قيس مجيد المولى
هذه المرةُ ستهبُ الريحُ منخفضةً
فرصةٌ للطيورِ
أن تمكثَ في أعشاشِها
وتحيطُ صغارها بالرعايةِ والقبلات
وتنامُ مطمئنةً
بلا خوفٍ من الصيادينَ وأسلاكَ الكهرُباء،
ستهبُ الرّيحُ منخفضةً
لكنها باردةٌ
فرصةٌ للأجسادِ
أن تشعرَ بالطمأنينةِ تحت المعاطفِ
والرؤوس تحتَ القُبعات،
ستهبُ الرّيحُ خضراءَ من الجبال
فرصةٌ للأغنامِ والأبقارِ والخيول
أن تستمعَ إلى أناشيدِ الفلاحين
وهم يستقبلونَ موسمهم الزراعيّ الجديد،
ستهبُ الرّيحُ دافئةً
فرصةٌ للأعشابِ الخضراء
أن تحتضنَ بعضَها البعض
وترقصُ على إيقاعِ أول قطراتٍ للمطر،
ستهبُ الريحُ كحُلم
فرصةٌ لأيِّ إمرأةٍ قُتلَ زوجُها في احتجاجٍ ضد الفاشست
أو في أي قدرٍ رَباني
أن تذهبَ لنبشِ ذكرياتها
منَ المقبرة،
ستهبُ الريحُ من صدرِ فتاةٍ تعيسةٍ
فرصةٌ لها كي ترمي نفسها
في مياهٍ متجمدةٍ
ربما يتجمد حظُها العاثر
ويعود اليها من تُحب،
وأنا الشاعرُ
حين تهبُ الريحُ عاليةً أو دافئةً
أو منخفضةً
أو لا تَهُب
سأكتبُ قصائدَ عن هوامشي الممزقة
التي وضعتها تحت الطاولةِ
ومن تحت الطاولة
أمزقُ منها ماتمزق
أمزقهُا وأبكي عليها
وسأكتبُ قصائدَ
عن ظلام الشّتاء الذي يأتمنُ أسراري
هي فرصةٌ لي
كي أُعَيدَ توزيعَ اتجاهات الرّيح
المتبقي من قوانينِ الطبيعةِ،
مجرد العبث بمدركات قوانين الكون
والمسميات الأزليةِ
التي وصلتنا سهواً من السّماء