مرزوق الحلبي
ستبسطونَ لغَتَكم عَلَى أرضِنَا
وتُطلقونَ أفعالَها حُرّةً
تمسحُ البَرارِي كأنها طاولة
تحرفُ الواديَ عن مجرَاه،
والوقتَ
ستَلفِّون حولَ يديه مُفردَاتِكم وتَمْضون
ستُسمّوننا بأسماء
غيرِ الَّتي يأتِي بِها التَّاريخُ إلَى بيوتِنا،
خفيفة الوطء كلّما خفّت علاقتنا بالمكانِ
أو شديدة الوقع كلّما لم نُطع مخيلاتِكم
ستعجبون لأننا عنيدون
ونضحك ..نضحكُ
لأنكّم تعجبون!
.
سيرتبك المترجمون منكم
عندما نغنّي للعروسِ في ليلتها
ويطلعُ الحنّاء على كفّها شجراً
لن يفهموا كيف تُشفي أصابعُ أمّي حيًّا كاملا من التهاب اللوزتينِ
وتُطعم قرية كاملة في العرس
لن يفقه الباحثون أدعيةَ امرأة في الحصادِ
ولن يُدرك العارفون بالشرقِ
كيفَ يختمر عجين الجدّةِ من همسةٍ
أو كيف يروبُ الحليبُ،
سيذهبون في التأويلِ إلى آخره
ويعودون بخفيّ ْ حنيْن
سنخرجُ من تحتِ مُفرداتكم كّما خرج النبعُ
ونُطلّ برؤوسنا كأزرار الفلّ من وراء السورِ
سنضحكُ كثيرًا على خبلِ المُترجمين
ثمّ نبكي
.
سيكتب علماء الاجتماع منكم
ما يحلو
والمستشرقون.
سيرتّبنا الباحثون منكمُ في الكُتبِ بالتسلسلِ
أسماؤنا في الهوامشِ
وتاريخنا في الهوامشِ
تصيرُ المعارفُ سجنًا
والعلومُ قوة ناعمةً
ناعمةً
لكلّ قاعدة ما يشذّ ـ نقولُ لكم
ونسخرُ من بؤس المُستشرقين والدارسينَ
ونمشي من الهامشِ إلى أنفسِنَا
نحدّث بعضنا بلُغةٍ أفلتت من التبويبِ
من لُغةِ الوافدينَ إلَى وقتِنا
ونضحكُ،
ثم نبكي