محمود عماد
كنت أعمل على مشروع كتابي، وتوقفت في فترة ركود كبير بلا أمل في كتابة أي حرف جديد. وفجأة هاجمتني تلك الكوابيس المتفرقة لم أعرف يقيناً هل حلمت بها في نومي، أم رأيتها في يقظتي. اختلطت الأحلام بالصحو، وأصبح الخيال أقرب لي من الواقع.
كابوس ١
“طيف في الطريق“
رأيتني في طريق طويل خال من كل حياة، أسير فيه دون جسد، روحا فقط دون ملامح. رأيت في أول الطريق الحبيبة “ش” أو ربما كان آخره، لا أعرف يقينا. الوقت لم يكن صباحا ولم يكن ليلا. الشمس مشرقة، دون ضوء الظلام يملأ الطريق. “ش” لم تكن هي المرأة نفسها، شبح لا أعرفه، نادتني من مكانها القصي، لم يصدر عنها صوت، فقط الصمت.
كابوس ٢
“سفينة الفقد“
رأيت أمي في سفينة تبحر في عرض البحر، الأمواج عاتية، والسفينة تتخبط، العاصفة أقوى من كل عواصف المحيطات. أمي تستنجد، أراها من الشاطئ ربما كان ميناء. تستغيث أمي بي، لا أسمع صوتها. أقفز في المياه محاولا اللحاق بها، لا أتحرك أبقى مثبتا مكاني. تبتعد السفينة وراء الضباب، لم أعد أرى السفينة ولا أمي. تغطي المياه جسدي كله، أصل للقاع ألمسه بروحي، أستقر فيه، الآن أعرف أنني غرقت بلا صعود.
كابوس ٣
“أبي الذي لا أحب“
رأيت أبي بملابس تالفة، بذلة غير مكتملة، بنطال ممزق وقميص مثقوب. نظر لي بوجه غاضب نظرة ألفتها منذ زمن بعيد. لم يزرني أبي في أحلامي قبل، يعاتبني على أني لم أزره منذ سنوات طوال. لطمني على وجهي لأقع من شرفة البيت ويتلقفني الشارع بضجيجه المزعج.
كابوس ٤
“زفاف الملابس“
رأيتني في زفاف الحبيبة “ش” لم أكن حزينا، ربما مبتهجا. ملابسي لم تكن مكتملة، أرتدي بذلة بنطالها مقصوص يكشف عن ساقي، وقميص دون أكمام، ولا تزينني سترة البذلة. لم أرتد حذاء، بل حذاء نسائي مقطوع لقدم واحدة، والأخرى حافية. رأيت “الحبيبة “ش” كأننا جئنا معا للزفاف، ابتسمت لي، لم ترتد فستان زفافها، وفجأة اختفت. انتهى الزفاف وهنا شعرت بالحزن، ووجدتني أصعد سلالم البيت.
كابوس٥
“عزلة الطريق“
رأيت الطريق من نافذة الحافلة، حافلة طويلة بها كراسٍ كثيرة، ركاب متناثرون في كل مكان، افترشوا الأرض. وجدت الحبيبة “ش” جالسة على الأرض تطالع هاتفها تنتظر رسالة من حبيب لا يجيب ردها. لم ترني، لم تر إلا هاتفها. انتفضت من الكرسي في الصف الخلفي معلنا اعتراضي، مهرولا إلى باب الحافلة. جاءت ورائي تضحك تريد أن ترجعني عن قراري. فتحت الباب صارخا مقررا النزول، دون أن أنزل في أي محطة.