لأطول وقت ممكن

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 28
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمود نجيب

لأطول وقت ممكن، سوف أحتفظ بالأشياء الجميلة..

أحضن الذكرى وأبكى أمام أول نافذة..

أسخر مرتين..مرة من نفسى ومرة من العالم.

تداهمنى رائحة المراحيض العامة عند تذكرى قراراً طائشاً أخذته بالصدفة.

أتوتر وأضطرب لأطول وقت ممكن..

أخاف ثم أحب لأطول وقت ممكن.

من يومين ظهرت قرح متعددة فى فمى..قرحة مؤلمة بجوار قرحة أكثر ألما..قرحة ضجر وقرحة يأس وقرحة أصدقاء..سألت الطبيب عن السبب أخبرنى أنى باحتمال مائة فى المائة قد عضضت شفتي بعد البنج المخدر ما تسبب فى ظهورها بهذا الشكل..لم أخبره أنى عضضتها فعلا من فرط الندم…

سألت صديقى ذات مرة، ماذا لو كانت هذه السنوات إهدار فى مسار خاطئ؟. وأنه ربما قد فاتتنا مسارات أفضل..نظر إلى مطولا ثم قال: “ياللا أنا هلحق المواصلات بقى سلام”.

نحن بحاجة إلى من نحب لأطول وقت ممكن.

مع تقدم السن يقل النوم وتزداد الخيبات.

جوزيف ستالين كان قد حظر التقبيل فى أفلام الاتحاد السوفييتى…هههههههههههههههههههههه.

مركبات الكلوروفلوروكربون تسببت فى ثقب طبقة الأوزون..الفتاة الجميلة التى رأيتها صدفة تسببت فى ثقب فى الذكريات.
أشعر دائما أن هناك مربع مفقود..هناك شيء ما ناقص..لم يتحدث عنه اينشتاين ولا نيلز بور..ولم تذكره نظريات الكم..ولم يظهره رسم القلب..ولم يتناوله مثلث برمودة..هناك شئ ما مفقود.

لا توجد عنصرية تجاه الكوميديا السوداء والسوق السوداء والنية السوداء.

لأطول قدر ممكن سوف أحتفظ بالرتم.. وألتزم الروتين.. أدركت أنه ليس علينا إلا أن نُبقى أنفسنا فى حدود الدنيا..ليس علينا أن نغير من الأشياء أصلا..نحن لسنا آلات سحرية والتصالح مع هذا الأمر يعطى رؤية أفضل واستقرارا أفضل.

إمام الجمعة كان منهكا لدرجة أنه قرأ نصف آية فى ركعة وأكملها فى الركعة الأخرى..لا أعلم صحة ذلك شرعاً، ولكنى أكملت نصف حياة ومتكاسل عن أداء النصف الآخر كذلك.
الخفة فى العلاقات أسلم والثقل فيها مرهق..البقاء على مسافات قريبة شيء جيد ومهم..والبقاء على مسافات آمنة أكثر أهمية.

البقاء على المسافات الآمنة وإبقاؤها آمنة لأطول وقت ممكن.

تقول دنيا ميخائيل
“أشكر كل الذين لا أحبهم 
إنهم لا يسببون ألماً في قلبي
لا يجعلونني أكتب رسائل طويلة
لا يزعجونني في أحلامي
لا أنتظرهم بقلق، لا أقرأ أبراجهم في المجلات
لا أستعمل أرقام هواتفهم،لا أفكر فيهم،
أشكرهم جداً
إنهم لا يقلبون حياتي رأساً على عقب”

أحسد الأجيال القديمة كثيرا على التزامهم بالروتين والخيارات الوضحة والمسارات المرسومة الآمنة..والمراكب التى تسير دون توقف حتى تصل الميناء..دافعهم فى الخوف كان أقل، ومع أن المراكب لم تكن حديثة لكن المياه كانت سارية، أما نحن فمركبنا جميل جدا من الخارج ومياهنا جافة..خوفنا أزيد..توترنا مضاعف..أيامنا حزينة وأن بدت مرفهة. وحين وصلنا إلى اليابسة وجدنا أن الطرق لم تعد مرصوفة ولم تعد ترابا..الطرق متهتكة وشائكة..مكسورة ومليئة بالأحجار من كل جانب..الأحجار موزعة بالتساوى..مهما سرت بحذر سوف تصطدم رأسك بشيء ما فى نهاية المطاف..استمتع بالاصطدام.

هل بالإمكان أن نشترى أياماً أقل قسوة ؟ هل للأضرار أن تصبح أخف ؟ هل للعواقب أن تصبح أهدأ؟ هل للزمان نافذة ترينا ما نحن عليه وماسنصير إليه ؟

التحدث بغضب عن ارتفاع الأسعار فى المترو فكرة سيئة للغاية..التحدث عموما فكرة سيئة.
يقول عدنان الصائغ

“أطرقُ باباً
أفتحهُ
لا أبصر إلا نفسي باباً
أفتحهُ
أدخلُ
لا شيء سوى بابٍ آخر
يا ربي
كمْ باباً يفصلني عني

كم بابا يفصلنى عنى؟”

يوميا أرى وجوها فشلت فى الهروب وفشلت فى الاستمرار..أستطيع ان أميزهم بكل براعة..يفشلون فى الهروب ويفشلون فى الاستمرار..يفشلون فى الاستمرار.

فى الأغلب الحياة لم يصلها عنواننا بعد..ونحن بحاجة ماسة لتمرير الوقت..لتمرير الوقت..مرت ثانيتان بعد قراءتك للكلمة..بهذا أصبحت أربع ثوان..آسف ولكنى بحاجة لتمرير الوقت.

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم