ابتدأ الشاعر ديوانه بالإهداء، حيث وضع ديوانه وبكل تواضع بين يدي أدونيس، فارضاً سؤالاً على القارئ: يا ترى هل أراد الشاعر أن يهدي ديوانه الذي لا يتضح فيه أي ولاءٍ لأدونيس أو أي تأثر جلي بأسلوبه , أم ربما لأنها الأيدلوجيات التي بات من الصعب التخلي عنها عند العديد من كتاب هذا العصر, فجاء إهداء الديوان لقامةٍ شعرية لها بصمتها وحضورها، وها نحن نقرأ له مثلاً في قصيدة»اصطكاك أرواحهم» التي أفرط فيها الشاعر جلد الذات العربية:
يا أبتِ
يَرضعون جنونهم
يُشعلون مُشكاة منازلهم بزيتِ الكبود
ورذاذ الأفئدة
وجوهُهم من المطاط
وأجسادُهم من التوباز
يُسقطون أقنعتهم من العلياء بِدويٍّ
في فجوة ضيقة, حفرت لأوطانهم..
يملكون سماءً مقيدةً في الكون العقاري بأسمائهم
غير السموات السبع..
يا أبتِ عن أيِّ ثورةٍ يتحدثونَ..
صدروهم لم تعد تتسع للنياشين
تمثالٌ على رخام مناضدهم
رخامٌ تحت تماثيلهم..
والماكثون عند النواصي..
يتحلونَ بأصابع من بسكويت الشعاراتِ
وزقومٍ محلّى بنعناعٍ بارد
والثياب من ورق
يا أبتِ
لازالوا قادرين أن يجعّدوا الرجال بالعجاج
ويلونوا الفجيعة كيفما شاؤوا
عند النواصي تشخص بهم الشخوصُ
ويتقيئون عصير التوت
يا أبتِ..
اصطكاك أرواحهم..
بانوراما إلهية..
أما في قصيدة «ملامح» فلم يخرج الشاعر عن ذات الإطار, فنجد أن العنوان الذي اختاره الشاعر لديوانه, عنوان إحدى القصائد العابرة في الديوان, فلا يخفى على أي متلقي أنه يمرر بعض الرسائل السياسية من بين السطور المتشبعة بالحب على غرار ما كان يفعل نزار قباني وغيره من الشعراء.
يقول الشاعر أنه جمع في هذا الديوان نصوصا حديثة مع نصوص قديمة للغاية تعود لبداياته في الكتابة, ورغم قِدم بعض النصوص أراد ضمها بين دفتي الديوان ــ حسب قوله ــ لأنه سينقطع مطولاً عن كتابة الشعر, وذلك ما أراد أن يومئ به في نصه الأخير من الديوان:
وداعٌ بلا داعٍ
استعيذوا من هتكِ الكلمة
ويلي
ويلكم
ويلهم
ويلهن
كم أجهضنا كلماتنا
كم أجهدنا ملائكتنا
قريباً من مِتراس الثبات
تخضرُّ الحدبةُ على ظهري
تصبح بلون الرَّسغِ المسندِ على حائطٍ ناري
اسمعني – ألا ترى أنه لم يعد هنالك أيّة حجرة هاتف تختبئ في الظلّ الباردِ..
لم يعد هنالك أيّة ذكرى- عندما تلامسُ الأقدامُ التعب المزاحِ عن مكانهِ.