محمد الكفراوي
المَلكُ
ثَلاثةُ أَحْصنةٍ و فِيلٍ
وحِفنةٍ مِن البيادِقِ
كُلُ هذا يُكَوّنُ لِي طَابيةً
أستَطيعُ الآنَ أنْ أحكُمَ العَالَمَ بِلا عَناءٍ
أستطيعُ أنْ أجْعلَ كُلَّ المُلوكِ والحُكّامِ
يَهتِفونَ لِأجْلِيْ
وَيَتمَنَّونَ الرِّضَا
سَيَأتُونَ جَميعاً ويَركَعونَ تَحتَ قَدميّ
يَبكونَ ويَعتَذِرونَ ويَطلُبونَ العَفوَ
عنْ ذنوبٍ لمْ يَقتَرِفُوها أصلًا
وَحِينَ يُصْبِحُونَ فِي غَايةِ الذُّلِ وَالمَهَانَةِ
سَأضعُ يَدي فِى جَيبي
وأُخْرِجُ كُلَّ الشُّعوبِ.
مِيْتةٌ فَاتِنةٌ
فَكِّروا معِي قَليلاً لِخَاطِرِ النّبي
بِاستِثناءِ فِكرةِ الانْتحارِ
كيفَ يُمكِنُ أنْ يَموتَ شَابٌ
لمْ يَتَجاوزْ الثَلاثِين مِن عُمْرِهِ
أنَا شَخْصيًا أَتَوَقّعُ مِيتةً فَاتِنةً
فَقَبلَ أنْ أُغَادِرَ الحَياةَ
يَجِبُ أنْ أَترُكَ خَلفِي
عِدّةَ أفْواهٍ مَفْتوحَةٍ
على هَيْئةِ أَفخَاخٍ لِلذُبابِ
أَتذَكّرُ مَثلًا
أنَّ أبَا القَاسِمِ الشّابِي مَاتَ
مِن زَحْمةِ المَشاعرِ
ماتَ بِتَضَخّمٍ في القَلبِ.
أَلَمٌ
هَل تَعرِفُون مَعنَى الأَلَمِ الحَقيقِي يَا أَصْدِقَاءُ
الأَلَمُ الغَامِضُ المَعْجُونُ بِرَائِحَةِ الدَّمِ .
الأَلَمُ
اِبنُ الوِحدَةِ .. هِهْ
صِنْو الفَرَاغِ .
يَظهَرُ أَحيَانًا عَلَى هَيْئَةِ آهَاتٍ مُفَاجِئةٍ
وَأَحيَانًا أُخْرَى عَلَى شَكْلِ تَمَوّجَاتٍ سَوْدَاءَ
فِي سَقْفِ الغُرْفَةِ
دُونَ سَببٍ .. وَبِلَا مُقدِّمَاتٍ
يَزحَفُ إلِى أَروَاحِنَا
لِنَشعُرَ أَكثَرَ
بِبَشَاعَةِ الوجُودِ .
فَوضَى
أُنَظِّفُ فَوْضَاكُم
هَذا مَا أَفعَلُه بِالضَّبطِ
أُلَملِمُ سَنَوَاتِكُم المُتَّسِخَةِ
مَاضِيكُم المُلَوّثِ
أَحلَامَكُم المُجْهَضَةِ
أَروَاحَكُم البَالِيةِ
أَجْمَعُ كُلَّ تَفَاصِيلِكُم الصَّغِيرَةِ
وَأَضَعُهَا
بِنَفسٍ رَاضِيةٍ
فِي مَفرَمَةِ الزَّمَن .
مُغَفّلٌ
مُغَفّلٌ كَبِيرٌ
مَن يَظُنُّ أَنَّهُ سَيَنجُو.
مُغَفّلٌ وَسَاذَجٌ
مَن دَخَلَ هَذِهِ المَتَاهَةِ
وَاعتَقَدَ أَن لَهَا مَخرَجاً.
أَنتُم ضَائِعُونَ يَا سَادَةُ
وَلَا مَخْرَجَ لَكُم
سِوَى بِالتَّخَلِّي عَن حَيَوَاتِكُم البَائِسَةِ.
………………….
*يصدر قريبا عن دار “خطوط وظلال” في الأردن