قصيدتان

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 35
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 مرزوق الحلبي

إذا سافرت ابنتُكّ

إذا سافرتْ ابنتُك

فكُن في وداعِها على سجيّتكَ

هشًّا

وظهرُك مكشوفٌ

ضعْ في يدِها دمعتيْنِ سخيّتيْنِ

وقِفْ هناكَ كما تركَتْك

وحيدًا

وحياتُك ناقصَة

 

إذا سافرتْ ابنتُك يومًا نحو الشمالِ

فاحزمْ حقائبَها برِضا

وأعطِها قلبَك الدافِئ

واجعلْ ذراعَك عصًا تشقُّ البحرَ

كيْ تمرَّ فخورةً باسمِك

هي ابنتُك التي أحببْتَ أكثرَ من روحِك

ستغيبُ كنجمةٍ في السماء

فكن على قدْرِ الغيابِ

واغلِقْ وراءَكَ حقبةً من عُمرِكَ

وبابَ العِتاب

 

إذا سافرتْ ابنتُك الوحيدةُ خارجَ الوقت

فُكن على قدرِ الأبوّة

باركْ لَها وقتَها

وانسحبْ بهدوء

 

إذا سافرت ابنتك إلى حُلمِها البعيد

فُكن صديقًا لها

وأشعلْ لها النارَ كي تهتدِي

 

إذا سافرتْ ابنتُك الوحيدةُ إلى لغةٍ أخرى

فقد لا تعود

قِف وحيدًا أمامَ الفراغِ

وانكسر كغمامةٍ

واملأ الثغرةَ في وجودِك كلّما ظهرت

رتّب سريرَها كأنّها ستعودُ للنومِ في آخر المساء

وحضّر لها مفاجأة: حبّتيْن من المانغو

أطعِم سربَ العصافيرِ على شبّاك غُرفتِها

مشّط فروةَ القطّةِ التي تركتْها في عُهدتِك

وابتسم للذكريات

ولأغنيةٍ عالقةٍ بينكُما

 

ستزهو كلّما جاءَك صوتُها من وراءِ البحار

فلا تؤوّله

ولا تأخذ النبرةَ أبعدَ ممّا ينبغي

هي مُشتاقةٌ

وأنتَ

 

إذا غابتْ ابنتُكَ الوحيدةُ

التي تحبّها مثلَ روحِكَ

صديقتُك التي علّمتكَ حقيقةً أو اثنتينِ

عن الحياةِ

وحمتْ اسمَك من الضياعِ

إذا خرجت من وقتك إلى حُلمِها

وتوارت كنجمةٍ في السماء

فكُن أبًا على قدْرِ الغياب

وبارك لها غيابِها

وافرح للمسافات وطِر مع النوارسِ

البيضاءَ كي تراكْ

لا أثرَ في وجهِكَ للعتاب

.

(الدالية 2 – 5 تشرين الأول 2024)

***

حياةٌ خفيفة

 

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله

منذ وُلدتُ وأنتمّا هناكَ علَى كتفيَّ كصخرتيْن

انكسرتْ ساقِي وأنا طفلٌ مرّتيْن

ولم يسألْ أيّ منكما خاطري

ركضتُ وراء فتاتي من ردهةٍ في المدرسَة

إلى ردهةٍ

كالمجنون

ولم تُصلّيا كيْ أُشْفى

قبعتُ في السجن أعدّ النجوم من فتحةِ الوقتِ

وأُحصِي الأمَاني

ولمْ أرَ منكُما موقفًا يسرّ القلبَ

تدبّرتُ دراستِي الجامعيّةِ على نحوٍ ما

نظرتُ نحوَكُما كلّما استعصت عليّ اللغاتُ

فلم أجدْ لكُما أثرًا في الدروس

تدور الحروبُ فيّ وأنتما هناك

كخشبتيْن منسيّتيْن في الشمسِ

ينزُّ منّي القهرُ

والموتُ

وصورُ الهلاكِ

وأنتما هادئان

هادئان

يعلّقني الوافدون إلى ليلِنا من رموشي

ويضحكون كلّما يبست عظمةٌ من عظامي

وأقفرت أرضٌ

وماتت فيّ لُغة

وأنتُمَا غائبان

 

السلام عليكم ورحمة الله

السلام عليكم ورحمة الله

منذ وُلدتُ ينكسرُ خاطري

في اليوم مرّتيْن

وأنتما تجثمانِ هناك كصخرتيْن

فانصرفا الآن!

أريد أن أخفَّ

وأن تخفَّ الحياةُ بين يديّ

وأمشي كما يمشي المتّكئون على حدسِهم

وحيدين

.

(حيفا 25 آب 2024)

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project