محمد البديوي
عابر سبيل
سأقيم هنا
حيث يمكن لهؤلاء الملاعين
أن يدلدلوا أقدامهم على كتفي
ولا يدفعوا أجرة العبور
يمكن للمثقفين والشعراء
أن يتفاخروا بصورتي على غلاف المجلات
يعرضونني في جلساتهم الخاصة
يدللون بي على إنسانيتهم وضميرهم
سأقيم هنا لبضع سنوات
سأكون معبرا
للمتسلقين
وعابري الطريق
والمحتالين على القانون
سأكون بيئة صالحة للتداول في بيوتكم جميعا
ظهري المنحنى
ويدي الخشنة
وبيتي المصنوع من الطوب
علامة على حماقتي
**
لماذا؟
كلكمو
بين يدى تجيئون
هذا يأتى حبوا
هذا يأتى سعيا
هذا يأتى هرولة
هذا يركع
هذا يسجد.. بين يدي
وهذا يذكرنى فى ملأ
هذا يتقرب شبرا
هذا يتقرب باعا
فلماذا
تتفقون على؟
**
وحيد بما فيه الكفاية
لم يتغير الوقت
لم أمت بعد
لكن حلمت بما يكفي
لأكون في مهب الريح
مرثية تتناقلها التفاصيل والنسوة والزحام
لم أمت
لكن كفي باردة
دمي واقف
وقلبي صامت عن الحب
عيوني مسبلة
والدم ساكن في التفاصيل
لم أعان بما يكفي في طفولتي
فقط ثيابي كانت ملوثة دائما
ولا أملك النقود أو النبوءة
كنت وحيدا بما فيه الكفاية
لطفل لا يفهم الفرق بين الماضي والمستقبل
ولا يفرق بين الماء والملح
لم أعان بما يكفي في طفولتي
كل ما في الأمر
أن القسوة صنعت من جلدي حذاء
وأن البيوت القديمة طبعت خشونتها في الحلق
وأن الشياطين التي عاشت علي سقف غرفتي
لا زالت تزورني في الغربة
الغربة حزينة
والطين الذي نحمله على أكتافنا من آخر الأرض
لن تزيله السنوات ولا الهموم ولا السماء
فارغ عمري إلا من الوهم
الحقائب مملوءة بالحجارة
والقصص القديمة عن المجد والحرية والإباء والشرف
حتى القهوة التي “أطفحها” كل صباح
لم تعد مرة الطعم