دعنا نفكر يا أبي.
دعنا نضحك على العيون التي تود أن تجمع كل شيء.
هل رأيت شجرة اللوز؟
انظر إلى شعبها من التويجات.
هناك يوجد عصبي الأول.
لقد بكينا:
لا يجب أن نبكي.
الغيوم تظللنا والهواء يلدغ صباحاتنا.
لا تكن حزينا يا أبي.
إنني أنظر إليك في البرعم الذي يخضر، الذي يتذكرنا.
أحيانا أخرج وأناديك. تخرج من الجذور التي أتورط فيها دائما. نتمشى حتى
نصير كلمات فقط وقلبانا يحممان الصخور، يرويان الحديقة،
والمرارة، كلما تقدمنا في العمر، تأخذ في الانزلاق من لسانينا.
حينئذ أنظر إليك وأرى ذلك الأب النفيس وأسأل نفسي من أين تأتي هكذا مليئا
بلمعان البحيرة، مليئا بأعوام قد أتممتها والآن تأتي هذه الأعوام، كاسرة الفجر كصقيع
مسمرة شوكاتك من العسل؛ وتندلع في السكر وتجعلنا نرى الوردة وردة مرتين وتضحك ككوكبين يحتكان ببعضهما
وتبكي مئات الروائح والزفرات كالريح في صدع؛ وهناك أكون أنا:
مشمئزا من اللحم، من المفاتيح، من السيارات، من المدن،
راغبا بالوصول إلى العشب
الذي تضاعفه أنت،
محاولا أن تكون بلا رائحة، بلا لون، غير مرئي، غير كلي،
كي لا تقسم ساق نسيمك عبر الحقل،
كي يمكنك مواصلة خطواتك التي لملابس قديمة.
لا تكن حزينا يا أبي.
لا تكسر ابتسامتك هذه في إبر.
لا تتلطخ بالكيراتين،
فالألم غيّر بطاقته.
حضور غيابنا لن يؤلم.
دع السكاكين تنبو
وأن يتغير الصوت:
افتح نافذة في الجنوب
وأغلق نافذة الشمال
او كما ترغب أنت،
لديك عشرون مفصلا في الجمجمة
وأنت حزين في النخاع كشبكة بلا هدف
(كما كان يمكن أن يقول نيرودا).
تبكي وحدتك في وحدتي يا أبي.
تعرّق كاملا كالندى.
لا تجعل ما هو نفّاذ وعرا.
حان وقت اختراق أجسادنا بالصخور،
أن نخزّن بالسمّ غضبنا الذي لخلية نحل،
أن نتزاور على البعد
حيث الساعات لا تملي علينا
ولا تفصل ابنا عن أب،
حيث الكلمات لا تنبو
ولا حوائط تكشط
ولا أبواب يمكننا إغلاقها.
(ليس من السهل)
بطريقة أو بأخرى
أودّ أن أمشي كخنفساء على ثدييك،
أن أفرّغ ضربات قلبك،
أن أنفخ رئتيك بأنفاسي،
فما حدث اليوم أن حدقتيّ
اتسعتا بحثا عنك
وأنا أبحث عن أرجوحة نوم في قوس قزح
كي أعوض غياب
الانعطافات الفجائية لجسدك.
مطبخ فاخر
وضعنا القلب في مقلاة
وانتهى مُدَخَّنا بينا،
هذا الزيت الزلق
الذي هو الحياة.
اليوم التالي
ليلة أمس قلت حقائق كثيرة.
كلما شربت أكثر كلما انفتح أناناس العقل، عنقوده من الشرفات.
ليلة أمس قلت لكِ إنني أحبك،
بلا شك
كالحصوات المسمرة
في قدميك العاريين.
حسنا، صوتي غطاني بالأوراق.
نعم الشراب مفيد.
يسخن الحب،
يقوسنا في حلزون الحب.
أن تقول يعني أن تشعر لأنك تتجه لقول شيء.
نعم الشراب مفيد.
وإذا ما قال أحد العكس فلأن حقائقه هي أخرى.
لكن يجب تذكر أن كل الحقائق مفيدة لأنها حقيقة.
أم لعل بوسع المرء أن يشرب
صانعا ملابس من أجل الظل؟
نعم الشراب مفيد.
الشراب ليس شيئا زائفا
الزائف هو ذهننا أو جسدنا
غير المفيدين لكي نشرب.
12 ديسمبر 2010
الصرخة هي يتيم في الحلق.
“الفودو” يوقظ أسوأ دمياته.
كل أنين استحال إلى جني.
اللا نهائي توقف من جراء الألم.
اليأس يغتصب نفسه.
الإله محشور في أنقاض “هايتي”.
أغنية الدُّش
الدُّش لا يحترم شيئا.
عندما نستحم فإننا نفقد الاحتكاك بالنبلة الخشبية،
الريق الجلدي للقُبلة،
زيت الجهد،
وحتى أحجار الخلية.
لكن الأمر أسوأ مع الشَعْر؛
ففيه نفقد
كلماته الوضعية،
محافظ العملات التي فتحتها الريح
أو أجراسه الموسومة.
لكن هناك ما هو أسوأ بكثير
بينما نستحم:
الجِل والشامبو.
مع الجل والشامبو نفقد
الكثافة والذاكرة.
بل أكثر من هذا،
نفقد الدراية بالزمان والمكان.
الجل
يحبسنا في أبواب معدنية
وتفقد المسام غابة الصنوبر.
الشامبو
يبدو أنه لم يفعل شيئا
لكنه يجرف المُهرات البيئية،
علاوة على ذلك، يجرف حيوانك،
اسمك الذي دون عظام.
لذلك عندما نخرج من الحمّام
فنحن جوٌ أمرد، كائنات بلا كلام،
تفوح منا رائحة النظافة، أي اللا شيء،
أي الموت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*شاعر إسباني (مدريد 1978)
خاص الكتابة