أديب كمال الدين
* الملايين من البشر
وَضَعتْ على صدرِها قلادةَ عُريٍ صغيرةً حمراء
وارتدتْ لباسَ بحرٍ صغيراً أحمر،
ورقصتْ،
فصفّقَ لها حدّ الهذيان
الملايينُ من البشرِ الذين ماتوا.
ثُمًّ عادتْ فرقصتْ،
فصفّقَ لها حدّ الجنون
الملايينُ من البشرِ الذين سيموتون.
* قلوب
على جذعِ شجرةٍ مَيّتةٍ أو شُبهِ مَيّتة
رسمتُ قلوباً لا عَدَّ لها.
فرآها النّقّادُ وصمتوا كالأحجار
لكنَّ أحدهم أوصاني أنْ أستخدمَ الألوان
في رَسْمِ القلوب
بدلاً من أنْ أستخدمَ دمي
أو نبضاتِ دمي.
* الذّئب
اجتمعَ الغزالُ والطّاووسُ والعصفور
فكانت الغابة.
ولمّا حضرَ الذّئبُ ليُكملَ المشهد،
طارَ العصفور
وهربَ الغزالُ والطّاووس
ثُمَّ لحقتهم الأشجارُ كلّها،
فضاعَ كلُّ شيء.
* محنة اللقلق
حينَ بنى اللقلقُ عشّاً
انتظرَ حبيبته طويلاً دونَ جدوى،
ثُمَّ أوصى القمر
بأن يهتمَّ بعشِّهِ المهجور
لكنَّ القمرَ قَهْقَهَ كثيراً
وهو يقفزُ ما بين الغيوم.
* لوحة سرياليّة
اللوحةُ السّوداءُ سهلةٌ جدّاً.
فبإمكانكَ أن تقول
للمشاهدِ المُرتبكِ المذهول:
إنَّ الألوانَ كلّها غادرت اللوحة
على نحوٍ سرياليّ
ولم يبقَ غير الأسْوَد الشّرس
الذي احتلَّ اللوحةَ قبلَ قليل!
* سقطتْ وانتهتْ
سقطتْ قطراتٌ من الذّاكرة،
ربّما من القلب،
أو من العين.
إذا كانتْ قد سقطتْ من الذّاكرة
فهي قصائد حتماً
أما إذا سقطتْ من القلب
فهي قطرات دمٍ دونَ شكّ
أو من العين فهي دموعٌ بالطبع.
قد تكونُ كلّ هذا أو لا تكون.
المهمّ أنّها سقطتْ على الأرض،
سقطتْ وانتهى كلُّ شيء،
سقطتْ وانتهتْ.
* الصيحة
صِحتُ
بالشّاعرِ الذي ضيّعتهُ المنافي،
والشّاعرِ الذي مزّقتهُ الحروب،
والشّاعرِ الذي دَرْوَشتهُ الحروفُ حرفاً فحرفا،
والشّاعرِ الذي عذّبتهُ النّساءُ عضواً فعضوا،
والشّاعرِ الذي طعنتهُ سيوفُ الارتباكِ سيفاً فسيفا،
والشّاعرِ الذي انتحرَ في لحظةِ يأسٍ عظيم.
صِحتُ:
أنْقِذوني ممّا أنا فيه!
فارتبكوا
وبانَ على وجوههم عَجْزٌ خُرافيّ،
عدا الشّاعر الذي انتحرَ
إذ جاءني مَذهولاً أشعثَ الرأس
وقبّلني باكياً
ثُمَّ انتحرَ من جديد!