مجرد سقـوط

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 جيلان زيدان

 

تذهب دوما من أرجوحتي, وتُبقي لي هبوطي الحاد الذي أشعر. الأرض ليست بهذا الكبر الذي يجعلنا بعيدين داخل نفوسنا. أتبنّى الأحلام لأكبر عنها وأحب, وأرسم, وأغني, وأصحو صباحًا, وأتصور عاداتك السيئة التي تجعلني أحبك. وأجنّ أكثر, لما أراجع رسالتك الأخيرة وأقرأ آخر كلمة أرسلتها لي. أحاول وضع النقاط أبعد قليلا عن السطور.. لكنها تبدأ أعمال الشغب بنفسي تحطيم تحطيم تحطيم, وانهياراتي الداخلية التي تمنحني صفحات أخرى من الركام غير المفهوم

...

كلمتك التي كانت تستند إليها الجدران, أكورها كنقطة في نهايتي. تفشل أن تكون رمانة تعدل ميزاني المثقل بحزنك الأكثر.

أبدا لا يهم, أنجزتُ خطة رديئة ضدّ براءتي. وجعلتُ أخمّن معك أنك صباحًا ستنتهي كما نهار مسكين لا خدعة له ولا حيلة في الاختباء من الظلام, يبدأ ببرتقالية ناقحة, وينتهي ببكاء دمويّ حتى الذبول.

أنك سترتبط بفتاة عادية أو حقيرة لم تسمع فيروز من قبل ولا تعلم عن الموسيقى سوى قرع صيجان الحديد في أواني الطهي الواسعة.

لم تسبح في الأدب الإغريقي أبدا , ولم تصنع منك أسطورة هوميروسية ولو كذبة.

سأجعلك تحب تلك الأفكار الحيوانية التي تبدأ بك غبيا وشاذا, عاشقا للضوضاء والحديث عن رحلة عسرة من هضم موزة بعد العشاء.

كم أنت جميل وأنا أكرهك! وأجمّل كرهك في عيني حتى أحب تلك الكراهية بما يدافع عني ويستعديني منك. أفكر لك بك, ولا أعرف حقا كيف تغيّر -أثناء التفكير- صوتي إلى كلماتك, جعلني أحكي بلهجتك, أصير أنت..

كيف أصير أنت في أقل من ربع ساعة؟!!

تمرينات القلب والذاكرة.

صداقاتي العارمة مع دافنشي وبول في الكتب ذات الأجزاء الثلاثة, عمري من الألوان.

إحالتنا كل المساحات الشاسعة إلى معسكرات للمشاعر المأسورة بالحب وملجأ لانهزاماتنا الأولى.

تعرّفنا إلى ساعي البريد. زيارته لك أول مرة. ولي على انفراد.. وهدية!

نعم هدية. أحيانا يفسِّركَ غيابُك على استثنائي لمفاجأة غارق أنت بتسميتها. قد تكون مُبلبلا ما زلتَ تبحث عن قلم ال unipin 0.8 الذي طلبته منك في زخم الذاكرة!

أو احتجازك في حيرة, كيف تعيد لي كتاب السمفونية الموسيقية كي أكمله بحماستي المتقنة كفعل مروِّج لروحي!

أم زيارتنا لمدينة رأس البر... وهذا باعث رمزي على أنانيك بتفكيرك وحدك. دعنا نفكر سويا ونحدد الموعد الخاطف لقدرتنا على الالتحام.

لا تأتيني وتهرب ثانية. ضع هداياك هناك. على قبري, امنح موزارت فرصة جهنمية لصناعة أوبرا جديدة مؤلمة. وإني قابلة أن أمثّل "ليوبولد" القائد الميّت العائد معاتبا لك.

أو هايدن.. امنحها هايدن, روايتنا تستحق تحويلها لعلامات موسيقية مرسومة يمكن تمزيقها مع مطلع رديء.

ضع قلم "اليوني بن" أيضا هنا, أو اكتب على قبري ما يحلو لك من شتائم سأتقبلها ما دمت ميتة فيك.

اكتب كلمة نهاية أيضا. ارسمها. اعزفها.. لن تكون نهاية أبعد من الموت يا حبيبي.

سيقول لك: "الوفية".. ثم يستطرد رسم لوحته الصرخة, دون أيّ كلام.

قبّله من أجلي, فأنا أحب "مونك" أيما حب. وأحبكما بسرور في هذا المشهد. سيمنح روحك الألوان والصداقة الدافئة.

لكني سأصرخ وأقول: أحبك أنت أكثر. بل سأسرّها, ككل الرسائل التي متّ ولم أبثها دمعًا لك.

اذهب بعيدًا, إلى أمي حتى, لا تخف, لن تورطك في الحديث عني, فالمكان أصبح متاحا حيث لم يعد لي.

صديقك يقول باتصاله الأخير بك إنك على "الويتنج". استقبل تهنئات روايتي الجديدة. فتلك آخر توابعي وجميعها آثار خفيفة. لن تتبعها إلى الأبد.

لكنها لم تنته بعد تلك الرواية التي كتبت. أبدية كالموسيقى. سأموت ويعزفها الكون بترهّل كالشحاذين على أبواب السماء.

كل شيء أبدي. كل شيء حقيقي. وكل ما أود قوله لم أكتبه بعد...

حتى "أحبك" التي كان يلزمها عشرات الملايين من المرات أن تكتب لكي تصدق أنها مجرة متلألئة سنعيش فيها.

لم أكن وافية. كل الحق لديك. لكن أوراق وردتي كانت مليئة بالأحداث التي لم تقرأ. سأحفظ أني أنساك, حدّ نموّي بغيابك.. أحفظ ولا أفهم ذلك ولا أتقبله.

 

الآن أتثاءب عطرك الذي أتذكره. وأمنحك براحا تطير إليه بعد أن قصقصت جذوري..

 

هذا الطيران الذي أحب. يجعلني أوضح من كل شيء.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 شاعرة مصرية 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project