًا من “المكتبة الخضراء”

تحت شجرة

أشاكس قطط الطريق

وأركل الحصى..

أغمض عيني وأطلقُ ساقيّ للريحِ

كجملٍ تخلى عن أحماله فجأة

وانطلق خفيفًا كعصفور. 

تيك توك

 

كعبي المدبب العالي الذي ينقر

على الطريق

تيك توك..

يتبعه كعبٌ عريضٌ

رخيم الصوت

 

يلملم رنات خلخالي..

يدس في جيوب الصمت أنفاسي..

يدخن العمر ليلة تلو ليلة

وينفث الساعات في وجه الطريق

الذي لا ينقضي

نفض من دفاتره جيوش الكلمات التي

أخفقت في عبور أسواري العالية

استل صوته محاولًا خمش المسافة

استجمع كل قواه الخارقة المحلّقة

في خياله منذ رأى لانسيلوت..

يخطف قلب الأميرة من قبضة كاميلوت

ليصبح وحده فارس حكاية

خاتمتها بهذا السياق مستحيلة

نطق اسمي مجردًا ب إيمان تام..

أطعم قلبه خبزًا لانتظارٍ طال..

وقال: لبيك مولاتي

امتثلت بين يديه ارتقب في عينيه المصير

وانقلب الطريق

تبع كعبي العال كعبه العريض

مشيت وخلفي جيشٌ من النساء

تجمع عطره الدافق مع كل نبضة

في سلال الورد

تتربصن التفاتاته  

تترصدن خطواته

ثم تراهنَّ على أسر قلبه وألقين النرد

أشهرت عطري في وجه هذا الحريق

أشهرته لأقطع شكي باليقين

وضع يده فوق يدي

ثم غرسنا السيف معًا

بقلب الطريق

 

قطارٌ يحتضر

 

ليست على موعدٍ

لكنها دوًما في انتظار

يلاحقها أينما خطت قدماها

ولا تملك قرار الفرار 

 

وقفت على رصيف المحطة

التي شهدت أقسى حالات

انهيارها

مرت كل القطارات

أخذت ما أخذت وأفرغت

ما أفرغت

حتى أعلنت الساعة أن

الرحلة الأخيرة آن موعدها

فلم تلتفت

 

كانت موقنةً أن قطار عمرها

سيرفق هذه المرة

بحال أيامٍ ذهبت سُدى

 لكنه تجاوزها

فتجاوزت اليقين

 

قفزت روحها

تلهث خلف عجلاته

حاولت اللحاق بهِ

لكنها شعرت بالأرض

تبتلع جسدها

 

في الجهة الأخرى

ثمة قطارٍ أخر ينتظر

 

شيّد لها في الواقع مسارًا

فرسمت للخيال قضبانًا 

لكن فور ركوبها

آثرت الرجوع..

 

عندما أدركت أنها غادرت المحطة

جسدٌ بلا روح

 

وشوشات صَدفْ

 

على شواطئي صَدف

ولي مع بعضها ذكريات!

 الأولى صدفةٌ حالمةٌ سألتها

ما فحوى الصفّير

وما تلك الأغنيات؟

 الثانية لصدفةٍ مرهقة رماها الموج

على شواطئ نائية..

لم يبتغِ الحب في قلبها طول الأمد

جلّ ما اشتهاه

حديثٌ لا يعرف الملل..

ذكرى ثالثة لصدفة عاشقة 

وشوشت لها

بأول خطيئةٍ اقترفتها

عندما تركت شفتي على شفتيه

فانتهك بمذاقهِ..

حواسيّ الخمس

فهمستُ بأذنهِ متسائلة: ّ

عشقْتُكَ وعشقتني

لكن متى كان للفنجان لسان

لتلعق ما علق على شفتي

من قهوة؟!

ذكراي الاخيرة..

صدفة لقنتني درسًا قائلة:

لكلّ صَدَفةٍ صوتٌ

كما لكل لغةٍ لسان

وقلبك البحر المترجم

ولكِ حبيبٌ في هذا الزحام..

ستسمعين يومًا

مع هدير الموجِ صوتًا يقول:

أيا وجعاً يمتدّ كالمسافات..

تصفّرُ الرّيح في أعماقنا بحثًا

عن ساكن الأغنيات..

 لغةً سوف تفهمينها

 وستتبعين الصوت

كطوقِ نجّاة!

وعلى الشاطئ اتبعي

خطىٰ المفردات

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم