محمد ممدوح
استيقظ جورج نيبس واقترب من نافذة غرفة نومه في الطابق الثاني، فتَحَ رئتيه لهواء بِكر لم يستنشقه إنسان، باستثناء طائرين صغيرين لا يزيد تنفسهما عن رأس دبوس. تذكّر حُلم تلك الليلة: جالساً فوق سحابة وبيده لوح قصدير نبَت منه نهر وجبل.
ابتسمَ ومسّد لحية ماعزية رقيقة، وبعد ساعتين اختفى في غرفة جانبية وأحضر لوح قصدير طَلاه بالبيتومين الحسّاس للضوء، وكاميرا خشبية عكستْ الضوء على اللوح لثمان ساعات، تجوّل خلالها متوتراً في المروج القريبة من مزرعته.
استند إلى جذع شجرة على حافة بحيرة، ورأى من بين فروعها طفلاً يلهو بسحابة، فقرّر أن يشربَ زجاجة نبيذ عند العودة إلى بيته. غفا قليلاً فرأى لوح القصدير فوق رأسه يضحك، وعند استيقاظه كتَبَ رسالة لصديقه يخبره أنه بعد ساعات سيُثبّتُ تفاصيل العالم.
عاد إلى بيته، وقفَزَ الدرجات سعيداً إلى غرفة نومه.
أمسك لوح القصدير وغسله بمزيج من اللافندر والكيروسين؛ فكشف عن المنظر فى باحة بيته: سطح مائل لسقف حظيرة، شجرة كمثرى، مدخنة مخبز، وبيت حَمَام صغير.
وضَعَ اللوح برفق فوق منضدته المجاورة للسرير، وتمدّد فوقه متخيّلاً صورة نادرة لرجل ميّت.





