ملامح جيل

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

شهادة .. محمد فتحي

أعتقد – والله أعلم – أن ملامح هذا الجيل من المبدعين والأدباء قد اكتملت. تعرف ذلك حتماً حين تتابع العديد من الأخبار الثقافية والأدبية لهذا البلد لتجد أن أحدهم نجماً لندوة ما، بينما الآخر يوقع كتابه وسط حضور متميز قلما يجتمع إلا في الخناقات والحوادث أو في الساحات الشعبية لكرة القدم، فيما يقدم ثالث رؤيته في العمل الجديد لأحد زملائه دون نفاق أو استحضار لما يمكن أن يطلق عليه (صحوبية) أو (شللية) ، ويحطم رابع جدار الصمت في الوسط الثقافي بحوار صحفي قوي يكون مثار حديث الجميع.

ملامح هذا الجيل اكتملت تماماً، والجيل نفسه لم يولد فقط وإنما تم فطامه.صحيح أن ذلك الفطام تم بالطريقة المرة الكلاسيكية عن طريق استطعام الصبار من أثداء النجاح ، إلا أن هذه الطريقة كانت ضرورية حتى لا يخرج علينا أحدهم مؤكداً بين الحين والآخر أن ظروف هذا الجيل أفضل من ظروف جيل الستينات الذي يجب أن يستحضروا له كراسي من مادة التيفال أملاً في عدم اللزق والشعبطة في حافلات الإعلام التي تقدمهم باعتبارهم الجذر وكل من سواهم فروع.

بالطبع لا أريد أن أعمم مثل الستينيين هذا لأن منهم من يستحق مكانة الأستاذ الذي نرفع له القبعة كما أن منهم من يستحق التزحلق على استار الذاكرة، ولأن هناك كذلك بعض محترفي الصيد في المياه العكرة والساعين إلى شهرة من خلال الدفاع عن قيم لم تعد موجودة أملاً في صداقة أو هبة أو منحة تمنح لهم من زعماء هؤلاء الستينيين المشهورين بمواقعهم النافذة في الوسط الأدبي ، إلا أننا يجب ألا نغفل أن ملامح هذا الجيل أصبحت معروفة للجميع.

صار الناس (وليس المهتمين بالأدب فقط ) يبحثون (أو ينتظرون) روايات طارق إمام ومحمد صلاح العزب ومحمد علاء الدين ومحمد الفخراني وهاني عبد المريد وإيهاب عبد الحميد وأحمد ناجي ونهى محمود، ولم يعد غريباً أن يحصد هدرا جرجس وطارق إمام المركزين الأول و الثاني في مسابقة ساويرس.

بات الناس( بمختلف شرائحهم)  يسألون عن جديد أحمد العايدي ولماذا تأخر، أو عن تجربة باسم شرف الجديدة بعد مجموعته المختلفة التي حققت رواجاً كبيراً، أو عن أخبار حامد عبد الصمد الذي يبدو وأنه برز من العدم ليلقي بروايته (وداعاً أيتها السماء) قبل أن يختفي في منفاه الاختياري – أو ربما الإجباري – بألمانيا متأثراً بشظاياها التي تطاله بين الحين و الآخر.

أصبح الناس (وليس مدعي الثقافة) يعرفون (أو يسمعون) عن القصص القصيرة التي يكتبها شريف عبد المجيد و محمد عبد النبي وسهى زكي ومحمد الغزالي ووليد خيري رغم ابتعاده عن النشر منذ مجموعته الأولى البديعة (تجاوزت المقهى دون أن يراك أحدهم)

عاد الناس (البسطاء وليس الجالسين على مقاهي التنظير)  ليتذوقوا الشعر من جديد مع سالم الشهباني و عمر مصطفى وعادل سلامة ومحمد عز الدين ورامي يحيى ومحمد أبو زيد ومحمد خير وابراهيم السيد .

حتى الكتب الأكثر مبيعاً هي كتب لمبدعين مثل عمر طاهر وبلال فضل ووليد طاهر وهيثم دبور وأشرف توفيق وخالد كساب وغادة عبد العال ورحاب بسام و محمد كمال حسن ومصطفى الحسيني بكتابهما الأخير قهوة المصريين.

حتى الفعاليات والاحتفاليات المختلفة تكون برعاية أو إعلان أو دعم من نفس هذا الجيل عبر وسائط حققت نجاحات يستحيل تجاهلها، ولتنظر إلى إيمان يوسف وجروبها كتاب جديد في السوق أو إلى طه عبد المنعم وجهده المثير لإعجاب البعض وحسد أو سخط البعض الآخر في البوابة الثقافية وتجمع ورقة وقلم و أخيراً مي بهاء من خلال المركز الدولي للتنمية الثقافية.

أنظر حتى للصحفيين الذين يتابعون زخم هذا الجيل لتجد أنهم – ويا للمصادفة – من نفس الجيل تقريباً. انظر لأحمد وائل و هبة ربيع و سمر نور و علا الساكت و سامح قاسم و محمد البديوي و دينا عبد العليم و سارة سند.

ملامح هذا الجيل تكونت بفضل الناس وليس النقاد، وبدعم القارئ أكثر من الدعم الإعلامي، وبموهبة حقيقية لا ادعاء مستفز، وبالعمل مع احتساء الشاء أو الشيشة وليس مجرد الجلوس في التكعيبة أو زهرة البستان أو باقي مقاهي الشلل الثقافية .

لم يعد السؤال  الذي نبحث عن إجابته إذن هو ما هي ملامح هذا الجيل؟ ، وإنما إلى أين يتجه هذا الجيل ، وهل سيصمد في السنوات العجاف القادمة أم سيثبت من جديد أنه جيل مختلف تفوق موهبته تقلبات الزمن و(نفسنة) النقاد وحسابات دور النشر وقوائم البيست سيلر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتب وروائي مصري

مقالات من نفس القسم