كنت أوصيتهم بمسلة من حجر الديوريت
رضا أحمد
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻤﺮّ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﻪ،
ﻛﻨﺖَ ﺗﻘﻒ ﻣﻊ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻘﺼﻒ
ﻟﺘﺘﺰﻭﺩ ﺑﺎﻷﻛﺴﺠﻴﻦ،
ﻭﺗﺒﺘﺴﻢ ﻟﻠﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺮﻋﺔ
ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺒﺪﺃ ﻭﺟﺒﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﺒﺎﺣﻴﺔ
ﺣﻮﻝ ﺟﺜﺔ ﻃﺎﺯﺟﺔ،
ﻭﺗﺤﺮﻕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﺪ
ﺑﻴﻦ ﻣﻜﺘﺒﺘﻚ
ﻭﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ.
ﺗﺒﺪﺃ ﻋﻴﻨﺎﻙَ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ
ﻟﻨﻘﻄﺘﻴﻦ ﻣﻀﻴﺌﺘﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻘﻒ
ﻭتخطئ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ ﺣﻮﺍﺳﻚ،
ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺗﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻞ ﺑﻘﻠﺒﻚ
ﻣﺜﻞ ﺻﻮﺕ ﻭﺍﻟﺪﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻨﻔﻚ
ﺣﻴﻦ ﻭﺟﺪ ﺳﻴﺠﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺎ،
ﻭﺟﺎﺭﺗﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨﻚ
ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻢ،
ﻓﻼ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻮﺗﻚ ﺍﻟﺼﺎﺭﻣﺔ
ﻟﺘﺘﺤﺎﺷﻰ ﺍﺣﺘﻔﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﺏ ﺑﺮﺣﻴﻠﻚ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺯﻭﺟﺘﻚ ﺗﺒﻜﻲ ﻣﺮﺗﺒﻚَ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻼﺷﻰ.
ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﺷﻴﺌًﺎ
ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻧﻈﺮﺍﺗﻚ ﺗﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﺒﺎﺏ،
ﻭﺗﻌﻴﺪ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ
ﻟﺒﻴﺖ ﻭﺯﻭﺟﺔ ﻭﺃﻃﻔﺎﻝ،
ﻭﻇﻠﻚ ﻳﺘﺮﺍﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺻﻔﺔ
ﻛﻮﻣﺔ ﺃﻭﺭﺍﻕ
ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻋﻮﺩَ ﺛﻘﺎﺏ.
ﺗﺬﻫﺐ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ ﻓﻮﻗﻚ ﻭﺗﺠﻲﺀ
ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﻚ،
ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺧﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻧﻔﺎﺱ
ﻟﺘﺒﻘﻰ ﺑﺨﻴﺮ،
ﻭﺗﻈﻞ ﻋﻴﻨﺎﻙ ﻋﻠﻰ اﺗﺴﺎﻋﻬﻤﺎ،
ﺗﻤﻶﻥ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺑﺄﻃﺒﺎﺀ يهرولون
ﺑﺸﺮﺍﺋﺢ ﻛﺮﺑﻮﻧﻴﺔ ﺗﺸﺒﻬﻚ.
ﺗﻘﺘﺮﺏ ﻣﻨﻚ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻜﺘﻨﺰﺓ
ﻓﺴﺘﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩﻱ ﺫﺑﻠﺖ ﻓﻮﻗﻪ ﺍﻷﺯﻫﺎﺭ،
ﻳﺪﺍﻫﺎ ﺧﺸﻨﺘﺎﻥ ﺗﻘﻠﺒﺎﻥ ﻓﻲ ﺟﺴﺪﻙ ﺍﻟﺸﺎﺣﺐ،
ﺗﻌﻠﻖ ﻓﻲ ﺭﻗﺒﺘﻚ ﺣﺰﺍﻣًﺎ ﺟﻠﺪﻳًﺎ
ﻭﺗﺰﻣﺠﺮ ﻓﻲ ﺃﻃﻔﺎﻟﻚ ﺍﻟﺠﻮﻋﻰ:
"ﻛﺎﻥ ﻭﻟﻴﻤﺔ ﺟﻴﺪﺓ
ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﺎﺕ ﻭﺟﺒﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﺍﻟﺪﺳﻢ
ﺍﻵﻥ ﺻﺎﺭ ﻋﺼﺎ ﺗﺘﻔﻘﺪ ﻭﺟﻮﺩﻛﻢ".
ﻭﺣﻴﺪًﺍ ﺗﻤﺸﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺗﻚ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺼﻄﻒ ﺷﻮﺍﻫﺪ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ
ﺣﻮﻝ ﺣﺠﺮ،
ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺒﻜﻴﻪ ﻟﺨﻄﻴﺌﺔ،
ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﺘﺬﻛﺮ ﺍﺳﻤﻚ
ﻟﺘﻨﺎﻡ ﺗﺤﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعرة مصرية، القصيدة من ديوانها "قبلات مستعارة" الفائز بجائزة الشاعر "محمد عفيفي مطر" في دورتها الأولى 2017