الخاتمة
قد تكون هذه الأبيات الأخيرة
آخر الأبيات الأخيرة التي ستُكتب
إذ، لن يكون هناك شعراء في المستقبل
لقد مات مكملو السباق كلهم قبل موعدهم
وأغانيهم الحزينة صارت عصافير
في سماء أخرى حيث تلمع شمس غريبة،
انبثقت أنهر متوحشة، أسرعت نحو البحر
لا تستطيع أن تفصل مياهها…
وفي أغانيهم الحزينة نبتت زهرة «لوتس»
سنحيا من نسغها، نحن الورثة.
لعبة الشطرنج
تعال لنلعب جولة.
سأتخلى عن ملكتي
لفترة، كانت عشيقتي
والآن، لا عشيقة لديّ
سأتخلى عن رخي
(لن أطلق النار على أصدقائي أبداً
ماتوا قبلي بكثير)
وهذا الملك، لم يكن يوماً مليكي
ثم، ما نفع هؤلاء الجنود كلهم؟
(يتقدمون بدون أن يروا، بلا أحلام)
ستكون الأحجار كلها لك، حتى الأحصنة
لن أحتفظ إلا بهذا المجنون
الذي يتحرك على لون واحد
ويجتاز الرقعة من طرف إلى آخر
ساخراً من الشبكة كلها.
مخترقاً خطوط دفاعك فجأة
قالباً التشكيلات الدقيقة كلها، رأساً على عقب.
ليس لهذه الجولة نهاية.
أتكلم
أتكلم من أجل نفير أبواق الجيوش المهزومة
من أجل أشلاء ثيابنا التي نرتديها أيام الآحاد
من اجل أطفالنا الذين يبيعون السجائر للمارة
أتكلم من أجل الورود الذابلة فوق القبور المتعفنة من المطر
من أجل بيوت بلا نوافذ، فارغة، مثل جماجم بدون أسنان
من أجل الصبايا اللواتي يتسولن وهن يعرضن ندبات نهودهن
أتكلم من أجل الأمهات اللواتي يسرن حافيات بين الأنقاض
من أجل المدن المحروقة، الجثث المتكومة في الشوارع
من أجل الشعراء المتواطئين الذين يرتجفون على العتبات ليلا
أتكلم من أجل الليالي التي بدون نهاية حين يتأخر الفجـر عن المجيء
من أجل الشاحنات المعبأة والخطوات على الأضرحة الرطبة
من أجل باحات السجون ودموع المحكومين بالإعدام.
لكنني أتكلم من أجل الصيادين بشكل خاص
الذين يتركون شباكهم من أجله هو، كي يتعقبوا خطواته
وحين يتعب هو، فإنهم لا يرتاحون أبدا
حين يخونهم، هو، فإنهم لا يخلفون بوعدهم أبدا
وحين يصبح، هو، شهيرا، يشيحون ببصرهم
يبصق الرفاق عليهم، يصلبونهم
بهدوء يكملون المشوار الذي لا نهاية له
من دون أن تغتم نظرتهم أو تنثني
مستقيمون ومتوحدون في صحراء الجماهير الرهيبة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
مانوليس أناغنوستاكيس الذي ولد في مدينة تسالونيك العام 1925، حُكم عليه بالموت خلال الحرب الأهلية. عرف السجن ما بين 1948 و1951. من أعماله: «عصور1» (1948)، «عصور2» (1954), «التكملة» (1954)، «الهدف» (1970).