كتبت سوير الشعر والمسرحية وقصص الأطفال وأخرجت مسرحيات للأطفال. عاشت في كراكو من عام 1945 وحتى وفاتها بالسرطان سنة 1984
يرد في موقع مؤسسة الشعر الأمريكية عن “آنا سوير” أن قصائدها المكتوبة في الحرب والموت تستخدم لغة مباشرة وبسيطة. غير أن الموقع يشير إلى اهتمامات أخرى لقصائد سوير حيث يقول إن في أحد كتبها المترجمة إلى الإنجليزية وعنوانه “إقامة المتاريس” قسما عنوانه “قصائد عن أبي وأمي” ويضم وصفا لمشاهد من حياة أبويها. علاوة على تعاملها الحسي مع الجسد الأنثوي للدرجة التي جعلت مواطنها وأحد مترجميها وحامل نوبل في الأدب “تشيسلاف ميلوش” يقول إن الثيمة المركزية عند سوير هي “الجسم: في حالات الحب والنشوة والألم والرعب، الجسم الخائف من الوحدة، الجسم إذ يلد جسما آخر، الجسم إذ يرتاح، إذ يشعر بسريان الزمن أو باختزاله كله في لحظة“.
القصيدة التي نقدمها لها فيما يلي مأخوذة من كتاب صدر لها بالإنجليزية سنة 1996 بعنوان “الحديث إلى جسدي” وقد ترجمه إلى الإنجليزية الشاعران “تشيسلاف ميلوش” و”ليونارد ناثان“.
***
سعيدة كذيل كلب
سعيدة كشيء لا أهمية له،
وحرةٌ
كشيء لا أهمية له.
كشيء لا يثمِّنه أحد
ولا هو نفسه يثمِّن نفسه.
كشيء يسخر الجميع منه
ويسخر هو
من سخرية الجميع.
كضحكة لا يسبقها سبب
أو صيحة
هي نفسها
تطغى على نفسها.
سعيدة مهما يكن،
مهما يكن
سعيدة
سعيدة
كذيل كلب.
***
يعلمنا الشعر. لا يكفيه أن يتناوب علينا طوال حياتنا الآباءُ والأمهات، والأبناءُ بطريقتهم، والمعلمون والإعلاميون والخطباء، وأخطاؤنا وتجاربنا، والأيام والليالي، وما نعلم وما لا نعلم.
يعلمنا هو الآخر، لا لأن الفلسفة لا تقوم بدورها كما ينبغي، أو التاريخَ، أو الدينَ أو المجتمعَ. بل لأن هناك ما يبقى ناقصا. هناك مساحة يصر الشعر أن يعتبر نفسه الوحيد القادر على ملئها. مساحة خاوية فينا، لا نعرف أهي في أرواحنا أم في عقولنا.
***
سعيدة إذن السيدة آنا سوير. والسعادة هي أن تكون تافها، منعدم القيمة تقريبا، واعيا أنت نفسك بتفاهتك وانعدام قيمتك، أن تكون موضع سخرية، وأن لا تأبه لذلك، أن تكون أنت نفسك غير مسبوق بسبب، نتيجةً للاشيء، وأن تكون طول الوقت قادرا على أن تلغي نفسك أو تتجاوزها. هذه هي السعادة إذن، وهذه ترجمة ثانية للقصيدة.
هذا إذن ما تعلمه لنا القصيدة، وهذا ما يحق لكثير من معلمينا أن يعترضوا عليه، وهذا ما يجعل أغلب معلمينا ينظرون إلى الشعر في ارتياب.
***
ولكن ليس ذلك بالضبط ما تعلمه لنا هذه القصيدة عن السعادة. هناك جزء لا يزال باقيا. هناك ذلك التشبيه الأخير: “سعيدة كذيل كلب“.
ولا ينبغي أيضا أن نغفل عن أن ذلك التشبيه بالذات هو عنوان القصيدة. فهو إذن ما ترينا الشاعرة إياه في قصيدتها أول ما ترينا، وآخر ما تريده أن يبقى في أذهاننا من قصيدتها.
السعادة، إذن، ربما تكون كالتالي: أن تعرف ذلك الجسد الضخم الذي يعتبرك جزءا منه، وأن توهمه طول الوقت أنك معلق به، أن حياتك مرتبطة به ارتباطا لا ينفصم، وأن تعيش حياتك كلها تتأرجح، متأهبا في كل لحظة للانفصال.