محمد خير: من لم يتأثر بكافكا؟

محمد خير: من لم يتأثر بكافكا؟
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

حاورته: عناية جابر

محمد خير، شاعر وقاصّ وصحافي من مصر، مواليد القاهرة 1978، أصدر ديوانه الأول «ليل خارجي» بالعامية المصرية عن دار ميريت سنة 2002، وانتظر ست سنوات ليصدر ـ بالعامية أيضاً ـ ديوانه الثاني «بارانويا»، عن نفس الناشر، وفي العام نفسه أصدر مجموعته القصصية «عفاريت الراديو» عن دار ملامح 2008، وصدرت طبعتها الثانية عن دار ميريت في 2011، بعد عام واحد من إصدار ديوانه النثري، بالفصحى هذه المرة، بعنوان «هدايا الوحدة» ميريت 2010، وأخيرا أصدر روايته الأولى «سماء أقرب» عن دار ميريت 2013.

ويكتب خير أيضاً الأغنية، فكتب العديد من الأغنيات لفنانين شبان في مصر ولبنان، منهم: زياد سحاب، فيروز كراوية، دنيا مسعود، ياسمينا فايد، إيلي رزق الله، فرقة نغم مصري، إضافة إلى أغنيات عدد من العروض المسرحية. ويكتب خير مقالا أسبوعياً في جريدة «التحرير» المصرية، كما يكتب في القسم الثقافي لجريدة «الأخبار» اللبنانية.

حاورته: عناية جابر

محمد خير، شاعر وقاصّ وصحافي من مصر، مواليد القاهرة 1978، أصدر ديوانه الأول «ليل خارجي» بالعامية المصرية عن دار ميريت سنة 2002، وانتظر ست سنوات ليصدر ـ بالعامية أيضاً ـ ديوانه الثاني «بارانويا»، عن نفس الناشر، وفي العام نفسه أصدر مجموعته القصصية «عفاريت الراديو» عن دار ملامح 2008، وصدرت طبعتها الثانية عن دار ميريت في 2011، بعد عام واحد من إصدار ديوانه النثري، بالفصحى هذه المرة، بعنوان «هدايا الوحدة» ميريت 2010، وأخيرا أصدر روايته الأولى «سماء أقرب» عن دار ميريت 2013.

ويكتب خير أيضاً الأغنية، فكتب العديد من الأغنيات لفنانين شبان في مصر ولبنان، منهم: زياد سحاب، فيروز كراوية، دنيا مسعود، ياسمينا فايد، إيلي رزق الله، فرقة نغم مصري، إضافة إلى أغنيات عدد من العروض المسرحية. ويكتب خير مقالا أسبوعياً في جريدة «التحرير» المصرية، كما يكتب في القسم الثقافي لجريدة «الأخبار» اللبنانية.

÷ «سماء أقرب» روايتك الصادرة حديثاً عن «ميريت»يحكمها مناخ كابوسي الى حد، نقرأها كما لو من خلف ساتر أسود, مجرياتها وأبطالها؟

ـــ لم أتعمد ذلك في بداية التخطيط لها، هكذا جرت الحكاية كما تجري المقادير، ربما لهذا تسرّب ما يشبه سؤالك هذا إلى شخصيتيّ «مازن» و«فاتن» وهما يحاولان التحرر من التجربة بالكتابة عنها، فقد وجدا أيضا بدهشة أن مصير شخصياتهما يتجه دائما إلى «تراجيديا خالية من أي أمل»، كان هذا محل استغرابي أيضا، لكني وجدت أن أي محاولة لإنقاذ أحدهم ستبدو تدخلا من خارج الخيال، وحين أنشأتُ شخصية «أكرم» كنت أعرف أنه سيتورط في جريمة ملتبسة، لكني وجدتها تتحول في النهاية إلى مأساة كاملة، كأن شيئاً في لاوعيي أراده أن يعود وحيدا تماما كما بدأ.

ربما كان ما تقولين، عن الكابوس وعن الساتر الأسود، يكمن وراءه هذا العجز الذي يصيبنا في الكوابيس، نرى مخاوفنا لكننا لا نستطيع التحرك أو بالكاد نحاول الهروب بأقدام ثقيلة، كذلك حصل لشخصيات «سماء أقرب»، خصوصا «أكرم» و«مازن»، رأت مخاوفها كاملة تتحقق من دون حيلة منها، ربما أيضا كان الكابوس من النوع الأسوأ، ذلك الذي لا تستطيع الهرب منه لأنك لا تستطيع الهرب من نفسك، قبض أكرم على لحظة من ماضية لكنها هربت منه مجدداً ونهائياً، مازن سيحمل كابوسه، إصابته الجسدية، إلى الأبد، وعلى كل منهما أن يتقبل كابوسه ويحيا معه، ربما كان ذلك مما يشبه الحياة الواقعية، أن تتقبّل كوابيسك.

 

÷ رواية ذات شكل متنّوع, مع ذلك تحكمها وحدة في التأليف؟ كيف رتبّت فنياتها وهل استغرقتك طويلاً؟

ـــ حين بدأت ـ عام 2009 ـ كنت متأثراً بكتابين قرأتهما في وقت متقارب، كتاب «السيناريو» لـسِد فيلد، و«كيف تحكي حكاية؟» ورشة السيناريو الشهيرة لجابرييل ماركييز، ربما هذا هو ما دفع بعض القراء «لاتهامي» بإنني لجأت إلى تكنيك سينمائي، على كل حال كان ما استخلصته من الكتاب الأول، هو ألا تذهب في رحلة لا تعرف نهايتها، اعرف نهايتك قبل أن تبدأ، كي لا تتورط في نهاية مفتعلة، لا يعني ذلك بالطبع أن تعرف مقدما كل موقف وكل مأزق وكل منحنى أو مفاجأة، لكن أن تعرف على الأقل الإطار العام، وتتعرف إلى شخصياتك ـ ومآلاتها ـ جيداً.

أما ورشة ماركيز، فقد أضافت لي الكثير عن ضرورة التفرقة بين «الفكرة» و«الحكاية»، لقد دفعني ذلك للتخلّي عن البحث عن «فكرة» للرواية، عرفت أن الأولوية للـ«حدوتة»، إذا وجدت أولا ما تريد أن تحكي عنه، ستأتي «الأفكار» فيما بعد، أفكار الشخصيات وما تفكر به الشخصيات، وكيف ستتفاعل معاً وكيف ستدخل ـ أو تخرج من ـ مآزقها.

على كل حال خططتُ للحكاية طوال أسابيع، وساعدني ذلك فيما بعد على أن أمهّد طوال الأحداث للانقلاب الذي أعرف أنه سيحدث، حين يكتشف القارئ أن ما كان يظنه متخيلا هو الحقيقي أو العكس، سوف يفاجأ غالباً لكنه لن يشعر بأن الانقلاب مفتعل لأجل «إنهاء» الأحداث، ستستيقظ في ذهنه الأحداث السابقة ـ التمهيد ـ على ضوء جديد، أو هذا على الأقل ما كنت أرجوه.

كتبتُ الرواية نفسها في النصف الثاني من العام 2009 وصولا إلى أكتوبر 2010، ابتعدت عنها لأسابيع وقبل أن أعود إليها قامت ثورة يناير فاستغرقتنا جميعاً، عدت إلى الرواية مرة أخرى في نهايات 2011، وأنهيتها في الأسبوع الأول من يناير 2012.

 

÷ السرد المتعلق بالأحلام والرؤى, والخيال المتحرر من سيطرة العقل ومن الاهتمام بالاحتمالات ما يحيل الى كثافة الخيال عند كافكا.. هل من تأثر؟

ـــ ومن لم يتأثر بكافكا؟، يتخطى كافكا التأثير الأسلوبي لينفذ إلى روحك ذاتها، كتابته هي التحقق الأقصى لرعب اللاجدوى، والضغط القاسي على مكامن مخاوفنا، حتى المخاوف التي لم نكن نعلم بوجودها داخلنا، إنه يعرف أننا نتجاهل العدم كي نستطيع أن نحيا لكنه يصر على الإشارة إليه.

على كل حال، كثيراً ما تتسلل الرؤى والأحلام إلى نصوصي، السردية والشعرية، يحدث ذلك تلقائياً ربما لأنني نفسي من هواة أحلام اليقظة، لقد عوقبت كثيراً في طفولتي بألقاب تتناسب وذلك، لقد سيطرتُ على تلك الحالة مع الوقت لكنها بقيت تتسلل من خلال الكتابة، أما الاحتمالات المتعددة فربما كان لبورخيس دور فيها، لقد صاغ ـ من خلال أبطاله ـ كثيراً من العوالم الهائلة داخل حجرات صغيرة، وكان ذلك يبهرني دوماً وتأثرت به بلا شك.

 

÷ سرد حميم ويقترب من أن يكون ذاتياً ليعود ويبتعد مع غرابة المواقف, كما أن تعدد الأصوات المتآلفة في الرواية هو نوع من الشعر أكثر منه تكنيكاً؟

ـــ كنت خائفاً من «سؤال الشعر» حتى اتصفت بعض مواضع الرواية بلغة وُصفت بالحيادية، لكني على أية حال رأيت دائماً أن أنواع الكتابة تقترب من بعضها البعض مع الزمن، أصبح من السهل ملاحظة السرد في الشعر والشعر في السرد، وأصبحنا نلتقي نصوصًا يسهل نسبتها إلى أكثر من نوع أو ربما اعتبارها نوعا مستقلا، سيزداد ذلك أكثر مع التأثيرات التي تحدثها في اللغة وسائل الاتصال الحديث، ستتجرد اللغة وتتخفف أكثر وسيصبح جذب المتلقي إلى كتاب بين دفتين أصعب وأًصعب، ربما يدفع ذلك الأدباء إلى التحدّي بكتابة يجد فيها القارئ ما لا يجده في الشاشات بأنواعها، وربما يُحدث الانتخاب الطبيعي أثره فتتشكل مع الزمن أنواع جديدة، أما في «سماء أقرب» فحاولتُ ألا آخذ من الشخصيات وعنها إلا ما يحتاج إليه جريان الأحداث، ربما لهذا جاءت صغيرة الحجم لا تزيد عن المئة إلا بعدة صفحات، وإذا كانت حسب وصفك «ذاتية» أو «حميمة» فربما لأن ما يتداعى إلى الذهن أثناء الكتابة، هو مواضع من النفس كانت مطمورة فلم تتأثر بعوامل التعرية.

 

÷ لمن تقرأ من الروائيين الكبار ومن جيلك.. على مَن تراهن؟ وهل تقرأ خارج الرواية المصرية؟ لمن؟

ـــ هذا هو السؤال الأصعب لأنك دائماً تنسى حين تريد أن تتذكر، لكن إن بدأتُ من نهاية سؤالك فقد حاولت مؤخراً الخروج من القراءات المصرية إلى العربية، إلى جبور الدويهي الذي أسرتني روايته «شريد المنازل»، وربيع جابر ورحلته الجميلة في «دروز بلغراد»، كما قرأتُ العمل الذي أجلته طويلا «الرجع البعيد» لفؤاد التكرلي بعد سنوات من قراءة رائعته «المسرات والأوجاع»، ولا زلت في انتظار قراءة جديد هلال شومان «ليمبو» وسحر مندور «مينا».

مصرياً أعود دائماً إلى الأب الخالد محفوظ، وقرأتُ وأقرأ لكبارنا إبراهيم عبد المجيد وبهاء طاهر وإبراهيم أصلان وصنع الله إبراهيم، أما في جيلي فأقرأ كل ما تمتد يدي إليه، وأهتم بشكل خاص بقراءة إيهاب عبد الحميد ومحمد عبد النبي والطاهر شرقاوي وغيرهم من كتيبة السرد المصرية الشابة التي أفخر بالانتماء ـ مؤخراً ـ إليها.

بين الجيلين أقرأ لياسر عبد اللطيف وهيثم الورداني وحمدي أبوجليل وأحمد صبري أبو الفتوح، على اختلافهم وتنوعاتهم، أقول ذلك وأدرك أنني فوّت ولا شك الكثير من الكتاب الرائعين.

أما عن الشعر؟ فهذا مقام آخر.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

نشر في السفير اللبنانية

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم