ما أريد قوله حول هبوط النفق

ما أريد قوله حول هبوط النفق
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

دور العشيقة لا يليقُ بي، ولا أنا أليقُ بدور العشيقة.

إنني أحاول البحث عن طريق آخر، لا ينتهي بالضرورة إلى نفس النفق، لا أريدُ أن أهبط النفق، بالأمس اضطررتُ لهبوط الدرج الطويل الذي كنت أخاف باستمرار أن اقترب منه، كانت الأرض بعيدة وشعرت أن رأسي ثقيل، وأنه يمكن أن يسقط بهدوء من فوقي، وربما لا أستطيع أن أراه مرة أخرى، كل شيء عرضةُ للفقد.

كل شيء عرضة للفقد، حتى أنا، حتى هذه الذات الوحيدة التي تنقسم كي تعوض وحدتها إلى آلاف الذوات، هذه الذات التي تجد نفسها مُرغمةً على أن تُغطي جسدها آخر الليل وأن تنام ككل الناس، هذه الذات التي لا تجد نفسها إلا بين الصفحات والورق، تدفن شيئاً عميقاً في كل نص تغلق بابه، وتقول إنها تجاوزته، تكذب وتقول إنها تجاوزته، والذين يحبونها يضعونها بين درجتين، هي الملاك الحائر الذي يبسط جناحيّه فوق رأس العالم، أو هذه الشهوانية الوقحة التي تعرف بالضرورة كل الأوضاع الجنسية.

أنا لست هذه ولا تلك، أنا ضائعة تماماً، لا يوجد وسط، لا يوجد منتصف، بالأمس حين فكرت أن أهبط النفق، أن أهبط الدرج الذي في النفق، كانت احتمالات عدة تخبّط رأسي، شعرت أن هذا النفق يمكن أن يسقط فوقي وأن هذا سيسحقني تماماً، فكرت أنني حين أكون مسحوقاً لن أتألم، لكن هذه الفكرة لم يكن هناك من يؤكدها، لم يكن هناك ما يؤكدها.

لا شيء حقيقي في هذا العالم، وأخشى أن أقول إنني فقدت حقيقتي منذ عام ميلادي، منذ هذا العام بالضبط بدأت أمارس دوراً لم يكن لي، تتضمن مشاهده الرقص فوق روحي. أحاول أن أثبت أنني أكتفي من هذا العالم، وأنه لا يعنيني، ذلك لأنني ببساطة أخرى، لا أجيدُ أن أعيش فوقه وأشعر أنه يسير غصباً عني، وبرغم إراداتي، وأن هذا الطريق المُعاكس الذي يتعامل به معي نوعُ من الانتقام.

 انتقام من أشياء وددت لو أفعلها، وأشخاص وددتُ لو خُنتهم، أنا أخون نفسي باستمرار حين أفكر فيهم، وهم يتفلتون من بين أصابع يدي، إنهم يهربون مني كما لو أنني ذنبُ لا يمكن أن يغفره الله، أنا أعرف أن الله يغفر كل الذنوب، يغفر سقوطي من فوق النفق، في ذهني، كي أموت منتحرةَ؛ فأنا أعرف أن وجودي لن يؤذي أحداً، وأن غيابي لن يضيف شيئاً، مع ذلك أشعر أن هذا العالم ثقيل، ثقيل على قلبي، هذه الليلة، هذه الليلة بالذات.

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم