قصيدتان

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

مرزوق الحلبي

أثرُ خُطانا على وجهِ الماءِ

ما دُمنا سنموتُ
كلٌّ بطريقتِه
فلماذا لا نموتُ ونحنُ طيّبون كجدّاتِنا
كالذين، من زادِهم، يُطعمون اليمام؟

ما دُمنا سنموتُ يومًا
لماذا لا نموتُ ونحنُ سعيدون
نشربُ نُخبَ الذينَ يُحبّونَنا
ونُخبَ أذرعٍ ملفوفةٍ حولَنا برفقٍ
تردّ عنَّا الأذى
وتدسُّ لنا التمائمَ في الجيوبِ

ما دُمنا سنموتُ يومًا
فلماذا لا نموتُ ونحنُ أنيقون
نغتسلُ بالعطرِ كلّ صباحٍ
ونلتفّ بشالِ الحريرِ
وندقّ الأرضَ بحذاءٍ إيطاليّ:
أننا قادمون؟

ما دُمنا سنموتُ غدًا
أو بعدَ غدٍ
فلِماذَا لا نموتُ معترفينَ لأمّهاتِنا
بفضلهنَّ في خياطِة الليلِ بالنهارِ
ووضعِ
مقامٍ يحضّرنَ علَى وقعِه الكُحلَ للعيونِ الجميلةِ؟
لماذا لا نعترفُ للآباءِ
بأنّهم قدّموا لَنا الحياةَ
والخيبات
على طبقٍ واحدٍ؟
لماذَا لَا نعترفُ للسروِ
بأنه علّمنا العلوَّ؟

ما دمنا سنموتُ غدًا
لِماذا لا نموتُ ونحنُ عادلون
فلَا تنكسرُ علَى أيدِينا لغةٌ منَ اللغاتِ
ولَا يتيهُ قمرٌ عن غايتهِ
ولا يؤولُ نبيّ إلى الغيبِ؟

ما دمنا سنموتُ بعدَ قليلٍ
فلماذا لا نتركُ في الموقدِ جمرةً واحدةً
للغائبينَ
وقصيدةً غيرَ موقّعةٍ
يرتدونَها في الغُربةِ؟

ما دُمنا سنموتُ كمَا مَاتوا
لماذا لا نتركُ
للباقينَ مفاتيحَ الوقتِ
وأثرَ خُطَانَا علَى وجهِ الماءِ؟

ما دُمنا سنمضِي كالوقتِ
فلماذا لا نتركُ في الفضاءِ
متّسعًا للحنينِ
ودهشةَ الأراجِيح
والقُبلِ

ما دمنا سنموتُ كوردةٍ في مزهريّة
كعصافيرَ منَ البرد
كعاشقينَ من شدّةِ الوجد
كمُعدمينَ على أرصفةِ المُدنِ
كحوتٍ قضَى بينَ جزرٍ ومدِّ
فلماذا يصرُّ بعضُنا أن تظلَّ ذِكراهُم
جثّةً هامدةً ينخرُها الوقتُ علَى مهلٍ؟

ما دمنا سنموتُ كعادةِ الناسِ أن يموتوا
فلماذا لا نتركُ قلبَ حبٍّ واحدٍ
على جذعِ شجرَة في الجوارِ
يتسلّى المارةُ في تأويلِه؟

ما دُمنَا ميّتين كما ماتَ غيرُنا
لا محالَ
لماذا نندهِشُ منَ الموتِ
كلّما مدّ يدَه للمصافحةِ؟

هو الموتُ قادمٌ نحوَنا
في موعدِه
لا يحملُ للميتينَ الألَم
فلنعدُّ للرحلةِ حقيبةً خفيفةً
لا تثيرُ فضولَ الحَرسِ فِي الممرّاتِ
ولنبحثُ في القواميسِ عن معانِي العدَم

(كانون الثاني 2023)

**

نقاط حبر 

في أوّل السطرِ
مجازٌ من كلمتيْن ونُقطة
شِعر

غطّى الثلجُ المقعدَ في الحديقةِ
سوَى ذكرياتِنا
المُقيمةِ هُناك

الّلغةُ أرضٌ والشعراءُ
فلّاحون
يزرَعونَ المواسمَ
وينتظِرُون

القصائدُ
كالغسَّانيات
يغتسلنَ فِي النهرِ مرّتيْن
ويتركْنَ شعورَهنّ للريحِ
وقلوبَهنّ للصُدفِ

الحياة رمّانٌ
تفرطُه أمَي لنَا
حبّةً حبّة

في الحربِ
يُغنّي الجنودُ
فِي جنازاتهم
ويرقُصُون

لوْ لمْ يكنْ للطيورِ حنينٌ
لَما طارتْ عكسَ الريحِ
إلى أوطانِها

هوَ الوقتُ
لَا يُصابُ بأذًى إذَا ركلْناه

هي حاجتك إلى الغفرانِ
كي لا تمرُّ الحياةُ في باب بيتكَ
كالغريبة

على الجسرِ
غريبانِ
يضحكانِ للجِهاتِ
ويلوحّانِ للعصافيرِ

المطرُ غزيرٌ
يغسلُ الوقتَ
من كلامٍ يركنُه الناسُ من تعبٍ
فِي كلِّ مكانٍ

كلُّ الملائكةِ الذينَ نزلُوا
علَى سُلّمِ يعقوب
لم يصعدُوا بعدَها

تعدّدتِ اللغاتُ
والعدلُ واحدٌ

كلُّ اللغاتِ تنطوِي علَى مصيدَةٍ
وحدُه العقلُ
يُنجيكَ

العرباتُ تجرُّها الخيولُ
ومراكبُ الآلهةِ
لا يجرُّها أحدٌ

للغيمةِ فوقَ رأسِي
ظلٌّ خفيفٌ
وخُطًى تأخذُها إلَى عدَن

النجمةُ
دمعةٌ غجريّةٌ
صعدتْ إلَى السماءِ

المرأةُ التّي عانقتْنِي
بثّت عطرَها
ومضتْ

المرأةُ التي عانقتْني
تعلّقت بيد نيزك
وتركت في يدي
ضِحكتَها

لا شيءَ غيرَ الشعرِ
يشدُّ النجومَ إلَى بعضِهَا
لا شيءْ

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني