سارة حامد حواس
لماذا تكتُبينَ
سؤالٌ عاديٌ يُسْألُ
بعددِ شعراتِ طفلٍ وُلدَ برأسيْنِ
وبعددِ تنهيداتِ امرأةٍ رأتْ أباها المُتوفيَ
في منامٍ بعدَ غيابٍ طويل.
في كُلِّ مرّةٍ أُجيبُ فيها
تُتَمتمُ رُوحي بهمساتٍ تُحرِّكُ قلبي
تسحبُهُ إلى حُفرةٍ عميقةٍ دُفِنَ فيها
نصفي المُنشطرُ المخفيُ.
نصفي الذي واريتُهُ حتَّى عن نفسي
منذُ ولادةِ ذاتي الجديدة.
ووعدتُها بميلادِ امرأةٍ لم تُولد من قبل
وبِشُريانِ دَمٍ يجري فيه شِعْرٌ وترجمةُ رَوحِي
إلى لُغاتٍ لم يفقهها إلَّا من اقتربَ من عيْنِ قلبي.
أعاودُ السُّؤالَ نفسَهُ إلى نفسِي
أصمُتُ للحظاتٍ ثم أُجيبُ
إجابةً تأخذُ أجزاءَ مني إلى رحلةٍ
عبرَ بحارٍ بعيدةٍ ألقيتُ فيها بعضِي
بِحارٌ بُحتُ لها بأسرارٍ منذُ زمنٍ بعيدٍ
أسرارٌ عشتُ فيها بجناحٍ واحدٍ مكسُورٍ
وبعينٍ واحدةٍ
عشتُ فيها بدمِ هاربٍ من حِضْنِ أمِّهِ
في يومِ ولادتِهِ.
شربتُ فيها سُمًّا طارَ من ترياقِ
ثعبانٍ أخرس.
يسألُني غريبٌ ”لماذا تكتُبِينَ؟”
أكتبُ لينزفَ قلمي في وِعاءٍ مثقُوبٍ
ثقبَهُ غُرابٌ طارت رُوحُهُ في بحرٍ ميِّتٍ
أكتبُ ليخرُجَ طائرٌ أسودُ من داخلِ
قلبٍ سكَنَ فيه كلبٌ مسعُورٌ وقِطٌّ بلا لسانٍ
أكتبُ ليسيلَ لُعابِ سماءٍ بلا غيُومٍ
سكنتني تمكَّنتْ منِّي
أكتبُ لأنفُضَ غُبارَ وجعٍ تعفَّنَ في رأسِي
أكتبُ لأجدَ نافذةً تطلُّ على ريحٍ تاهتْ
من قبرِ ميِّتٍ
أكتبُ ليتنفَّسَ قِطٌّ عاشَ بلا أنفٍ
أكتبُ ..لكنَّني لن أفعلَ كـ”سيلڤيا بلاث ”
أو ”آن سيكستون.”
أكتبُ لأصبِحَ زهرةً شفيفةً
في يدٍ كُلِّ طائرٍ فقد جناحيْهِ المكسُوريْن.
إذن
قولي
لي
”لماذا
تكتُبين؟”