تخبرنا قصص “طائرة من ورق ملون” للكاتب محمد المطارقي، أن ننظر جيداً للناس لأنه قد يكون لديهم حكايات غير التي نراها، فكمال، يسخر الأولاد منه: “كنا نضحك عليه ونسخر من شكله، نختبئ خلف نواصي البيوت، وننادي عليه بأسماء أخرى غير اسمه الحقيقي ثم نجري بسرعة”. وهو نفسه الولد الذي سيحبونه حين يقتربون منه، ويعرفون أن أباه لم يعد من الحرب وعائلته تكافح لتعيش: “كنا نلتف من حوله ليحكي لنا حكايات رائعة لم نسمعها من قبل. كان كمال يجيد أشياء كثيرة. ويصنعها بخفة ومهارة شديدتين. ها نحن الآن نشعر بالحزن. فقد رحل مع أسرته إلى قريتهم البعيدة ولم نعد نراه“.
يتكرر النموذج مع البنت التي تبيع الكعك أمام المدرسة، لكن هذه المرة، لا تنتظر البنت أن يراها الآخرون، فالبنت هي التي تقتحم العالم الذي لا يعرفها، وتدخل المدرسة، وتتابع من النافذة ما تدرسه لهم المعلمة.
هذه كلها شخصيات غير مرئية بالنسبة لنا، تتحرك حولنا لكننا لا نراها، لكن في القصة الرابعة بالكتاب تختلف زاوية الحكاية، فعم برقوق شخص يراه جيدا طلبة المدرسة ويحبونه ، لكنهم لا يرون ماضيه ولم يعرفوا كيف أصبح حارسا للمدرسة، حتى يبدأ في إخبارهم بحكايته.
وبما أن محمد المطارقي يهدي مجموعة قصصه إلى صديقه الفنان والإنسان النبيل عبد الرحمن بكر، فإن المجموعة تبحث عن الإنسان النبيل المختبئ داخل الناس، والذي قد لا نراه بالنظر للشكل الخارجي لهم.
تبقي القصة الثالثة بالكتاب، وهي “ببغاء أحمد”، وهي غير متماشية مع السياق السابق للمجموعة. ومن الملاحظ أن مجموعة “طائرة من ورق ملون” قدمت حكايات للطفل بلغة أعلى من اللغة الملائمة للطفل المستهدف من القصص. كما أن اختيار الكاتب لنموذج بائعة الكعك، بدا غير ملائم وكان الأوقع أن يقول بائعة الحلوي مثلا. لأنه غالبا لا يوجد بائعات لكعك منزلي عند المدارس. ولا يبدو الهدف من إضافة كلمة ملون للعنوان، ف”طائرة من ورق” ربما كانت وحدها كافية للتعبير عن بطل الحكاية في طيرانه وتحليقه وهو مختلف.
قدمت د.هند سمير رسوم الكتاب، ومن العناصر التي اهتمت بها هي الخلفية، ففي عدد من قصص الأطفال يتم الاهتمام بالشخصيات المحكي عنها، لكن هند سمير اهتمت بالبيئة المحيطة، فالأولاد لا يلعبون في الشارع فحسب، لكن وراءهم ليل مليء بالنجوم، والولد الذي يهتم أبوه بشراء ألعاب له. تعبر الرسوم عن ظروف اقتصادية مريحة فالأرض مصنوعة من بلاط الباركيه، والجدران عليها ورق حائط. بخلاف ذلك كانت الرسوم تعكس فحسب ما كتبته الحكاية. ويؤخذ عليها بعض التفاصيل، فالولد الذي يسخر الأولاد من شكله رسمته ولدا جميلا، والبنت بائعة الكعك ذكر الكاتب أن شعرها الذهبي يتطاير من الهواء البارد، ومع ذلك ظهرت في الرسومات بشعر بني.
يذكر أن الكتاب قد حصل على جائزة معرض الكتاب، لأفضل كتاب للأطفال لعام 2017.
عن الكتاب
اسم الكتاب: طائرة من ورق ملون
اسم المؤلف: محمد المطارقي
سنة النشر: 2016
رسوم: د.هند سمير
