حاوره: البهاء حسين
لم يكن مبارك يثق بالصحافة. لم تكن الجريدة بالنسبة له أكثر من بغبغان.. يحضر دائماً فى البيت، لكنه لا يشارك فى شئونه.
حتى الصحف التى تكلمت بلسان معارض، كانت تسهر، فى السر، مع زكريا عزمى ثم تتسلل، مع أشعة الشمس، إلى أيدى الناس لتفرغ قبضتهم فى شتم الرئيس. منتهى النصب.. أن تنادم النظام بالليل وفى الصباح تلبس خرقة معارضيه.
هذه هى قواعد اللعبة، وعلى من يرفض أن يعيش مُطارداً، فى رأيه وفى رزقه.
وقد نزل كثيرون إلى الملعب، فلان وفلان .. إلخ، وأخذوا يستعرضون مهاراتهم أمام المدرب، ليختار منهم من يدير المباريات لحسابه، فى غيبة الحكام، ورغم أنف المتفرجين.
على أن المقادير ألقت إلى جوار مبارك بصحفيين كبار مثل مكرم محمد أحمد. مكرم قيمة، قد نختلف فى تقييم الحساب الختامى له، لكنه صاحب مشوار مع المهنة طوله 50 سنة من العرق. وقد ذهب الرئيس وبقى مكرم يحمل سلة مليئة بطهارة اليد والجهامة وكثير من الشوك وشهادة راح يدلى بها، بتجرد، كمن يكفر عن اقترابه، أو يريد أن يتطهر من تأنيب الضمير.
* أستاذ مكرم، أنت اقتربت ورأيت. كنت فى مقعد الشاهد لا المشاهد. فما استعدادك لأن تقول شهادتك كاملة لله وللتاريخ؟
– أنا لم أكن فى وضع متميز من مبارك. كل رئيس فى النهاية يحاول أن يعقد علاقات ودية مع رؤساء التحرير، لأنهم ينقلون صوته وصورته للناس. ولذلك كان مبارك يُفهم كل واحد منهم أنه الأقرب إليه. وأنا، بحكم شيبتى، لم أكن أنخدع بهذه اللعبة. بعد علاقة عبدالناصر وهيكل، لم يكن السادات ولا مبارك على استعداد لأن يأمنوا جانب أى صحفى، مهما اقترب منهم . ثم إننى لم أكن الوحيد الذى يسأل مبارك، كان معى آخرون، لكنى كنت الوحيد الذى يسأله عن أشياء لا يستطيع غيرى سؤاله عنها. وأظن أننى، أثناء رئاستى لـ ” المصور”، تمتعت بقدر نسبى من الحرية عن أى مطبوعة أخرى. لماذا؟ الله أعلم. ربما لاعتقادهم أن توزيع ” المصور” محدود، فلم يعملوا حساباً لتأثيره. لا تنس أن أداة الثقل الرئيسية كانت هى “الأهرام”، إلى أن ظهر التليفزيون، فاعتبروا أن كل الصحف تأتى فى المحل الثانى بعده
* عرفت من الدكتور محمد نور فرحات أن “المصور” كانت المجلة المفضلة لـ “مبارك”؟
– “المصور” كانت الأكثر شجاعة فى هذه الفترة، والعلاقة بين الصحفى والرئيس هى علاقة “خد وهات”، وعلى قدر توجيهك لهذه العلاقة تسطيع أن تحتفظ لنفسك بمسافة صحية مع الرئيس. هناك دائماً إشكالية..أنا، كصحفى، أريد أن أعرف أكبر قدر من الأخبار، والرئيس يريد أن يستثمرنى إلى أقصى حد، خاصة إذا كانت لدى قدرة على التواصل مع الناس. هكذا تمضى العلاقة مركبة وغريبة جداً، لكن هذا لم يمنع أننى اختلفت مع الرئيس 3 مرات وتخاصمنا شهوراً طويلة.
* فيم اختلفتم؟
– (بتمنع، يعرف وأعرف أنه لن يصمد طويلاً، إذ سرعان ما قال مكرم من تلقاء نفسه) .. بعض هذه المشاكل كانت على رؤوس الأشهاد، فى الطائرة وأمام كل الصحفيين. اختلفنا، أولاً، حول إيران. كان رأيى أنه من الضرورى أن تكون بيننا وبينها علاقات، لكن مبارك تصور أن مناقشاتى المستمرة مع المشير أبو غزالة هى التى وضعت فى ذهنى ذلك. كان أبو غزالة يتفق معى فى أن علاقتنا بإيران سوف تضبط وضع مصر فى الخليج. وتكون، فى الوقت نفسه، حائط صد ضد صدام حسين الذى كان يأخذ منا الأسلحة ويشيع أن المصريين تحولوا إلى تجار سلاح. كان يقول أمام حزبه، إننا لا نعطيه السلاح لأننا قوميون، بل لأننا نريد المال! ولذلك فاتحت الرئيس فى هذا الموضوع، ذهبت إلى إيران ولما عدت قلت له: أعتقد يا سيادة الرئيس أنه كان يمكن لك أن تؤثر فى سير الحوادث، لأن محمد خاتمى كان يحتاج إلى مساندتك فى مواجهة المحافظين. فقال لى: يبقى إنت بقى مستفيد منهم؟ هذا ما حدث بالضبط فاحمر وجهى واصفر، ولما رآنى هكذا عاد قبل أن يدخل الكابينة وقال لى: أوعى تزعل، وافتكر إنك كنت بتقول عن الإيرانيين إنهم مش كويسين. فقلت له: حصل، لكن هذا لا يمنع من إقامة علاقات معهم. وأضفت: أنا عاتب عليك يا سيادة الرئيس، لأنك تقول هذا الكلام وأنت تعرف من هو مكرم محمد أحمد؟
ثم اختلفنا حول الانتخابات الأخيرة. قلت له: أحمد عز هيخرب البلد. وكتبت أن هذه الانتخابات مزرية وقد خاصمتْ الواقع المصرى وأدت إلى تفاقم علاقة الحكم بالشارع المصرى
* وكيف كان رده؟
– قال لى: هنصلح، بس مشى أوى كده، هم لم يبتدعوا النتائج. لكنى أجبت: لا يا سيادة الرئيس: هم ابتدعوا النتائج؟
* كان يبارك إذن النتائج التى انتهت إليها الانتخابات؟
– طبعاً، لأنه مصلحته كانت فى ذلك
* ولم اختلفت معه، فى المرة الثالثة؟
– خاصمنى سنة، لأنى نشرت، عبر حديث معه ( سنة 93 )، أن ابنه كان يتاجر فى ديون مصر. كلمنى فى التليفون وهو زعلان، فقلت له: أنا تناقشت معك قبل التسجيل فى هذا الموضوع وأنت اقتنعت يا ريس، ففيم عتابك؟ لا تعط أية فرصة لدخول طرف ثالث بيننا يا ريس، لا تصدق من يقول لك إن نتائج الحوار سلبية، لأنها لم تكن كذلك
* من الطرف الثالث هذا؟
– الولد نفسه، وكانت لدى شكوك فى صفوت الشريف، لأنه كان يتضايق من مقابلتى للرئيس من خلف ظهره. كان يحب أن يحضر كل لقاءات الرئيس بالصحفيين. المهم أن مبارك قال لى: طيب كلم جمال، لأنه زعلان جداً منك، فقلت له: ما لوش حق يزعل؟ لأن الكلام الذى يقال فى الشارع أكبر بكثير مما أثرت
* ألم يقرأ مسبقاً أسئلتك؟
– لم يفعلها
* تريد أن تقول إنك فاجأت مبارك بالسؤال عن نقطة حساسة كهذه؟
– أى والله، لم أقل له على الإطلاق أى شىء قبل أن أسأله فيه، لكنى كنت أوجه له الأسئلة بأدب شديد وفى صياغة محترمة
* وما الفخاخ الأخرى التى نصبها لك الشريف؟
– كتير، يكفى أنهم وضعونى فى هذه الدكانة الصغيرة؟ ( يقصد دار الهلال )
* كنت ترى أنك أحق بالأهرام؟
– أقسم بالله العظيم أن هذا لم يكن يعنينى فى شىء، رشحت أنا وإبراهيم نافع للأهرام، هو كسب الجولة بعلاقاته، وأنا باركت له
* أستاذ مكرم، يقال إن “ما يجعل المرء على القمة هو قدر ضئيل من المقدرة، لكنه يكون مطلوباً فى مكانه وزمانه بالضبط”. أسألك وفى ذهنى ملابسات اختيار السادت لمبارك نائباً له؟
– السادات صار لديه اعتقاد بأنه كسب مبارك، بعد مؤازرته له فى دخول الحرب بما فى أيدينا من سلاح. ثم إن العلاقة بينهما عززتها الظروف داخل القصر. فى هذه الفترة كان منصور حسن قد أصبح وزيراً لشئون الرئاسة، ودار كلام حول ترقيته إلى منصب أرفع. وقد سألنى منصور رأيى فقلت له: لا تقبل هذا وإذا قبلت لا بد أن تدخل للسادات من باب مبارك، لأنهما فى الناهية عسكريان والمجموعة التى فى القصر ستساند السادات ونائبه فى أى خلاف يقع بينكما. كان أشرف مروان هو الذى يلعب هذا الدور الرئيسى، حتى إنهم منعوا عنه المعلومات والتقارير، وبدأ مروان يقوم بغارات مفاجئة على مكتب منصور، خاصة بعد أزمة سبتمبر، وأزمة المحامين، وكان منصور ضالعاً فى تنقية الأجواء بين نقيب المحامين أحمد الخواجة وبين السادات وكاد أن ينجح، لكن السادات لم يقبل مساعيه. وقتها عرفت أن منصور سيمشى وأنا أيضاً كذلك. المهم أن أى رئيس فى النهاية يحاول استثمار رجاله وعندما تنتهى أدوارهم ينتهون. ليس لدى الرؤساء شخص عزيز
* السؤال بالأساس عن المصادفة فى حياة مبارك؟
– قصة المصادفة صاحبها هو هيكل.. أن عبدالناصر عندما ذهب إلى بلبيس ووجده يدير الكلية الجوية سأله: إنت بتعمل إيه هنا يا حسنى؟ فأجاب: أدرب الطيارين. فقال له عبدالناصر: أنا أريدك فى مهام أكبر من هذا. والتقطه ليجعله فى السلاح الجوى، ثم رقاه السادات، ليصبح قائداً لهذا السلاح. من الواضح إذن أن مبارك كان يتمتع بقدر من الحرفية وقدر من الانطباط العسكرى لا ينبغى التقليل منه، لأن كل الأطراف، على تناقضها، تجمع على ذلك. وبالتالى أنا أتصور أن اختيار مبارك لم يكن صدفة، بل تم بعناية شديدة. هناك أسباب أخرى يرويها هيكل.. أن ظروف البلد كانت مضطربة فى ذلك الوقت وكان من واجب السادات، وأمامه تجربة شاه إيران، أن يأتى بمبارك، لاعتقاده أن الحكم لا يكون آمناً إلا عندما يكون قائد سلاح الجو مناصراً للقيادة السياسية، بحيث يمكنه أن يضرب أية قوات عسكرية تفكر فى الخروج من مكامنها لعمل انقلاب. لذلك لا أظن أن للصدفة دوراً فى اختياره
* عندما قابلت مبارك، لأول مرة، شعرت أنه قادر على أن يلهم شعبه؟
– سأقول لك سراً أذيعه لأول مرة. أنا اُستدعيت للقاء مبارك، لسبب أخر غير الحديث الصحفى. كانت شائعة قد انتشرت فى دار الهلال.. أن مبارك طرف فى اغتيال السادات، واستدعيت مصدر هذه الشائعة، قلت له: مثل هذا الكلام لا بد أن يكون عليه دليل، ليس هناك مبرر لأن تضر نفسك وأسرتك وأنتم مستفيدون من هذا العهد ما لم يكن لديك أدلة. وانصرف من مكتبى، لكن هذا الكلام وصل للرئيس مبارك؟ لا أعرف كيف؟ المهم أننى فوجئت بتليفون يستدعينى لمقابلته، ولما رأيته سألنى: إيه الموضوع إللى بيتقال عندك ده، فقلت له يا ريس: هذا الموضوع لا ينبغى أن يقلقك على الإطلاق. أنا عملت كيت وكيت والأهم أننى كلمت واحداً من أولياء أمر الزميل، وأكد لى أنه كفيل بإنهاء هذا الموضوع. المهم أن مبارك اقتنع وقال لى: أحسن إنه الموضوع إتلم. إنت عارف هم عملوا إيه؟ ( يقصد أسرة مصدر الشائعة ).. خلى المدعى الاشتراكى يقول لك هم عملوا إيه؟
الشاهد أننى فى آخر الجلسة سجلت معه الحوار الذى قال فيه ” الكفن ما لوش جيوب “. كان بيته متواضعاً جداً. عجلة ابنه كانت مركونة فى المكتب. وكان الرئيس يلمع حذاءه بنفسه ويعمل الشاى لنفسه
* متى بدأ يتحول؟
– أظن أن الرئيس مبارك حكم مصر بشكل جيد فى الفترتين الأولى والثانية فقط. كانت نواياه الوطنية عالية، ولم يكن يحب إسرائيل، وكان حذراً تجاه أمريكا. المشاكل كلها بدأت بعد التوريث، وقتها هبطت قيمة مبارك، وأصبحت مصر رهن أمريكا، ولم نعد قادرين على أن نقول: لا لإسرائيل، لاعتقاد بأن طريق التوريث لا بد أن يمر بواشنطن عبر تل أبيب
* وما الانطباع الذى تركه فيك؟
– الرئيس مبارك لم تكن لديه كاريزما. وقد استغرق وقتاً طويلاً لكى يتعلم. هو بنفسه قال، فى أحد اللقاءات على الطائرة، إنه ” أخذ سنوات كتيرة علشان يتعلم الحكاية “. وفى فترة ما، لأكون شاهد عدل، كان يكره الذين ينافقونه. مرة قال لأحد رؤساء التحرير ” كفاية بقى، كفاية هتعملوا فىّ إيه ”
* من؟
– لن أقول لك. الشاهد أن المصريين هم الذين يصنعون آلهتهم وفى النهاية يخسفون بهم الأرض
* وما أخطاء مبارك القاتلة؟
– تصوره أنه لكى تكون هناك تنمية صحيحية، لابد أن تكون هناك ” قطط سمان”.. رجال أعمال يضخون المال فى عروق مجتمع جائع. وهذا على عكس ما كان يؤمن به أيام رئيس مجلس الشعب ده إللى اسمه…
* رفعت المحجوب؟
– رفعت المحجوب كان يضع فى ذهن مبارك أن قضية العدالة الاجتماعية أساسية وكان ينبهه إلى خطورة تجاوزها. والحق أن مبارك أنجز التحول الاقتصادى من القطاع العام للقطاع الخاص بعد أن ثبت له، فى المؤتمر الاقتصادى الذى عقده، أن القطاع العام غير قادر على أن يراكم قدراً من الأموال يمكن التنمية من السير، معتمدة على ذاتها. لكن الخطأ هو اعتقاده أن الأثرياء هم من يصنعون التنمية ومن ثم تتساقط الثمار فى حجر الناس ! وكلنا حذرنا من هذا التوجه. وأحياناً كان مبارك يفيق من هذا التصور فيخطب خطبة عن العدل الاجتماعى، عندما يشعر أن الدفة ستؤدى بالمركب لطريق ضحل
* ربما لذلك انتهى به الحال إلى تشكيل وزراة من رجال الأعمال؟
– فى الفترة الأخيرة من حكمه كان جمال هو الذى يتابع كل شىء. كان عين الرئيس وأذنه. أما الوزراة فكانت هناك ” كوتة ” معينة تشكل بها.. سوزان كان لها تأثير قوى على وزراء التعليم والصحة والإسكان والثقافة ومحافظ القاهرة. هؤلاء كانوا يسيرون دائماً فى ظلها. أما جمال فكان يمشى معه الوزراء المعنيون بشئون المال والأعمال وعلى رأسهم يوسف بطرس غالى. ما طبيعة العلاقة بين يوسف وجمال ومن منهما يقود الآخر؟ هذا موضوع آخر يحتاج لبحث
* وأنس الفقى؟
– أتت به سوزان
* بصراحة.. هل تدخل مبارك فى عملك كرئيس للتحرير أو نقيب للصحفيين؟
– مرة كلمنى وقال لى: المعلومات إللى عندك ناقصة، كان حقك تتصل علشان أقول لك التفاصيل
* فى أى موضوع؟
– لا أذكر، لكنه كان يغضب عندما ننشر شيئاً على غير هواه. ومرة شتم كاتباً كان جميلا جداً، كله خيلاء
* يوسف إدريس؟
– خمن أنت كما تحب. المهم أنه أضر بهذا الزميل فى خطبة عامة، وبعدها قلت له: سيادة الرئيس أنت تعلم أنه كاتب مجيد وحساس، فلماذا تقسو عليه هكذا؟ فكلم مبارك زوجة هذا الزميل واسترضاها
* صحيح أنك كتبت له خطاباً تطلب دعمه فى مواجهة ضياء رشوان؟
– لم يحدث. الخطاب الوحيد الذى أرسلته له عبر صفوت الشريف.. أننى سأعتصم أمام مكتب يوسف بطرس غالى، إذا لم تحل فوراً مشكلة الزملاء فى جريدة الشعب. وبالمناسبة أنا كنت رافضاً بشدة خوض هذه المعركة الانتخابية، وحاول معى الجميع، بما فيهم صفوت الشريف، لكنى تمسكت بموقفى. إلى أن كلمنى الرئيس وسألنى: إنت ليه مش عايز تدخل الانتخابات؟ فقلت له: هناك 4 أجيال فى النقابة وحجم الاختلاف بينهم وبين النظام هائل، ولهم طلبات كثيرة ومشروعة. فقال: ولماذا لا تدخل وتحقق لهم طلباتهم؟ فاعتذرت، لأن المهمة كانت ثقيلة، لكنى فوجئت به يتصل مرة أخرى ويفتح الموضوع. فقلت له: عايز مدينة سكنية للصحفيين، قال لى: ماشى، عايز 400 بدل تكنولوجيا، قال لى: ماشى، كل إللى إنت عايزة هيتحقق. وقد بدت لى هذه فرصة جيدة لاستثمار الموقف. شعرت أنه بإمكانى أن أحصد مكاسب عديدة لزملائى، ما كان فى وسع أحد تحقيقها
* حدث أن استجاب لك فى رجاء لأحد الصحفيين؟
– مع إبراهيم عيسى
* وماذا عن حس الفكاهة لديه. هل كان مبارك ” ابن نكتة “؟
– كان يحب النكت والضحك. هو، بالمناسبة، بسيط جداً فى تعاملاته. وكنا نسأله فى كل شىء. مرة قلت له، رغم صداقتى لعاطف عبيد: الناس ملت من عاطف عبيد ومن حقهم أن يملوا.. دمه تقيل
* وبماذا أجابك؟
– كان يختزل الأشياء فى نفسه. قال لى: ها اجيبلك يا سيدى المرة الجاية واحد دمه خفيف
* أحياناً كنت أشعر أنه مُوكل بعناد الناس؟
– كانت هذه إحدى صفاته الأساسية. كان يخفى عنا وجهة الطائرة، وكنا نتظاهر بالجهل لنشبع رغبته فى التكتم
* ما الأشياء الأخرى التى كان يستمتع بإخفائها؟
– عندما كنا نجلس إليه كان بوسعك أن تسأله فيما تريد، لكن عندما تكون لديه رغبة فى كتمان شىء لا تستطيع، مهما فعلت، أن تحمله على الافضاء به. كتوم جداً فى أشياء بعينها
* مثل؟
– السياسة الخارجية، السياسة العربية، الأمن القومى. كان يقول لنا بوضوح: أنا مش ها جاوب على السؤال ده
* وما مركب نقصه؟
– أنا لست طبيباً نفسياً، لكن يمكنك أن تلحظ بسهولة قلة ثقافته. ولم تكن له خبرة السادات فى معرفة الرجال، ربما لأن السادات كان “ابن حتة” لف مصر، ولذلك كان يعرف أكتر من عبدالناصر كمان. وهناك قصة مشهورة لما راح يفتتح أحد المشروعات فوجد البقر قلقاً، عرف، لأنه فلاح، أن البقر منقول من مكانه إمبارح. ساعتها بهدل المحافظ، قاله: بتضحك علىً.. ده أنا فلاح
* ماذا تفتقد فى مبارك؟
– لا شىء. أنا صحفى محترف أقوم بواجبى. عندما مات السادات وكانت “المصور” قد طبعت، أوقفت الطبع واستدعيت المحررين من بيوتهم وعملنا العدد عن الرئيس الجديد. أنا صحفى مهمتى أن أواكب الحدث وألا أتوحد مع أى شىء بشكل كامل، بحيث يتحول إلى جزء منى. لا بد أن تكون هناك مسافة من أى حكم. هذا ما تعلمته من هيكل
* لكن هيكل نفسه لم يكن على مسافة من عبدالناصر؟
– هو قال ذلك، لكن العلاقة بين الصحفى والرئيس علاقة جدلية، صعبة وشاقة، إذا كان لدى الصحفى طموح فى أن يعرف أكثر ويكتب أكثر ولديه رغبة فى أن يحافظ على قدر من مصداقيته وقدر من أمنه. معادلة ربنا ما يوريك
* لكن الصحفى أيام مبارك كانت عينه على الترقية، ليس أكثر؟
– عن نفسى كثيراً ما استعجلته. يا ما قلت له: إحنا ( يقصد رؤساء المؤسسات القومية) نتنّا، إحنا خلاص خللنا. لكنه كان يقول لى: إنت مستعجل ليه يا أخى !
* على ذكر هيكل. ما تحفظاتك عليه؟
– لا والنبى بلاش. لدى تحفظات عليه طبعاً، لكن بلاش. لأنه أستاذى. ثم إننى لا أنسى له أنه عندما “رفدنى” السادات، كان من الجرأة بحيث يتصل بى ويقول: مكتبى مفتوح لك. إزاء هذه المكالمة تتلاشى بالنسبة لى كل عيوب هيكل، وإن كانت كثيرة
* هل منها ما يتصل بالمصداقية؟
– لا، لكن سأقول لك شيئاً، لأنى نشرته. هيكل، وهو بالمناسبة كبير جداً جداً وأظن أنه أكبر صحفى جاء فى تاريخ هذا البلد. هيكل من الصحفيين القلائل الذين احترموا أنفسهم، عمرى ما شفت هيكل رخيص، عمرى. لكن موقفاً ما جعلنى أعيد النظر فيه. كنت أول من جاء به فى اليوم الذى خرج فيه من السجن، إلى “المصور”، دون إذن من أحد. وأجريت معه حواراً على 18 صفحة، ثم عرضت عليه أن يكتب للمصور، فقال لى: سيبنى أفكر شوية. وفى النهاية كلمنى، قال لى: أنا كتبت لك 3 مقالات بعنوان: “رسالة إلى مبارك “، وبالتالى من حق مبارك أن يكون أول من يقرؤها، ولذلك أطلب منك أن تعطيها له قبل النشر. فقلت له: فى الغالب سيتحفظ ولن تنشر. دعنى أفاجئه بها، دعنى أقرأها أولاً وسأقول لك إذا كان بإمكانى أن أفاجئه بها، أم لا. وقرأت المقالات وأخبرته بإمكانية المفاجأة لو أنه سمح لى بتنقيح بعض الأشياء. لكن هيكل أصر على رأيه وقال لى: أنا مش طالب منك تنشرها، أنا عايزك توصلها لمبارك. المهم أنه كتب مقالاً فيما بعد قال فيه إنه أرسل هذه الخطابات لمبارك وفوجئ بها تعود إليه مع أسامة الباز. وقتها حزنت جداً وكتبت تحت وطأة الحزن مقالاً انتقدته فيه بشدة. وبعد نشره اتصل بى وقال لى إنه مستعد لتقديم أى اعتذار، لكن المؤسف أنه كرر الحكاية مرة أخرى !
* وكيف تفسر سلوكه هذا؟
– لا أعرف، وبالمناسبة كل الفرص التى أخذتها فى “الأهرام “، لم تكن منة من هيكل. هو لم يكن يعطى فرصة إلا لمن يستحق. بالعكس.. كثيرون قالوا لـه إننى عدوه، إلى أن اكتشف من عبدالناصر نفسه أننى أدافع عنه
* أعود بك مبارك.. ما أكثر موقف رأيته فيه غاضباً؟
– فى رحلتنا الأخيرة لأمريكا. كانت المباحثات تجرى فى بيت جورج بوش، وإجراءات التفتيش للوفد المصرى كانت سخيفة جداً، بحيث بدت أنها متعمدة. صعدت الكلاب البوليسية إلى الأتوبيس الذى كنا نستقله، ثم أُمرنا بأن ننزل ونركب سيارات أخرى، وبعد انتهاء المؤتمر الصحفى ووصولنا إلى الفنادق علم الوفد المصرى أن بوش سلم شارون رسالة تضمينات بأن الكتل الاستيطانية الكبرى سوف تلحق بإسرائيل. كان الوضع غاية فى الإحراج، لأن بوش لم يخطر مبارك بهذا الأمر، فى اللقاء الذى تم بينهما صباحاً. وقتها استشاط مبارك غضباً وطلب من عمرو موسى أن يدبر له أية مناسبة، ليعلن فيها اعتراضه على قرارات بوش. وبالفعل كان جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكى يفتتح جامعة أسستها أسرته فى “دالاس” ودعى مبارك لهذا الافتتاح فقدم خطاباً خرج فيه على النص وأبدى غضبه من هذه المفاجأة غير السارة. بدا لنا وقتها أننا بصدد أزمة كبيرة فى العلاقات مع واشنطن. بعد ذلك غادر الرئيس وكانت تلك آخر زيارة له لأمريكا. وبالمناسبة كانت القاهرة قد حذرت أمريكا من هجمات سبتمبر، لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية لم تلتفت لهذا التحذير، بل إن بوش راح يسمى مبارك فى كل المنتديات بـ M.wisdom، فى محاولة للتقليل من أهمية ما قال.
وفى حادث الأقصر، وأثناء إقالته للجنزورى، كان مبارك فى منتهى الغضب
* بخصوص أمريكا..هل كان مبارك يمسك بيديه خيوط اللعبة التى يشارك فيها، أم يؤدى دوراً كان عليه أن يؤديه فى الشرق الأوسط؟
– عاصرت 3 أزمات بين القاهرة وواشنطن.. واحدة فى إدارة ريجان تتعلق بالديون الحربية، عندما طالب مبارك بضرورة خفض هذه الديون، خاصة أن فوائدها كانت تصل إلى 15 %، ووصل إلحاح مبارك إلى حد الغضب. وانتهت الأزمة بالتجاوب معه، بعد أن دخلت مصر طرفاً فى حرب الخليج وشاركت فى تحرير الكويت. تم خفض نصف الديون وتحويل القرض العسكرى إلى معونة. الأزمة الثانية جاءت نتيجة إصرار مصر على ضرورة أن تعترف واشنطن بمنظمة التحرير الفلسطينية وأن ذلك شرط أساسى لتحقيق سلام عادل فى الشرق الأوسط. وقد انتهت هذه الأزمة حين بدأت واشنطن فى مباحثات تمهيدية مع المنظمة. والأزمة الثالثة مع بوش الإبن. الشاهد أن العلاقات بين البلدين لم تكن قائمة على التبعية أو التكليف، بدليل هذه الأزمات، لكن العلاقة بدأت تأخذ منحنى صعباً، أصبحت فيه واشنطن هى الطرف الأقوى والطرف الضاغط، بعد التوريث
* ما الخدمات التى قدمها مبارك لأمريكا، وتتناقض مع الأمن القومى المصرى؟
– (بعد تفكير) من المؤكد أن التسهيلات التى تحصل عليها أمريكا فى مصر، وهى تسهيلات كبيرة.. بحرية وجوية، تفوق فى قيمتها قيمة المعونة التى تقدمها لنا. أعتقد أيضاً أن الخدمات التى قدمتها مصر فى الحرب على الإرهاب كانت مهمة للأمن القومى الأمريكى، لا سيما أن ما نعرفه عن “القاعدة”، وقتها، كان محدوداً. ثم إن توتر العلاقات بين القاهرة وحماس، والحرب على غزة، وإن كنت على يقين من أن مبارك كلف عمر سليمان بإبلاغ محمود الزهار بأن إطلاق الصواريخ بهذا الشكل،إيذاناً بانتهاء الهدنة بين حماس وإسرائيل، تعتبره تل أبيب عملاً عسكريا ربما يؤدى إلى غزو قطاع غزة، المهم أن هذا التوتر بين القاهرة وحماس صب فى صالح أمريكا
* و”إسرائيل”.. ألم يتخذ منها صديقاً استراتيجياً، بدلاً من أن تكون العدو الاستراتيجى؟
– الخطر أن مبارك اعتمد خطاً كان سائداً أيام السادات.. أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب. ثانياً: كانت هناك جرائم إسرائلية ارتكبت فى حق الفلسطينيين، لكنها لم تكن تلقى ردود فعل قوية من جانب مصر. ثالثاً: أننا فى بعض الأحيان كنا نضغط على الفلسطينيين، كى يذهبوا للتفاوض، دون أن تكون لدينا ضمانات كافية بأن هذا التفاوض سيحقق أية ثمار حقيقية
* تستطيع إذن أن تقرر ما إذا كان مبارك قد ارتكب عملاً من أعمال الخيانة أو لا؟
– لا أظن أنه ارتكب عملاً من أعمال الخيانة. ربما أساء إدارة بعض مشاكل مصر. ربما، لرغبته فى التوريث، لم تكن ردود أفعاله تجاه المخالفات الإسرائلية بالقدر المطلوب، لكن الخيانة تهمة شائنة لا أستطيع توجيهها لرئيس حكم مصر 30 عاماً، دون أن تكون لدى وقائع ثابتة وأكيدة
* من الذى كان يهيمن على مقاليد الصحافة فى عصر مبارك؟
– صفوت الشريف، لأنه كان صاحب تأثير قوى على مبارك. هو الوحيد الذى كان يجيد التخاطب معه ويفهمه فى كافة ظروفه وأحواله. ثم إن مبارك كان يثق فى قدرة الشريف على التعامل مع كل المشاكل وأية مشاكل، وبالرغم من أنه يعرف كثيراً جداً من أساليب الشريف وسمع شكاوى كثيرة فى حقه، إلا أنه كان يرى دائماً أن الشريف هو رجله فى المهام الصعبة
* تقصد المهام القذرة؟
– واحدة من عيوب الشريف أنه لم يكن يحسن التعامل مع من يحترمون أنفسهم. كان يريد من كل من يتعامل معه أن يكون مجرد أداة فى يده وجزءاً من إرادته. الشىء الثانى أن الشريف كانت لديه درجة من المكيافيلية. كان المهم لديه أن يحقق ما يريد بأية أساليب. ليست عنده مشكلة مع الأساليب. ثالثاً: كان الشريف يترصد أشخاصاً بعينهم..
* مثل؟
– كل من يحترم نفسه وله إرادة تختلف مع إرادته
* ما حصته فى انهيار عصر مبارك؟
– كانت مصالح الشريف تتناقض مع مصالح أحمد عز، وكان يدرك خطورة ما يفعله أحمد عز، مع ذلك لما رأى أن ريح عز هى الغالبة توافق معه. وكان يرى، حسبما قال الشريف لى، أن التوريث سيضع النظام فى مأزق خطير. لم يكن متحمساً له، لدرجة أن كان يرجو أن يرشح الرئيس نفسه مرة أخيرة. وعندما كسب جملة فى هذا السباق، سارع وقال لى: إن الرئيس مبارك هو الذى سيترشح، وليس ” جمال “. لكنه قبل 15 يوماً من إجراء الانتخابات عاد وقال لى: جمال هو إللى هينزل. كان من الواضح لى أن خياره الأساسى هو مبارك الأب
* أستاذ مكرم.. ما حقيقة موضوع التوريث؟
– أنا كنت أول صحفى فى مصر يسأل مبارك عن هذا الموضوع وكانت إجاباته: أننا لسنا مثل سوريا وأن مصر ليست ملكية، لكى نورثها. مثل هذه الإجابات كانت تحتمل نوعاً من المخاتلة، لأنه كان يتصور أن نزول جمال مبارك المعركة الانتخابية يبطل مفهوم التوريث. لكن الجميع كان يعرف كيف تجرى الانتخابات فى مصر. كما أنه من المستبعد أن يحظى أى منافس بالفرص التى سيحظى بها جمال. وبدا من الانتخابات الأخيرة، وقد جرت على نحو مخز، أن التوريث قادم وأن هذه الانتخابات هى إعلان بأن الحكم سينتقل فى الفترة القادمة لجمال
* اقتربت من جمال، بحيث يمكن أن تلخصه فى عبارة؟
– جمال شخص مؤدب، يقرأ كل الملفات بدقة، على درجة عالية جداً من العناد
* من شابه أباه؟
– لا أعرف إن كانت وراثة أم لا، لكنه فى النهاية بدأ يمارس نفوذه بشكل فظ على كل من يخالفه الرأى..
* اذكر لى وقائع؟
– مرة عنف أحد رؤساء التحرير دون مبرر
* من؟
– لا داعى، وخلافه الشديد مع الجنزورى، رغم أن الجنزورى كان يتأفف من أية محاولات للتدخل فى عمله. هذه إشارة مهمة، والأخطر من ذلك أنه صدق ما كان يقوله له بعض حوارييه من أنه لا يوجد طلب على الديموقراطية فى مصر. حتى بعد خروج التظاهرات بشكل يومى وبعد خروج كثير من المعارضة على أدب الحوار مع مبارك إلى حد سبه. مع ذلك ظل يعيش فى هذا التصور..أن الديموقراطية سلعة غير مطلوبة وأن كل مشاكل مصر يمكن علاجها بالقطاعى أو بالجملة، متى تيسرت الظروف. وأن الناس تترقبه وتأمل فيه وأن كل شباب مصر متحمس لوجوده. الشاهد أنه كان يعيش فى شرنقة تشبه الشرنقة التى كان يعيش فيها الرئيس، فى السنوات العشر الأخيرة من حكمه
* ما دور جمال فى إقالة الجنزورى؟
– هناك أسباب كثيرة لإقالة الجنزورى: منها أنه كان ينظر لنفسه على أنه رئيس وزراء سياسى، ومن ثم يحق له أن يبدى رأيه فيما يحدث حوله. وهذا لم يكن أمراً مستحباً داخل القصر. السبب الثانى هو أن العلاقة بين الجنزورى ويوسف بطرس غالى، الشخص الأثير لدى جمال، كانت غاية فى السوء، إلى حد أن الجنزورى كان يتهم غالى علناً فى وطنيته. السبب الثالث هو أن مبارك كان يأخذ على الجنزورى أن الحسابات الختامية للموازنة جاوزت المقدر لها بسبب كثرة المشروعات الكبيرة التى فتحت فى وقت واحد.. العوينات وتوشكى ..إلخ. وقد سمعت هذه الرواية من مبارك شخصياً.. أن الجنزورى عمل له “من البحر طحينة” وأنه لم يكن يتوقع أن يكون حجم التفاوت فى الموازنة مرعباً إلى هذا الحد. أما الجنزورى فيعزو السبب إلى خصومته مع غالى
* وسوزان. ما شهادتك عليها؟
– ليس لدى وقائع محددة عنها، لكن لدى شواهد على أنها كانت تمارس نفوذاً على وزرات بعينها كما قلت لك
* ما دورها فى انهيار نظام زوجها؟
– يشاع أنها كانت الطرف الأكثر حماساً للتوريث وأن الرئيس لم يكن موافقاً فى الشهور الأولى، لكن مقاومته تلاشت
* بالنسبة لـمحاولة اغتيال “عمر سليمان”. هل لديك ما يؤكد أو ينفى ضلوع جمال أو سوزان فيها؟
– ( بعد تردد ) لا
* من من الشخصيات العامة تعرضت فى عصر مبارك لنوع من الظلم وتريد الآن أن تبرأ ساحته؟
– غضب الحكم فى مصر، سواء فى عصر مبارك أو غيره، دائماً ما يؤدى إلى الاغتيال المعنوى. طلاق الرجل مع الحكم يعنى طلاقه مع الحياة العامة
* ما الشىء الذى كنت تشعر أنه مدار حياة مبارك؟
– أمنه. مرة، وهذا الكلام أقوله لأول مرة، كنا قد وصلنا إلى تنزانيا. وكان الرئيس نيريرى سعيداً جداً بوصول مبارك، لكن فوجئنا الساعة 12 بالليل، فى نفس ليلة وصولنا، بدق عنيف على الأبواب.. كله يجمع.. كله ينزل شنطه. لدرجة أننا تصورنا أن انقلاباً حدث فى مصر! المهم أيقظوا نيريرى من النوم واستأذنوه فى الانصراف، ومن ثم ركبنا السيارات إلى المطار دون أن نسمع كلمة واحدة عن سبب قطع الزيارة، هكذا. وفى الآخر اتضح أن السفير الأمريكى اتصل بأحد أعضاء الوفد المصرى وأخبره أن لديه معلومات عن وصول اثنين من الليبيين إلى تنزانيا ونزولهما فى العاصمة وأن السفير يخشى أن يكون هؤلاء مكلفين باغتيال مبارك ! وقتها لم تكن العلاقات طيبة بين مصر وليبيا. المهم أُمرت الطائرة بأن تقلع على عكس الاتجاه فى الممر ووضعت سيارة رؤساء التحرير فى مقدمة الركب، لكى يضحوا بنا فى حالة وجود شىء ضد الرئيس. ثم توجهنا إلى الخرطوم فجراً وقدم لنا عمر البشير الغداء على أنه إفطار فى الخامسة صباحاً ! إلى هذه الدرجة كان موضوع الأمن يشغل مبارك
* وما المشترك بينه وبين أسرته؟
– هو يحب أولاده حباً شديداً ويكره أى أحد يتناولهم بكلمة
* هل اقتربت من علاء؟
– تقابلنا مرات عديدة، لكن لم يجمعنى به أى حوار
* وأحمد فتحى سرور؟
– كان الرئيس يأخذ آراءه فى بعض القضايا القانونية والدستورية، لكن مشكلة سرور كانت مع المرحوم كمال الشاذلى، من أجل السيطرة على أعمال المجلس. كثيراً ما صرح لى سرور بذلك
* ودور زكريا عزمى؟
– زكريا هو الذى يفتح الباب على مبارك وهو الذى يغلقه عليه. وما من رسالة يمكن أن تصل لمبارك إلا من خلاله. هو أداته وعصاه أذا أراد مبارك أن يقرع وزيراً. هو كـ..، لكنى لا أريد أن أستخدم هذا التعبير
* ما صحة أن زكريا كان يسرب معلومات لبعض الصحفيين، ليصنع منهم معارضين يجمل بهم وجه النظام؟
– لا أعرف
* وحسين سالم؟
– رأيته لآخر مرة منذ سنتين، فى شرم الشيخ. حسين هو رجل الظل، تراه دائماً من وراء ستار. عزوف عن أن يكون نجماً، حتى فى الإعلانات بخيل. ولا أعرف إن كان هذا ذكاء منه.. أن يظل دائماً فى الهامش
* لكنه كان يحرك المتن؟
– من المؤكد أنه كان يحرك الناس من موقعه فى الظل
* قلت إن هناك مؤامرة كان يقودها جمال والعادلى للانقلاب على مبارك أثناء الثورة.. هل تأكدت من هذا الموضوع؟
– ما قلته أن هناك ورقة من 8 بنود تمثل خط الدفاع الأخير، وأن العادلى استخدم هذه الورقة فى غير ظروفها الحقيقية
* ما محتوى الورقة تفصيلاً؟
– تحدد فى ساعة الـ blackout ( التعتيم ) كيفية التصرف حيال الأوضاع، وهذه الورقة نقلها لى أحد مساعدى مبارك
* ما الذى بدا لك من مبارك ولم تفصح عنه بعد؟
– كان ظاهر مبارك غير باطنه
* وما الأشياء التى كانت تقع منك موقع الرؤية الدائمة ولم تكن تصدقها، ثم “شقيت بحسن ظنك”؟
– كان الحكم يلعب لعبة سخيفة جداً هى لعبة الحوار مع المعارضة. وأنا كنت من المؤمنين بأن على هذا الحكم، إذا أراد النجاة فى مواجهة تيارت الإسلام السياسى المتنامية، أن يدخل فى علاقة تحالف مع القوى السياسية والمدنية وأهمها حزب الوفد والأحزاب الأخرى. كان عليه أن يمكن هذه القوى من مشاركته بنصيب معقول فى مقاعد البرلمان. وكثيراً ما كان النظام يستجيب لهذه الدعوة، لكنه لم يكن يؤمن فى أعماقه بأهمية الحوار مع هذه القوى، ولم يف بوعوده لها وظل مصراً على أن يكرس لنفسه أغلبية كانت تجىء عن طريق انتخابات مزورة، بدلاً من أن يعقد تحالفاً واسعاً معها ضد مخاطر كانت تهدد الحكم ذاته
* بالنسبة للجماعات الإسلامية، هل كان مبارك متحمساً لحوارك معها؟
– تدخل لمنع الحوار
* كيف؟
– هو فوجئ بصدور الحلقات وصبر على الحلقة الأولى والثانية وبعدها جاءنى اتصال من زكريا عزمى يطلب فيه وقف النشر، بناء على طلب الرئيس. فسألته عن السبب، خاصة أن الحلقات خلفت صدى قوياً جداً فى الناس، والحلقة الثالثة كانت ستظهر فى الغد، ولا أستطيع وقف الطبع. فقال لى: عيد طباعة العدد، لكنى اعتذرت وقلت له بالحرف: إذا كنتم عايزين تصادروا المجلة صادروها، لكننى لا أستطيع وقف العدد بعد أن أعلنت عنه. ثم إننى لا أرى أى ضرر من وراء النشر. ما الخطأ فى نشر هذه الحورات؟ فرد زكريا: يعنى إنت مش عارف يا مكرم؟ قلت له: لأ مش عارف، فقال لى: العالم كله بيتكلم عن القبض على المتطرفين وإنت بتتكلم عن الإفراج عنهم !! هنا قلت له: هذه الحوارات فى سجون مصر سابقة ليس لها مثيل فى العالم. وأنا لو مكانكم أنشر هذه الفيديوهات فى التليفزيون ! فرد قائلاً: آه ده إنت بقى عايز توججها مع أمريكا ! فعرفت أن أمريكا غاضبة من هذه الخطوة ومعترضة عليها. المهم أننى طلبت مبارك وقلت له: أنا مش فاهم يا سيادة الرئيس إيه إللى مزعلك من نشر الحوارات؟ فقال: حبيب العادلى غلط إنه سمح لك تصور الصور دى. كان هناك أكثر من ألفى سجين من هذه الجماعات لابسين أبيض والضباط واقفين قدامهم. فى أربعة سجون متصلة. كانت هذه أول مرة تنشر فيها مثل هذه المناظر. المهم قال لى مبارك: زكريا بلغنى إنك مصر على النشر! فقلت: شكلها وحش أوى يا ريس إنى أطبع المصور من جديد وهو على وشك ينزل السوق ! فرد: طيب دى تبقى آخر حلقة
* أفهم من كلامك أنك قمت بهذه المبادرة من ورائه؟
– طبعاً، لكن بموافقة العادلى. عندما وقعت محاولة قتلى من قبل هذه الجماعات كنت، أسأل العادلى كلما رأيته عن أوضاع السجون، فيقول لى: إحنا عاملين حوارات معاهم والموضوع جايب نتايج هايلة. فقلت له: ما فائدة حوارات لا شاهد عليها. قيمة هذه الحوارات أن يقرأها الناس. فقال لى: طيب روح اقعد مع صلاح وشوف الحكاية دى. وقعدت مع صلاح سلامة، مدير أمن الدولة الذى أصبح لاحقاً محافظاً لـ “كفر الشيخ”، فحكى لى حكاية جميلة جداً عن هؤلاء المساجين. بعدها أقنعت العادلى باهمية أن أجرى أنا هذه الحوارات
* وحبيب العادلى: هل يمكن أن يعطيك التصريح دون الرجوع لمبارك؟
– لا أعرف، لكنى أعطانى التصريح وكنت أستقبل فى السجون بحفاوة شديدة جداً. ونشرت الحلقة الأولى وقرأها ضباط أمن الدولة، لكنهم لم يقرأوا بقية الحلقات
* ما دور العادلى فى الوصول بمبارك إلى هذه الحافة الوعرة؟
– أنه اعتمد على الحل الأمنى واستخدام القوة المفرطة، ثقته الشديدة فى قدرته على قمع هؤلاء الأولاد، عدم دقة تقاريره التى كانت تقول له إنهم بضعة آلاف وسوف يتفرقون فى غضون ساعات، بينما كان عدد الموجودين فى الميدان يقترب من المليون. وهذا يؤكد أن هؤلاء الناس كانوا يعيشون فى واد والشباب فى واد آخر
* هل جمعتك اتصالات بأى من رجال الحكم أثناء الثورة؟
– لا
* اعتقد البعض أنك كتبت الخطاب المؤثر لمبارك؟
– لأننى كنت على صلة وثيقة بتفكير الرئيس. كتبت خطاباته لمدة 10 سنوات. ثم لا تنس أننى الوحيد الذى قلت بعد خطاب السادات فى مجلس الشعب إنه سيذهب إلى إسرائيل، حتى إن موسى صبرى اتهمنى بالجنون، وعلى فهمى الجمال لم يصدقنى إلا بعد أن قلت له إن الرئيس السادات هو الذى أخبرنى بهذا الكلام. وقد اتصل بى السادات وقال: برافو عليك يا مكرم إنت الوحيد إللى فهمتنى
* ما الأصل الذى يمكنك أن تعزو إليه فى النهاية كل تصرفات مبارك؟
– اعتقاده أنه دائم. لم يشعر أن الناس قد تمله كما تمل أى وزير أو أى رئيس للوزراء. ثم إنه لم يبعث الأمل فى نفوس الشباب. تقول له: يا ريس مطلوب أن نكلم الشباب بلغة جديدة، فيقول لك: ما هو كل إللى بنعمله بنعمله للشباب. لم يدرك مخاطر الفجوة التى حدثت بين 4 أجيال وبين النظام. هو كان غائباً تماماً عن رؤية هذه الفجوة. مبارك كان يعتقد أن الناس تثق فيه ويمكنها، من ثم، أن تقبل خياراته. وهذا يؤكد أن المسافة قد اتسعت بينه وبين الشارع. كلنا كنا ندرك ذلك
* أنت شخصياً..هل نبهته إلى شىء من هذا؟
– أكتر من مرة، لكن الرئيس فى الفترة الأخيرة كان يحب أن يتكلم بأكثر مما يسمع. كان يصادر عليك ابتداء حقك فى الكلام. عندما يشعر أنك ستسأله عن شىء مهم كان يبادرك بالكلام. وكان المحيطون به يقولون: ما تتعبش الرئيس يا مكرم. ولا تنس أن الغرب اتبع معه formula ( صيغة ) غريبة جداً.. أنه حكيم الشرق الأوسط، وأنه الوحيد الذى ينتظرون موعظته. كان الغرب يداهنه، وهو صدق هذا النفاق، فاستحكمت عزلته
* استعلى على النفاق المحلى، ورحب بالأجنبى.. عقدة الخواجة؟
– الغرب عمق بداخله الاحساس بأن أفكاره لا تراجع. إلى أن هزته الحرب على غزة هزاً عميقاً. حماس رفعت عليه راية العصيان فى العالم كله. مظاهرات فى روما وفى باريس ولندن. كانت المظاهرات فى كل أنحاء العالم تتهمه بالتواطؤ. أعتقد أن هذا الموقف غمره بشعور عدوانى ضد حماس. فى البداية، وقد سمعت منه ذلك بأذنى، كان يرى أن حماس لا علاقة لها بالإخوان، لكنه فى الآخر اعتبرها خصمه الحقيقى
* هل سعى إلى تصفية أى من عناصر حماس؟
– لا أعرف شيئاً عن موضوع التصفيات ولم أسمع به، لكن شقيق المتحدث الرسمى باسم حماس..
* سامى أبو زهرى؟
– هذا الولد، الذى مات فى السجن بمصر، ضُبط يهرب حقائب ضخمة من الدولارات عبر الأنفاق
* هل كنت تشعر أن مبارك، وهو يختار رجاله، يريد أن يحيط نفسه بأناس يشاطرونه أفكاره، أم بأهل الثقة؟
– هو لم يكن يحفل كثيراُ بالتقارير الأمنية، لكنه كان من الممكن أن يستمع لرأى سرور وعمر سليمان ونصائح جمال. كثير من الوزراء فى الفترة الأخيرة كانوا يأتون من خلال جمال. الطامة الكبرى هى دخول الولد ده إللى اسمه أحمد عز بيت الرئيس
* لصالح من أدار عمر سليمان ملف المفاوضات.. فتح أم حماس أم مصر أم إسرائيل؟
– لصالح مصر، على ما أعتقد
* وما السر الذى خصك مبارك به؟
– هناك عشرات الأسرار فى يد مبارك، لكنه لم يقل منها شيئاً
* تعرف أن “الكلمات تكتسب الكثير من الوجود المادى للمتكلم”. أسألك عن الكلمات التى كنت تستخدمها فى خطابات مبارك وتشعر أنها تمثله؟
– كنت أعبر عن المشكلات كما هى، آخذ ما يسمح لى به من معلومات، ثم أكتب الخطاب بناء على إحساسى أنا بالشارع، وأبعث به. قد يختصر أو تقع فيه بعض التعديلات، لكن كثيراً ما كان يقوله كما هو
* من كان يقوم بعمل التعديلات؟
– مبارك نفسه
* ألم يكن يتصل بك لأخذ رأيك فيما يضيف أو يحذف؟
– لا، لكنه كان يفوضنى فى جمع المعلومات من مصادرها، وأحياناً كنت أقول له: الخطاب المرة دى يا ريس لازم يكون عن كيت وكيت، ولا أسمع الخطاب إلا عند إلقائه
* أليست هناك كلمات معينة أو خلفيات بعينها أحاطك علماً بها أو حذرك من استخدامها؟
– مرة، وكانت هناك أزمة بين مصر والأردن، قال لى، قبل أن أكتب الخطاب: حط فى اعتبارك كيت وكيت. ثم حكى لى الخلفية الحقيقية للخلاف بينه وبين الملك حسين
* حول؟
– محاولة الملك حسين لمنافسة الدور المصرى. وعلى فكرة لم أكن وحدى من يكتب خطابات الرئيس مبارك. هيكل أيضاً كان يكتب له
* تقصد أحمد هيكل وزير الثقافة الأسبق؟
– كان يكتب له الخطابات الدينية كلها. وبالنسبة لى كان من عادتى أن أشرك معى أسامة الباز
* على ذكر الباز.. كيف كان رأيه فى مبارك؟
– كنت أتعامل مع الباز باعتباره مثقفاً مصرياً محترماً، لا مجرد مستشار للرئيس. وكنت أقول له كل ما عندى وأنا آمن 100 %، حتى لو كان يغصب الرئيس. الباز هو الوحيد الذى كان يجتمع مع الرئيس صباحاً ومساء على مدى 15 سنة. كان نحلة تجمع لمبارك الرحيق من مختلف الحدائق..مثقفين على معارضين..إلخ
* سألتك عن رأيه فى مبارك؟
– لم يفصح لى مباشرة عن رأيه، لكن كان يأخذ عليه بطء القرار. كان دائماً يقول لى: استنى عليه شويه
* ألم يطلب منك أن تكتب له مذكراته؟
– مبارك أملى مذكراته على محافظ الأقصر السابق، سمير فرج. سمير قال لى إن جمال مبارك أخذ منه أكثر من 25 شريطاً، وأنا على يقين أن مبارك سجل فيها كل ما لديه
* ومذكرات سوزان مبارك. هناك أشياء تسربت منها؟
– لا أعرف إذا كانت حقيقية أم لا
* ما الشىء الذى كان مبارك يعتبره فخر إنجازاته؟
– تسديد ديون مصر. وأنه علم طيارين كويسين. لم يكن يتكلم معنا عن الحرب أو الضرب، بل عن ” العيال ” إللى كان بيدربهم ويلقنهم. كان يقول للواحد منهم ” إذا سمعت الكلام ها ترجع لى سالم، وإذا ما سمعتش الكلام مش هترجع “. كان هذا فخره الدائم. أنه درب طيارين بشكل جيد وخرج مدرسة منهم. وقضية طابا، وهى بالفعل شىء بديع. وكذلك شعوره بأنه أنجز التحول الاقتصادى بسلاسة دون ضحايا كثيرين ودون أن يقع فى الأخطاء التى وقع فيها الروس
* من من رجال مبارك كنت تشعر أنهم كبار ثم اتضح لك أنهم ” لا كبار ولا يحزنون “؟
– …………..
* وما الشعار الذى رافق مبارك طوال مشواره مع السلطة؟
– لم يحكم مصر مبارك واحد فى الحقيقة. فى البداية كان هناك مبارك متواضع وبسيط يكره النفاق، ومبارك الثانى كان لرفعت المحجوب تأثير قوى عليه، ثم مبارك الثالث بتاع الحرب على الإرهاب، مع أنه كان يعانى من أن الغرب لا يصدقه فى هذه الحرب. كانوا يتصورون أنه يحاول استخدام فزاعة الإرهاب لتوريط أوروبا وأمريكا فى مواقف بعينها. وهناك مبارك..النسخة الأخيرة، وهى بكل أسف ليست أفضل الطبعات
* سمعته يمارس أى نوع من النقد الذاتى؟
– لم أسمعه ينقد ذاته، لكنه كثيراً ما كان يقول: إحنا تعلمنا بقى
* والديموقراطية، هل كان يؤمن فى أعماقه بالديموقراطية؟
– لا أظن على الإطلاق أنه كان يؤمن بالديموقراطية. لو كان الأمر كذلك، لأصبح رئيساً ديمقراطياً. إيمانه الحقيقى كان بـ ” مصطفى كمال أتاتورك “، وأول كتاب طلبه من دار الهلال كان عن ” أتاتورك “
* يقال إن ” رأى إنسان فى أية قضية لا يمكن أن يكون أفضل من نوع المعلومات التى تقدم إليه فى شأنها “. فى تصورك ما أخطر معلومة قدمت لمبارك أثناء الثورة وبنى موقفه عليها؟
* أن الجيش نقل مواقعه ويقف إلى جوار الثورة. وأنه لا بد لمبارك من التنازل عن الحكم. عندما يجمع رئيس وزرائه ونائبه وقائد جيشه على ذلك. أعتقد أن هذه أخطر معلومة وأخطر قرار
* من الذى أبلغه بضرورة التنحى؟
– عمر سليمان
* متى شعرت أن مبارك قد انتهى؟
– بعد موقعة الجمل
* ألا يبدو لك، وهو فى القفص، مذعناً لمصيره أزيد من اللازم؟
– كنت أتمنى لو كانت لديه القدرة، ليقف على رجليه ويدافع عن نفسه
* هل يمكن لمحاكمته أن تُسيس؟
– فى البداية كانت نظرة المجلس العسكرى أن مبارك لا ينبغى أن يحاكم، لأنه يحمل نجمة سيناء وبطل من أبطال حرب أكتوبر. لكنهم قبلوا بمحاكمته تحت ضغط الشارع. وربما كانت ثقة مبارك فى نفسه هى السبب. سألوه..هل تريد تطمينات؟ قال: لا. هل تريد أن تغادر؟ قال: ليه؟
* من الذى عرض عليه هذه التطمينات؟
– عمر سليمان
* هل ينتابك حيال مبارك أى إحساس بالشفقة؟
– هناك من ينتظر إعدامه. حازم الببلاوى قال: إذا لم يُحكم على مبارك بـ 10 سنوات فإن مصر ستشتعل. المصريون يطالبون باحترام القانون، لكن فيما يتصل بمبارك، كل واحد يريد حكماً على مزاجه. عن نفسى أحس، مع كثيرين، أنه عزيز قوم ذل. لكنى أحسن أيضاً أن المحاكمة ضرورية ومهمة جداً، لأنها ستحول دون ظهور فرعون جديد
* وما الحكم الذى سيصدره المستقبل عليه؟
– ربما يكون المستقبل أكثر إنصافاً لمبارك. الآن لا يمكننا أن نحكم. مشاعرنا ما زالت ساخنة وغاضبة. ما زلنا نعيش فى قلب المأساة.