حفصة الرفاعي
فرحٌ باهظ/ ألمٌ مجاني
حين تحترف الاستغناء
ستتنكر لك الحياة
في كل الصور
وكغانية
ستعدك بالكثير من النكهات
التي لم يعرفها يومًا
يومك الصدئ
وما إن تستدرجك إلى جحر الأرنب
وتخلع عنك الدروع
حتى آخر طبقة
من الحذر
وتقذف بك في عمق اللون
عاريًا من أي غدر،
وتستبدل نبضك الرتيب
بصخب طفل،
حينها
لا يفاجئك وجه المرابي اليهودي
الذي استحالت إليه،
حين تسلبك النكهة،
والغفلة،
والصخب،
والألوان ..
“لم تفشل الحياة يومًا
في استرداد قرضها
بفوائد .. وأصولك”
هكذا سيهمس لك الألم
المجاني
من وحدته الأبدية
أما الآن،
فعليك إيجاد نكهة ما
لتكن الصدأ!
وهكذا
تتعلم شيئًا
عن حمقك الروتيني،
الذي لا يملك ثمن الفرح
الباهظ
ولا خفة المرور الآمن،
بجحر أرنب!
……………………………………….
ملاك صغير يدعى “جوهاندا“
بالحقيقة
لم يفتك الكثير
كنت لتكبري…
وتحتضنين العالم بأذرع مفتوحة
وبضحكتك التي سألتني بها عن اسمي
في الصف الثالث
قبل أن تبدأ الحياة بتلقينك دروسها
دفعة واحدة!
كنت لتتعلمي مثلاً
أن تسيري على حافة أرصفة الشوارع
بدلاً من السير على إفريز أحلامك
حافية القدمين
ألم الهاوية الأولى كان ليتكفل بهذا الدرس…
كنت لتتعلمي مثلاً
أن الالتفاف يمنة ويسرة
حين تعبرين طريقًا
لم يعد بذات الأهمية
فالموت لا يضل طريقه على أية حال
كنت لتؤنبي نفسك بقسوة
في كل مرة تقارنين فيها البشر
بأبطال الروايات
لأن البطولة الحقيقية
أن تكوني على قيد الواق
دون أن تتحولى لمسخ كافكا
كنت لتتذكري
ارتداء درعك اللامرئي
-مهما بلغ ثقله –
قي كل مرة يحاول فيها العالم التسلل إليك
وكنت لتشعري بالعجز التام
أمام أولى شعراتك البيضاء
أنا لا أريد أن أكبر يا جوهاندا
لا أرغب في أحمال إضافية على ظهري
لم أتقبل دوري كترس قي هذه الآلة بعد..
ولا رحيلك الأبدي!
لم أكف عن التساؤل
ماذا لو..
شاركتك التشبث
بذلك الباص
لو أنني لم أكن بذلك الحذر اللعين
الذي يدفعني
للعودة مبكرا،
والانتهاء من الواجب ،
والخوف من العقاب !
ماذا لو أننا تشاركنا السقوط الأخير؟
أكانت لتحلق معك أجنحة روحي
بعيدًا عن هذا الرماد؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعرة مصرية، والديوان صادر مؤخرًا عن دار الأدهم 2023