طارق هاشم
واسمها مادلين
وأنت تعرفينها جيدا
كانت جارتنا في غزة
كل صباح تأخذ البحر في حضنها
كي لا يغادر الشاطئ
كانت تربطه من قدميه
حتى لا يفر من القصف
نحو أرض أخرى
نعم أحببتها
ولي العذر في ذلك
فعينيها لا يمكن لشخص
حزين مثلي
أن يبرح ساحتها
حيث الدار
والليل
والألفة
والسنبلة التي رويناها يوما
لتصبح شجرة
رائحة الخبز الهاربة من نظرتها
الحرية التي مسحت بأقدامها
دمعة كنا تركناها على العتبة
الفراشات التي صنعت من رقصتها
وسادة للعابرين
وأشياء أخرى كثيرة
نعم أحببت مادلين
أحببتها وعليك
فسيرتها وهي تشق البحر
نحو نهار منتظر
تجذبني منذ الطفولة
تعرف دمي وعاداته
تعرف قهوتي ومرارتها
أنشودتي التي اختطفها الصقر
في حكايا جدتي
تعرف أين أخفاها
فاعذريني
لأنني أحببتها دونك
فمادلين تفضل
أن تطبطب على النازحين
على أن تذهب
إلى مول العرب
هي تفرق بين القاتل
الذي أسس للقتل مدينة
على أنقاض قتلاه
وبين الحر الذي اختار
أن يحفر روحه
شاهدا على المجزرة
حبيبتي
أستحلفك بالله
أن لا تعاتبيني
أو تتركيني وحيدا في المساء
لأنني أحببتها عليك
أحببت مادلين
التي تعرف البحر
كما يعرف أبي سترته
وسر ابنه
ومقدار تعاستنا
وتعاستي بشكل خاص
لأنني لم أكن
كالذين عاشوا على متن مادلين
لماذا لم تختر لي الايام
قدراً آخر
كأن أكون صيادا مثلا
أو عارفا بدروب البحر
فألتقيها هناك
لنرقص معا رقصة الحرية
الحرية التي اختصرت
في تمثال بائس
في بلد مخترَع
على جثث القتلى
والنازحين العزل
ماذا لوكنت رصيفا
يمكنه أن يلتقي مادلين
خلسة في المساء
فيشربان القهوة كرفيقين
التقيا بعد فقد طويل
أو كنت بحارا
غادر حزنه وحبيبته
ليفتح حضنا اخر
أغلقته العواصف
والرياح الموسمية
أو مدينة سافرت بحثا
عن أبطالها
في المجرة
أو مجدافا
يعانق يد مادلين
ويمضي نحو غزة