المصريون هم الشعب الوحيد على مستوى العالم الذي يساوي بين رئيس الجمهورية وسائق الميكروباص، فنحن نصرخ كل عام في عيد العمال: المنحة يا ريس، ونصرخ كل يوم عندما تأتي محطتنا: على جنب يا ريس.
في البداية يسير زميلنا السائق بمنتهى الهدوء والراحة، ويشغل في كاسيت السيارة أغنية لمحمد ثروت، ثم شيئا فشيئا يبدأ في زيادة سرعة السيارة، فيقلق الركاب ويصيحون:
ـ بالراحة شوية يا ريس.
لكن مفيش بالراحة. يخاف الركاب، وتقول سيدة عجوز تجلس على الكرسي القلاب:
ـ يا ابني حرام عليك.. بالراحة.
فيوقف السيارة على جانب الطريق، وينزل منها بعد أن يغلق كل أبوابها بالموسوجر، ويقف في الناس خطيبا:
ـ الإخوة والأخوات، لقد حققنا بفضل الله خطوات ملموسة في سبيل الوصول إلى الموقف، وإنني بعد تجارب عديدة خضتها في هذا المجال أقول للحاجّة اللي ورا: أنا بعمل كده عشان صالح الميكروباص.. انتي متعرفيش احنا علينا أقساط قد إيه.
قبل النهاية بقليل يقولون: “كفاية”، لكن السائق لا يتوقف ويأخذ غرزا ومنحنيات بالسيارة، وتبدأ أجزاؤها في التطاير، المرايات، ثم السقف، ثم الأبواب، وهو يسير بسرعته القصوى، ويصرخ الجميع:
ـ على جنب يا اسطى.. على جنب يا ريس.
وما من مجيب.