نمر سعدي
عالياً عالياً مثلَ نَسرٍ يطلُّ على ما وراءِ القممْ
تحدَّ الألمْ
وكن ذاتَ ذاتكَ , كن أنتَ أنتَ , ولا يتغيَّرُ فيكَ مصبُّ الينابيعِ , تلكَ التي في أقاصي الضلوعِ , وكن واحداً في دبيبِ الجميعِ لما يعشقونَ , نبيَّاً لنصفِ الزمانِ الفقيرِ , بلا حبقٍ كيْ يُغلِّفَ إنجيلَهُ ….
وسراجاً على ليلِ أعداءِ روحكَ ليسَ يضيءُ سوى قلبِ شيطانهم بدموعٍ ودمْ
عالياً , لا تطأطئْ لهم كبرياءكَ , لا تحنِ قلبكَ يا سيَّدي – حذوةٌ لحصانكَ أشرفُ من دُرِّ تيجانهمْ – وارتفع في مدارِ بهائكَ حتى ولو علَّقوكَ كأضلاعِ صاريةٍ في الجحيمِ مُكسرَّةٍ , كهلالٍ يموتُ على مهلهِ دونما سببٍ , كنهارٍ قتيلِ الخطى , كأصابعَ عثمانَ , قمصانَ يوسفَ في ليلِ يعقوبَ , عطرُ زهورِ الأناجيلِ , أنثى تشمسُّ زينتها في الهواءِ القليلِ , دمائي مُضيَّعةً في الفصولِ وحافيةً مثلَ أقدامِ نيلوفرٍ ….
قلبُ لؤلؤةٍ حيَّةٍ أنت في نارهم , خفقانٌ لعنقاءَ لا تترمدُّ أوصالها , شارةٌ رفعوها على بابِ مملكةِ الجنِّ – لندنَ – لا تترَّجلْ , فما زالَ ممَّنْ تحبُّ دمٌ فوقَ جمر السيوفِ لعينيكَ يصهلُ , لا تترَّجلْ وقاتلْ إلى أن تفيقَ الجماداتُ من نومها / موتها / عشقها / سُكرِ برزخها …….
لا تقايضْ بروحكَ لا ترمِ سيفكَ , قاتلْ لتُمحى الفواصلُ , قاتلْ , ولا تتذَّكرْ سوى لونِ عينينِ تنعتقانِ وتفتتحانِ السواحلَ , قاتلْ , لكي لا تموتَ الجداولُ في جسدِ الأرضِ أو تختفي من عروقكَ أو تتحولَّ لا شيءَ لا شيءَ , أمنيَّةً صدأتْ في الرمادِ وأغنيَّةً لا تُفسرُّ إلاَّ بمعنى الغيابِ ………
فأنتَ امتدادُ السماءِ التي أغلقوها , امتدادُ السماءِ , امتدادُ السماءِ , وصوتُ البحارِ الغريبةِ , أيقونةُ العنفوانِ , إنفلاتُ المراحلِ والإحتمالاتِ من جاذبيَّتها , أنت سرُّ الطبيعةِ , سحرُ خميرتها , طهرها المتوارثُ في كلِّ رابيةٍ , قلبها وارثُ الإنعتاقِ النبيلِ , هوى يتناسلُ منها , إنتحابُ البحيراتِ فيها , وما تحملُ الأبديَّةُ من ألقٍ …….
أنت في حِلِّ عشقٍ غريبٍ لحرِّيةٍ لا تُنلْ تحتَ شمسِ الحياةِ إلى أن تجفَّ بحارُ الدموعِ إلى أن تشفَّ وصايا الدماءْ
في قتالكَ , مثلُ جمالكَ يا سيَّدي , وحمٌ للنساءْ
إلى لا ابتداءٍ , إلى لا انتهاءْ
لا حياةَ مع الظلمِ , يا من صنعتَ بموتكَ حرَّاً نقيَّ السريرةِ من لوثةِ الصمتِ أبهى وأزهى حياة
يورِّخُ رأسُكَ في كُلِّ تاريخِ إنجلترا لاندحار الطغاة .