فيلمان فقط هما رصيده في عالم السينما لكنهما منحاه مكانة مميزة وسط كتاب السيناريو.. فموهبته في رسم الشخصيات وقدرته علي بناء عمل درامي شديد التماسك جعلته يبدو كمن يغرد خارج السرب. مصطفي ذكري السيناريست صاحب “عفاريت الأسفلت” و”جنة الشياطين” نموذج لعاشق السينما الذي لا يقبل سوي الجودة ويرفض تقديم التنازلات مهما كانت الاغراءات. ويعترف مصطفي ذكري ان غيابه عن السينما يعود لاختلاف نوعية أعماله عن الموجه السائدة مفجرا المفاجأة بأن أفلامه من الصعب أن تصل إلي الجمهور.
* لماذا لم تقدم سوي فيلمين فقط طوال مشوارك مع السينما؟
– بدأت حياتي الفنية عام 1995 بعد تخرجي بثلاث سنوات ولولا تحمس الفنان القدير محمود حميدة لهذه السينما ما رأي الفيلمان النور وبعد فيلم عفاريت الأسفلت بثلاث سنوات كتبت فيلمي الثاني جنة الشياطين ولكنني كسول وكلما ساء حال السينما شعرت بأني مهما فعلت فلا جدوي مما سأكتب لأن من يتحمسوا قليلا وربما غير موجودين.. وتوقفت عندما شعرت ان الوضع الآن لا يليق علي الاطلاق بوجود سينما مختلفة وأهم شيء عندي أن يخرج العمل بالشكل الذي أريده كما ان الأعمال التي أقدمها خاصة جدا ولها سوق معين ولا تتحمس جهة انتاجية بسهولة لهذه النوعية.
* تنوع الموضوعات التي تطرحها الأفلام حاليا هل سيساهم في عودتك للسينما؟
– غير حقيقي لأن لي أصدقاء من دفعتي كانوا يؤمنون بكل ما أفكر به وكل ما أحلم به للسينما الا انهم في أول، اختبار حقيقي ينجرفون مع شروط السوق ولم يصمدوا.. ربما حاولوا في اثبات الشكل أو في طبيعة الموضوع ولكنها في النهاية تبقي محاولات خارج نطاق التقييم فالحالات الفردية ليست بادرة أمل وستظل منثورة هنا وهناك ولا أشعر بأي تفاؤل لأن الأزمة ستظل قائمة طالما المسئولين عن صناعة السينما علي نفس الحال.
* أليس لديك أي استعداد للتنازل؟
– بعد عفاريت الأسفلت وجنة الشياطين تنازلت كثيرا وجاءتني عروض كثيرة من أشخاص محترمين ومهمين جدا لكن للأسف لا تبهرني المغريات أبدا فلا يمكن بأي حال ان أكتب فيلما أو أدبا خصيصا من أجل هدف ما.
* ما تفسيرك لحالة التراجع التي تتحدث عنها؟
– السينما “تعبانة” لظروف خارجة عن إرادة الأفراد.. كما ان طبيعة العمل الجماعي مختلفة وتظهر فيها الفروق الحضارية بين السينما المصرية والأمريكية.. ففي هوليوود يعملون كفرد واحد لا يحاول أحدهم ان يأكل الجو من الآخرين. وإلي حد كبير الفارق بين السينما الجيدة والسينما التجارية ليس كبيراً ولكن الأمر كله يتوقف علي فكرة العمل الجماعي وأهميتها فمثلا أي فيلم به شخصيات ثانوية وفي الأعمال المصرية يتعاملون مع الأدوار الثانوية بشكل سطحي تماما فالريجسير له دائرة لا يخرج منها واعتماد المخرج عليها يجعله يأتي بمن هم في محيط دائرته الضيقة جدا والفقيرة فنيا، ولكي يكون الفيلم حقيقيا علينا أن نفهم ان من سيظهر لمدة 5 ثوان مثل الذي يأخذ البطولة.
* لكن هناك مخرجين يستعينون بالفعل بنجوم في أدوار صغيرة؟
– نعم ولكن أداء النجم أحيانا في الأدوار الثانوية يكون غير جيد وغالبا يكون من أجل المنظرة بأن المخرج استطاع ان يحضر النجم الفلاني كما ان ثلاثة أرباع ميزانيات الأفلام تذهب للأجور علي حساب أشياء أخري.
* ومن الممثل الذي تحب ان يقدم أعمالك؟
– لا أفكر أبدا وأنا أكتب في أي فنان يقوم بدور أكتبه وهذا ليس عيبا فمثلا أفلام هيتشكوك نظرا لنجاحها الكبير وشهرتها وصلت لدرجة ان كان هناك أدب كتب خصيصا ليتحول لسيناريو يخرجه هيتشكوك ولكن العبرة ليست فيمن قدم العمل فالعبرة بالتمثيل.
* هل من الممكن ان تصل أفلامك ذات يوم إلي الجمهور؟
– لا أعتقد ذلك.
* معني هذا ان الجمهور لا يشغلك؟
– ليس هكذا ولكن طبيعتي انني لا أهتم إلا بنفسي فقط.. الظروف جعلتني لا انشغل بشيء مادي ولا ألهث وراء السينما التجارية وهي قناعة ليس لي يد فيها.
* ألا تخشي من اتهامك بتهميش الجمهور؟
– لا.. لأن الجمهور متنوع فهناك جمهور من الأطباء والمهندسين ونخبة من الناس لا يحبون أن يروا نوعية الأفلام المستوحاة من أعمال أدبية أصلا إلا لو كانت مشهورة مثل ما حدث مع يعقوبيان مثلا.
* ما رأيك في الأفلام المعروضة الآن؟
– لا أري الأفلام حاليا ولم تغريني أي من اعلاناتها لمشاهدتها .. فأنا لا أنزل من البيت للذهاب لأي مكان لأنني كسول ولا أفعل إلا ما يحرك كل وجداني بشكل غير مقصود كما أكتب بهدوء وأتحرك في الحياة أيضا بهدوء