ماذا نسى أدونيس وقاسم الشواف في [ديوان الأساطير]؟

ديوان الأساطير
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 صلاح عبداللطيف

ملاحظة لابد منها: نشر هذا المقال في جريدة الحياة اللندنية في العدد 12613 بتاريخ 11 سبتمبر1997، مركزا على الكتاب الثاني، لأن مجموع أجزاء الكتاب أربعة. ولكون أغلب المعلومات والأفكار التي ينطوي عليها المقال لم يعطلها الوقت بعد، فإني أعيد نشره في موقع الكتابة الثقافي، توخيا للفائدة.

1ــ أدونيس

  كان من نتائج التوسع الكبير في البحوث الإنثروبولوجية وراء البحار، انفتاح أوسع الأبواب لترجمة الأساطير القديمة، التي نمت وخصبت الاهتمام بما تنشده الدراسات الأدبية من امتلاء وتدفق، وكشف للأحوال الخاصة للنصوص من داخل كهوفها، فضلا عن أن ملاحقة الأساطير كانت جزءا من سعي الإنسان الدائم إلى فهم الكون وظواهره منذ حيرة البدائي الأول وحتى هذا اليوم.

  يستهل أدونيس الكتاب بما يلي: [بدأ في السنوات العشرين الأخيرة اهتمام خاص ومفاجىء لدى العرب، كتابا وباحثين وقراء، بالاسطورة وبالقضايا الأدبية والفكرية التي تتولد منها، أو تتصل بها. فقد ترجمت أكثر من مرة، ملحمة جلجامش، تمثيلا لا حصرا، وعمل باحثون كثيرون في العراق وسورية، بخاصة على دراسة الأساطير في هذين البلدين، وعلى ترجمة نماذج عديدة منها، نقلا عن اللغة الأصلية، أو اعتمادا على ترجمتها في اللغات الأجنبية].

  من المعلوم أن الاهتمام بالاسطورة لم يبدأ في السنوات العشرين الأخيرة، فإذا استثنينا الكتب القديمة مثل [مروج الذهب] للمسعودي و[نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي] وابن سعيد الأندلسي  في [نشوة الطرب في أخبار جاهلية العرب] والزمخشري في [الكشاف] فإننا نجد أن رواد التجديد في شعرنا الحديث، أمثال المازني والعقاد وإلياس أبي شبكة وأحمد زكي أبي شادي وعلي محمود طه وسعيد عقل، انغمروا في استخدام الاسطورة على نحو دقيق أحيانا وغير دقيق أحيانا أخرى، بالاستناد إلى مراجعها الأصلية.

    سأتفقد على عجالة ما ضمنه أولئك الشعراء من أساطير في قصائدهم، فالمازني يترجم قصيدة [الراعي المعبود] قائلا في مقدمتها {هي قصة قديمة ولجيمس رسل لويل قصيدة فيها، وقد نظمتها بتصرف كبير ما بين حذف وزيادة}. ولا يشير إلى أن هذا الراعي هو أورفيوس زوج يوريديس ذو المواهب الموسيقية السحرية، والذي تروي الأسطورة أن ألحانه كانت ذات وقع مؤثر، حتى أن كل من استمع إليها كان يبكي مهما بلغت قسوته، وقد أحب يوريديس وتزوجها، وذات يوم عاد فوجد أن زوجته فارقت الحياة متأثرة بعضة أفعى، فذهب إلى عالم الأموات معتمدا على أنغام قيثارته في التاثير على من يعترضه، حتى أن كلب الجحيم {سربروس} لم يستطع اعتراضه. وعندما مثل بين يدي بلوتو وبرسفوني، استطاع أن يهز أعماقهما بقيثارته، فأجاباه إلى طلبه بشرط أن لا ينظر إلى يوريديس ويحدثها حتى يجتازا بوابة عالم الأموات. غير أن شغفه بها ولهفته لرؤيتها جعلا بصره يميل إلى الوراء، فإذا بها تعود إلى العالم السفلي مرة أخرى.

  وقبل أكثر من سبعين عاما، حفلت قصائد العقاد [فينوس على جثة أدونيس] و[إلى ربة الحب الزهرة] و [أكاروس] و [انس الوجود] باشارات من اسطورة اوزيريس الفرعونية. فيما أثرى إلياس أبي شبكة شعره بالإغارة على العهد القديم، ويحفل ديوانه [أفاعي الفردوس]، بالنفس الاسطوري سواء في قصيدته [شمشون] المبنية على خيانة دليلة لشمشون كما جاءت في العهد القديم، أو في قصيدته [سدوم]. كذلك الأمر مع المازني في ديوانيه {الينبوع وفوق العباب}. أما علي محمود طه الذي أثر في السياب تأثيرا واضحا في بدء حياته الشعرية، فقد حفلت أعماله بمختلف الأساطير، كما هي الحال مثلا في قصيدته الطويلة [أرواح وأشباح]. ولسعيد عقل المفتون بالفينيقيين صولات في هذا الحقل، وحسبي أن أشير إلى صنيعه في [قدموس] فحسب. ولا غضاضة ان سمحت لنفسي بتذكير الشاعر أدونيس بأن ترجمة سليمان البستاني لإلياذة هوميروس عن اليونانية نظما، صدرت في العام 1904 في القاهرة.

  ومع ظهور حركة الشعر الحديث في أواخر الأربعينيات، أصبح الاهتمام بالاسطورة نوعا من الانتساب إلى الحداثة، حتى أن إحدى مراحل السياب الشعرية تسمى بالمرحلة التموزية. يقول ناجي علوش في تقديمه لديوان بدر شاكر السياب [لم يستعمل شاعر عربي الأسطورة والرمز كما استعملهما بدر، ولقد أكثر منهما حتى أصبح من النادرأن تخلو قصيدة من قصائده من رمز أو اسطورة، وكادت الأسطورة أن تصبح أحيانا جزءا من القصيدة كما حدث في قصيدة مدينة بلا مطر].

  بعد أن ترجم جبرا ابراهيم جبرا كتاب جيمس فريزر[الغصن الذهبي] العام 1957، أصبح من الصعب السيطرة على النصوص التي فاضت بالأساطير، شعرا ونثر، من يوسف الخال إلى خليل حاوي مرورا بتوفيق صايغ وصلاح عبدالصبور والبياتي وأدونيس نفسه. كان جبرا قبل ذلك العام قد نشر من الكتاب فصلين  في مجلة [الفصول الأربعة] التي صدرت لمرة واحدة فقط  في العام 1954 لصاحبها الشاعر العراقي الراحل بلند الحيدري، كما جاء في الكتاب القيم للدكتور عبدالرضا علي [الأسطورة في شعر السياب].

  ولتبيان الأثر المهم لترجمة جبرا لكتاب جيمس فريزر، سأورد جزءا مما كتبه جبرا في كتابه الرحلة الثامنة [لقد كان من المصادفات أن اطلع بدرعلى هذه الاسطورة- يقصد اسطورة تموز- في فصلين من مجلد كنت ترجمته من كتاب ‘ الغصن الذهبي ‘ لسير جيمس فريزر… ولما قرأهما  بدر وجد فيهما وسيلته الشعرية الهائلة التي سخرها في ما بعد لفكرته لأكثر من ست سنين، كتب فيها أجمل وأعمق شعره، ففي اسطورة تموز بعد 1954 تلتقي خطوط شعره وتتفرع منها].

  وفي الصفحة التالية من الاستهلال، يواصل أدونيس مستطردا [يمثل، إذا، هذا الاهتمام الناشىء بالاسطورة في الوسط الثقافي العربي، ما يمكن أن نسميه بانقلاب معرفي ونظري، ولا أخوض في الأسباب التي أدت إليه، بل اقتصر على القول أنه دليل نضج وتفتح]. ونحن نجد أنفسنا أمام كتاب من من النقائض، فكيف يكون الاهتمام- الناشىء- بالاسطورة انقلابا معرفيا ونظريا لأدونيس الذي الذي لم يدخر جهدا لسنوات طويلة لتنقية وتشذيب الفكر العربي من الاسطورة – وهو يقصد دون شك الخرافة – التي رادفت عنده على الدوام السلفية والأبوة والتخلف، فإذا بها تصبح مرة واحدة انقلابا معرفيا. هنا أشعر بأن أدونيس لا يفرق بين الاسطورة والخرافة، رغم جغرفته بمهارة حاذقة للمصطلح شعريا، رغم أن الحمولة الفكرية للاسطورة لا تعينه في هذا المجال. لنقرأ ما كتبه أدونيس في بيان الحداثة [الممارسة هنا وهناك استلاب، لذلك تقتضي الحداثة قطعا مع التأسلف ومع التمغرب في آن من أجل كتابة الذات الواقعية الحية، وقد وعت فرادتها وخصوصيتها أمام الآخر، وتمثلت بنقد جذري ابداعي، اسطورتها التراثية – الأبوية، وتجاوزتها- أي انطلقت بدءا منها، إلى أبعاد جديدة].

  ومن الطريف أن معاجمنا اللغوية تقف عاجزة، كما يشير الدكتور أحمد كمال زكي في كتابه [الأساطير] عن اعطاء المدلولات الحقيقية لكلمتي خرافة وأسطورة. ومن هنا، ربما، طغيان العموميات. فالأساطير [هي الأحاديث التي لا نظام لها]، وهي جمع الجمع للسطر الذي كتبه الأولون من [الأباطيل والأحاديث العجيبة] وسطر تسطيرا أي ألف وأتى بالأساطير، والأسطورة هي الأقوال المزخرفة المنمقة. وقد استعمل القران لفظة الأساطير في ما يتصل بالقدماء من أحاديث، فجاء في سورة الأنفال [قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا، إن هذا إلا أساطير الأولين]، أي مما سطروا من أعاجيب الأحاديث وأكذبها. وجاء في سورة الفرقان [وقالوا أساطير الأولين، اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا، أي طلب الرسول كتابتها فاملاها عليه جبريل صباح مساء. أما الخرافة فهي من خرف خرفا أي فسد عقله، والخرافة هي الموضوعة من حديث الليل المستملح، وخرافة رجل من عذرة استهوته الجن فكان يحكي ما رأه، فكذبوه وقالوا حديث خرافة أو حديث مستملح كذب، ولم يستعمل كتاب الله هذه الكلمة قط، ولكن روي عن الرسول أنه قال [وخرافة حق]، وفي حديث عائشة قال لها الرسول { حدثيني } فقالت { ما أحدثك حديث خرافة }. وما أرت أن أشير إليه أن الكثير من الغبار لا زال لاصقا بمفهوم الأسطورة عند البعض، وحتى عند الكتاب، الذين لا بد من نجدتهم لانقاذهم من الخلط الذي هم فيه.

 

2- قاسم الشواف

لا يشير قاسم الشواف في تقديمه للكتاب، إلى مصادره في ترتيب موضوعه، بل أن الكتاب ينتهي ولا يعثر القارىء على صفحة للمصادر. ولم يشر الكاتب إلى اللغة التي كانت أداة بحثه، أي أن الأسطورة أخرجت من أدراجها وألقيت عارية إلى القراء، بينما يفرد صموئيل كريمر في كتابه [طقوس الجنس المقدس]، الذي ترجمه إلى العربية نهاد خياطة، أكثر من خمسين صفحة للحواشي والمصادر، والتي تكاد أن تكون كتابا مستقلا.

  ثم يشكر المؤلف في نهاية مقدمته أدونيس، لأنه [وضع تحت تصرفي كامل مكتبته، مما شجعني وسهل علي مهمتي]. وهنا لا بد للقاريء أن  يسأل، ماهي الكتب التي اختارها الباحث من مكتبة أدونيس للإنتفاع منها في بحثه، ألم يكن بينها مثلا ملحمة جلجامش لطه باقر، أو مؤلفات صموئيل كريمر، أو عالم السومريات الكبير آدم فالكنشتاين، أو اوتو شرودور، فون لوكن، جاكوبسن، تسيمرن، دانجان، فان بورن، فيتزل، أوتو فيسفيلد، موريس جاسترو، هنريكه هارتمان، فرانكفورت، أوتو باور، تومبسون، البيرت شوت وهو أعظم من ترجم ملحمة جلجامش إلى الألمانية، والقائمة تطول لتنتهي على الأقل بعبدالحق فاضل، وبشير فرنسيس، وفراس السواح، وعلي الشوك.

  يستهل الأستاذ علي الشوك كتابه [من روائع الشعر السومري] بترجمة لمقدمة ديانا ولكشتاين عن الانكليزية، التي يعترف بأنها غير معروفة، ويبدو أن كونها شابة هو ما لم يعطها منزلا بين قصور الآثاريين المعروفين، فهي تلميذة لصموئيل كريمرونشرت بحثها المشار إليه  في أوائل الثمانينيات. كتبت في مقدمة ترجمتها الانكليزية للكتاب [وعلى مدى عامين، اشتغلت على النصوص التي زودني بها كريمر، وأثناء زياراتي له، كنت أسأله: ماذا تعني هذه الكلمة، هذه الجملة، هل نستطيع أن نعبر عنها بكلمة انكليزية أخرى، ماذا تعني في السومرية بدقة ؟ في بعض الأحيان استطاع كريمر الاجابة على أسئلتي، وفي أحيان أخرى كان يشير بيديه قائلا: بصرف النظر عن عدد المرات التي تواجهينني بنفس السؤال، فأنا ما أزال أعجز عن الإجابة. وفي نهاية مقدمته للترجمة العربية، كتب الشوك [وقد جارينا نحن الترجمة الانكليزية، لأننا لا نملك سواها، ونجهل اللغة السومرية]، فيما لم نقرأ أي اشارة في كتاب الشواف عن معرفة أو جهل باللغة السومرية، التي هي سدى الموضوع ولحمته.

  ضمن القصائد المترجمة في الكتابين، ثمة قصيدة قام المؤلفان بترجمتها مرة تحت عنوان [إنانا تفضل الفلاح وإله الشمس اوتو يعد الفراش لدموزي] كما فعل قاسم الشواف، ومرة [الغزل بين إنانا وتموز] كما فعل الشوك. ولا بد من الاشارة قبل عرض الترجمتين إلى أن تقنية الترجمة عند الشوك تعتمد على البساطة والمحافظة والاحتراز الشديد من البلاغة، وهو يعترف في مقدمته بهذه الصعوبة حيث يقول [بعد شيء من التردد توصلت إلى قناعة بأن العناية المفرطة في تلميع النص العربي قد تسيء إلى النص الأصلي وتمسخه، لأن النبض الشعري في هذه القصائد السومرية لا يكمن في المفردات المدهشة والصور العجيبة، بل في براءة التعبير وربما سذاجته أيضا]. بينما يعمد قاسم الشواف في ترجمته إلى محاولة التكثيف الشعري موسطا بعض الألفاظ الموحية، التي لم تغث القصيدة، بل أخرجت معانيها أحيانا عن مقاصدها الأصلية.

  وفي ما يتصل بالقصيدة التي ترجمها المؤلفان، فإنني سأعرض الترجمتين تاركا للقارئ المتفحص النظر والتقويم.

ترجمة قاسم الشواف للقصيدة تحت عنوان [إنانا تفضل الفلاح واله الشمس اوتو يعد الفراش لدموزي]

أي إينين الكتان- المزروع الذي ينمو،

أي إنانا، الكتان- المزروع الذي ينمو،

وتملأ بذوره الأثلام!

أي أختي، أنت التي جعلت الأشجار الكبيرة تنمو،

أي إينين، أنت التي جعلت القصب المعشوق يتكاثر بسرعة،

أريد أن أعرق للحصول من أجلك على هذه النبتة،

وسوف أجلب لك الكتان- المزروع، أي أختي

أي إنانا، سوف أجلب لك الكتان المزروع

ــ أي أخي، عندما ستقدم  لي الكتان- المزروع

من الذي سيمشطه لي، من سيمشطه لي؟

هذا الكتان من سيمشطه؟

ــ سوف أجلبه لك ممشطا أي انانا !

أي أخي، عندما ستقدم لي الكتان المزروع

من الذي سيمشطه لي، من سيمشطه؟

ــ سوف أجلبه لك ممشطا أي انانا !

يا أخي، عندما ستقدمه لي ممشطا،

من سيغزله لي؟ من سيغزله؟

ــ سوف أجلبه مغزولا، أي اختاه

أي إنانا سوف أجلبه مغزولا

 يا أخي، عندمل ستقدمه لي مغزولا

من سيجدله لي؟ من سيجدله لي؟

هذا الكتان، من سيجدله؟

ــ سوف أجلبه لك مجدولا يا اختاه !

أي أنانا، سوف أجلبه لك مجدولا !

يا أخي، عندما ستقدمه لي مجدولا

من سيسديه لي، من سيسديه لي !

هذا الكتان من سيسديه؟

ــ سوف أجلبه لك مسدى! أي اختاه………

أما علي الشوك فقد وضع لترجمته عنوان [الغزل بين إنانا وتموز]:

أيتها السيدة التي في ريعان شبابها،

ان الكتان في عز نموه بهجة.

إنانا، ان البذرة تتلألأ في التربة المحروثة.

سأعزقها لك، سأجلبها لك.

أن قطعة قماش صغيرة كانت أم كبيرة، مفيدة على الدوام.

إنانا، سأجلبها لك.

شقيقي، بعد أن تجلب لي الكتان، من سيحلجه لي؟

شقيقتي، سأتي به إليك محلوجا

اوتو، بعد أن تجلبه محلوجا، من سيغزله لي؟

شقيقي، بعد أن تجلب لي الكتان مغزولا،

من سيجدله لي؟

شقيقتي، سأجلبه لك مجدولا.

اوتو، بعد أن تجلبه لي مجدولا

من سيسيده لي؟…………

  والنظرة الأولى تشير إلى أن كلمة الشقيق هي أدق من كلمة الأخ، فقد عرب المترجمان كلمة Brother الانكليزية، والتي تعني ضمن السياق[شقيق]. فاوتو كان شقيقا لإنانا وليس أخا، انطلاقا من ان الشقيق لغة تعني الأخ من الرحم، كأنه شق نسبه من نسب أخيه، أو كل ما انشق نصفين، فكل منهما شقيق الآخر، ومنه سمى الأخ شقيقا، والمشهور أن الشقيق هو الأخ من الأم والأب، أما الأخ فمن جمعك معه صلب أو بطن أو صحبة أو صداقة.

  وهي نفس هفوة الشاعر الراحل يوسف الخال في ترجمته لفصل الزواج من كتاب النبي لجبران خليل جبرا، فقد ترجم كلمة You الانكليزية جمعا، بينما كان جبران يريد منها المثنى وليس الجمع، لأن الخطاب كان موجهاإلى العروسين، فجاءت ترجمته بهذا الشكل [ولدتم معا ومعا تكونون إلى الأبد، وتكونون معا حينما تبدد أجنحة الموت البيضاء أيامكم] والصحيح [ولدتما معا وتظلان معا حتى في سكون تذكارات الله، ومعا حين تبددكما أجنحة الموت البيضاء] كما جاء في ترجمة الأب انطونيوس بشير، التي اعتمدها الأخوان رحباني في تلحينهما للأغنية.

  ثمة أمران مؤكدان، الأول هو أن أي بحث من هذا النوع يتحمل الهفوات، وسبحان من لا يخطىء. أما الآخر فيتصل بتقاسم العبء الذي يجنب همس النقاد ومن يجلس من تلامذتهم قربهم، ممن يتكفلون بملاحقة عصيان المنهجية أو الدقة البحثية. فحصة المؤلف المعروفة هي الدأب، أما الدقة والتحري فهي وضيفة المشرف.

 

مقالات من نفس القسم