لماذا تعلقنا بـ “ريفو”؟!

ريفو
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أحمد عويضة

أطل علينا في العام الماضي مسلسل ريفو على منصة WatchIt كأحد إنتاجاتها المستقلة، وهو أمر صار شائعًا منها ومن منصة شاهد. ورغم حبي الشديد حد التعلق بفرقة كايروكي الذي يشارك عضوان منها في بطولة المسلسل، ورغم أن كل الأجواء كانت تحمل روحهم، إلا أنني ترددت كثيرًا في مشاهدته، فأنا لا أعتقد أن المغنيين ممثلون جيدون، ربما باستثناء واحد هو محمد فوزي، لذلك آثرت ألا أضيع وقتي في عمل سيكون “على أغلب الظن” دون المستوى.

وظللت على موقفي هذا حتى بعد انتهاء عرضه بعدة أشهر رغم انبهاري بأغنية أنا نجم.. وبعد دفعة صغيرة من صديقتي المقربة قررت المشاهدة.

ريفو 1

لم تخب توقعاتي كثيرًا في جودة المسلسل من الناحية الفنية، وهو في المعتاد أمر كفيل بأن يجعلني أتوقف عن المشاهدة، إلا أنني وجدت في المسلسل ما يدفعني للاستمرار. وجدتنا نحن.

على باب السيما.. تذكرتي قديمة.

ومعايا حكاية نفسي أغيرها

وانا مين يديني فرصة تخليني

أدخل لو مرة واعيشها بتفاصيلها.

في تتر نهاية إحدى الحلقات الأولى سمعت هذا المقطع لأول مرة، وأظن أنني أعدت الاستماع إليه مراتٍ لا تُحصى. شعرت كأن تلك الأغنية من كتابتي أنا.. هي لا تُعبر عني فقط. بل أنا من أقولها. وعند تلك النقطة زاد يقيني من أن حبكة المسلسل الأصلية هي نحن.. لا مريم ولا علاقتها بأبيها أو علاقة أبيها بريفو، حبكة المسلسل هي نحن. شلة من الشباب يحبون الموسيقى ويرغبون في التجديد، لا يقبلون تكرار القديم الشائع ويبحثون عن بداية طريق جديد يشقوه، قائدهم تائه يشعر بما يريد لكنه لا يعرف كينونته ولا كيفية الوصول إليه، كل ما في الأمر أنه يشعر بأن “يمكن ده مش مكاني والزمن ده مش زماني”. ثم يموت ذلك القائد ويموت معه الحلم الذي صار كابوسًا ويلجأ كل واحد من الشلة لاتجاه من اتجاهات التطرف الأربعة: الهجرة، المال، التشدد، اليأس.

جميعنا يقف على باب السيما بتذاكر قديمة لا تصلح في أيادينا، أو ربما بدون تذاكر من الأساس.. نرغب في المشاركة لكننا لا نجد إليها سبيلًا. هذا الفيلم لا يشبهنا.. نحن نشارك فيه اضطرارًا.

كان هذا هو الشعور الذي تبلور داخلي وأنا أشاهد، أصرخ وأقول هذا أنا.. هؤلاء نحن، حتى أتت أغنية المسلسل الرئيسة ودرته “أنا نجم” ونهايتها الحقيقية تمامًا “عندي حكايات هاحكيها لمين وانا وحيد”.

شادي أشرف أم أمير عيد؟

ساعد في ارتباطنا بالمسلسل شخصية البطل التي يجسدها أمير عيد عضو كايروكي، والتي هي اصلا أمير عيد وإن تغير اسم الشخصية في المسلسل إلى شادي أشرف وتغيرت بعد التفاصيل الأخرى، لكن الأصل هو أمير كما نعرفه من حكاياته وتغريداته وأغانيه مع كايروكي. وتعمد المسلسل ترسيخ ذلك الشعور عند مشاهديه حين جعل أم شادي مصابة بألزهايمر، وأم أمير في الحقيقة مصابة بنفس المرض القاسي كما حكى هو تلك المعاناة في أغنية “كنت فاكر”. بل إنهم زادوا من ذلك الترسيخ بأن جعلوا صديقه المقرب في المسلسل هو “تامر هاشم” والذي جسد شخصية ماجد، وهو أيضًا صديقه المقرب في الحقيقة.

ريفو 2

كادت نهاية الجزء الأول (والذي ظننته المسلسل كله حينها) أن تكون مثالية ومرضية لي تمامًا، تجمع الباند مرة أخرى وقرروا استكمال الحلم سويًا او على الأقل تذكير الناس بأنهم مروا يومًا من هنا. إلا أن صناع المسلسل أصروا على وضع Cliffhanger أو نهاية مشوقة تترك احتمالية لصنع جزء ثانٍ. لم أر وقتها أي سبيل لاستكمال تلك الحكاية المكتملة بالفعل، هي بدأت وانتهت هنا وأي زيادة فيها هي محاولة لحلب نجاح الجزء الأول.

ولكن ذلك كله لم يمنعني من مشاهدة الجزء الثاني، وكنت في تلك المرة أعرف أي نوعٍ من الأعمال هو فلم أعول كثيرًا على الفنيات كالتمثيل والكتابة، ولو لم أفعل لأوقفني الأداء الباهت من الكثير من أبطاله وثغرات الحبكة والكتابة التي كانت تصرخ في وجهي فأغض الطرف عنها.

بدأت أشاهد الجزء الثاني راغبًا في استكمال الحلم وسماع بعض الأغاني الجميلة وهو ما وجدت تمامًا. خطان زمنيان مثل الجزء الأول، في أحدها ريفو يحاولون استكمال حلمهم الذي بدأوه، يقودهم شادي الذي يسعى إلى هدفٍ يشعر به ولا يراه، وخط زمني حديث تحاول فيه مريم التعامل مع الاكتشافات الصادمة التي هزت حياتها وقلبتها رأسًا على عقب، ويحاول فيه أعضاء ريفو أن يلموا شملهم بعد الشتات.

ومثل الجزء الأول أيضًا كان الخط الزمني القديم اجمل، هو ما دغدغ ذكرياتنا وأحلامنا، ذكريات لأيام لم نعشها كما يجب، ونعيش كلنا حتى الآن على أملٍ يائسٍ بأن نعيشها مرة أخرى. حياة مرت من جانبنا وتجاوزتنا سريعًا دون أن ننهل منها سوى قطرات قبل أن تهبط رحلتنا في حياة أخرى لم تواكب سرعتها وماديتها حتى الآن.. حياة تشكلت كلها من ال Binary code أو الشفرة الثنائية التي أصبحت تحكم كل شيء.

ألبوم روما

ساهم ألبوم كايروكي الأخير “روما” في الربط بين جزئي ريفو وبيننا، ذلك الألبوم الذي شعرت فيه بنفس الروح والسعي إلى الحرية والصراع مع حاضرٍ لا يشبهنا في أغانٍ مثل متوحشينيش وبسره وأتوه وكوستاريكا التي تغازل حلمًا بأن نتخلى عن كل شيء ونترك أنفسنا للهدوء والاسترخاء.

ربما لم يكن ريفو عملًا فنيًا عظيمًا، بل وليس حتى عملًا فوق المتوسط. لكنه حمل قدرًا من الصديق جعلنا نحبه ونعيش داخله حتى أن الكثير من التعليقات على حفل كايروكي الاخير كانت “فين اغاني ريفو؟” وكأننا كنا ننتظر أن يصعد باند ريفو بكل تفاصيلها التسعيناتية على المسرح وتؤدي أغانيها بدلًا من كايروكي.

 

 

 

مقالات من نفس القسم