قصائد للشاعر مهيب البرغوثي

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

مهيب البرغوثي

كآبة

تسحب الغطاء، تطردني عن السرير

تلك المجنونة

تسرق الطريق

تحطم أسناني

وتورث الهرم المبكر

تمشي أمامي تحتل مكاني في سيارة الأجرة

تشرب الألم وحدها

آه.. تلك العجوز، إنها تعيش على قلبي.

*

لا أحد أخشى خيانته

العمر، حاويات القمامة

أحذيتي المهترئة

إنه جمال سائب،

لا أحد

لا صيف أخشى خيانته

مثل الشوارع التي

أمر عليها الآن…

ذهني خاوٍ تماماً

كأنه مغسول للتو

صداع خفيف في رأسي وطنين

البرد يخترق الذاكرة

أسمع دقات قلبي عالية

ربما من الورق الزيتي

الذي دخنته ومعدتي خاوية.

*

كل شيء نحو الهاوية

أنتِ، هذا الفم المودي نحو الجحيم

هاتان العينان الذاهبتان نحو الخراب

وذلك الرأس الأجرد، رأس الفتنة

كل شيء مصاب بالملل

الأصدقاء.. صفحاتهم الباردة كما السماء

تلك البقرة الجالسة أمام المدفأة على أريكة من الفرو،

ملابسنا الداخلية كالبيانات السياسية مصابة بالعطب

لا شيء

خارج عن المألوف،

لا شيء شاذ في حياتنا المملة

حتى أنتِ أصبحتِ كأي بحيرة أصابها الجفاف

لا شيء لا شيء

خارج عن المألوف

سوى أنت.

**

الشاعر يرسم نهاية الانحناءات

الغريب يرسم نهاية الانحناء. خرج الغريب صباحاً كَنسرٍ لا يقوى على الرؤية، كانت قفزةً واحدةً فقط، قفزةً واحدةً قادرة على رسم ملامحه غير الواضحة، لكنه خرج هذا الصباح ومعه سنوات تعبه وقهره على الأحياء المتعبين من ثقافةٍ أصبح الموت يحركها.إنه الموت،على موعدٍ اليوم مع كأس من القهوة،

إنها ثقافة من جاءوا من وراء أطراف الثوب المنتهَك، إنها ثقافة كتابٍ وقادةٍ مهزومين بجولاتهم السياسية. ترى، متى سيدركون أنهم لا شيء؟

المساحة ضيقةٌ يا صديقي،

عليك

أن تبرهن على قدرتك على الطيران

أو أن تهدي من تركتهم خلفك بعض الكلمات

فقط قليلاً من الحب

استعد إذاً يا صديقي

فقد آن أوان الطيران

هكذا ترتجف أطرافنا من البرد

ونصحو

على ما تبقى منا.

*

لا شيء يعكر مزاجي

العالم يترنح، كذبابة ثملة

لا شيء يعكر مزاجي اليوم

مرت الدقائق الأخيرة من العام الماضي

وأنا أجلس أشرب الشاي

وألعب الورق مع أشخاص لا أعرفهم

كان جو المقهى بارداً قليلاً

كنت ألبس ملابس خفيفة

البرد حفر قناة في عظامي وقدماي ترتجفان

والكل ينتظر مني أن أتركهم وأذهب للسهر مع آخرين

لكن مرت الدقائق الأخيرة من العام الماضي، وأنا ألعب الورق وأشرب الشاي

ولا شيء آخر في ذهني،

وكأن العالم ذبابة في كأس فارغة.

*

 نعش المدينة

خلف نعش المدينة

لا أحد

عامل القمامة

يقود سيارة دفن العاهرات

لا أحد خلف نعشي

صاحب المقهى

ينظر إلى الجانبين ويبتسم

جسدي وحده يسير في الظلام

لا أحد يسير نحو المقبرة

سوى طيف أمي

لا أحد سوى الفراغ يقود نعشي.

*

وجه المدينة

تبدو المدينة

كقبر سجين بريء، المباني تحجب رؤية النجوم

والأسفلت يطير مع الهواء كشرائط ملونة من

الأحلام والذكريات

الصباح كأيدٍ مغلولة

المدينة تسلب الجميع حريته

أمرُ عبر شوارعها

أشعر كأن النجوم تتساقط

من رأسي

ولا أحد في الشارع.

*

كل شيء أجمل

كان كل شيء أجمل

كان كل شيء

في السابق أجمل

صوت البنات في سوق الخضار

وفي المظاهرات

السجن مع الرفاق فجأة

وصوت بائع أسطوانات الغاز المزعج صباحاً

كان كل شيء في السابق أجمل

مشاكسات الأصدقاء

سرقاتنا الصغيرة،

وألوان البالونات في الأعياد

وصوت بكائنا فرحاً وحزناً

كان أجمل

كان برد الشارع أدفأ

كانت الحياة أجمل

حتى المرض كان له طعم الفرح

كان كل شيء في الماضي أجمل

كل شيء بلون الحياة.

*

يدي اليتيمة

يدي التي عاثت الخراب

يدي التي علمتني إتقان فنون الرذيلة

يدي التي كانت تضمكِ وتلعب بصدركِ كأي مجنون

يدي التي عبثت بالكون

اليوم أضعها كأي تحفة فنية قديمة

على الطاولة

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم