في مَمّر التدخين العمومي

في مَمّر التدخين العمومي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

مُوسيقى الروك آندرول مَع جنون القَمر ونبتاتٍ في الشرفةِ وأصواتٍ تأتي دائماً مِن بعيدٍ ، بحيث تُردِّدُ : مِن هُنا إلى هُناك ومِن هُنا إلى هُنا.

  تَخرُج فِي الفَجرِ  للبَحثِ عَن سَماءٍ ، وَعِندما يَتأَكَدُ لَها أنَّ الفراغَ لانهائيٌ ويَغمرُ كلَّ شيءٍ ، تَعوُدُ ،  لِتَنْهَدم أَشجَارُ الغَابَة عَلى مُخيّلتِها وَهي تُحَاوُل ضَغط حَضَارَتِين فِي الصَقيِع .

جَارتُها الهَارِبة مِن فِكرة الحُب ، تَكتُبُ عَلى بَاب مَعهد تَعلّم اللغات قَائِمة طَويِلة مِن الرَغبات وَتُومِيءُ لَها : الغروب لايعني شيء .

 اليوم شاهدتْ  البُحيرة و الضَباب من النافذة ، لأنَّ الوقت مُمّل وَهي بِصَدد دَفن حَياتها قِطعة قِطعة  بِجانب الشجرة العالية أوْ في مَمّر التدخين العُمومي.

تُحَرِّكُ نِصفُها الأيِسر ، وتَعتَقِد بأنّ الحُب مُمكِن ، لكنَّ القارات بِتسارعِ شُعُوبها جَعلها تَحلمُ في الليل بِطابق عُلوِّي يَنهارُ فَجأة عَلى فِكرة تَخُص الحَقيقة المَزعومة ، وبِذلك استَقرّتْ على أنْ تَظل رُوحها تَغلي  دُونَ تَوُّقُفٍ .

فِي الشتاءِ, تَجعلُ صَفَّا طَوِيلاً مِن المَبَانِي المُجَاوِرة يَتَجَوُّلُ مَعها فِي نَفس اللحظةِ التِي يُهاجِمها الحَنِين لِأرواحٍ تَمضغُ أرواحاً . تَصنعُ  قلباً بِمَسندٍ طَويلٍ وتَربطهُ بِجَريرٍ فِي عَاصفةٍ قٌطبية ٍثمّ تَعودُ تُحرّك آنيةً على الطاولة وَمِشجب خَشب قَديم .

فِي الخارج ، تُمْطِرُ ، حَيثُ لا أَحد يَظهر فِي النَافذة مِن بَعيد  , ويُلوّح لِمارة يَحمِلُون أمتِعةً قَديمة ثمّ يَتَوّارُونَ فِي شَارعٍ جانبيٍّ .

اليوم هَاتَفَتْ غَريقاً فِي القَرن الرابع عَشر، ورأتْ بَعد مُنتَصف اللّيل  عَلامَاتٍ عَلى الحَائطِ ، فكّرتْ فِي أنّها إشَارة بأنَّ البيت مَسكورةٍ رُوحه.

وفِي الشُعور بِالوحدةِ ، جَعلت يَديِها نَهاراً ثُمّ  مرَّرَتْ شمساً عَلى شاطيء كاملٍ وسَحبت أجهزةَ ضوءٍ على حوائطٍ  قديمةٍ تَمشي في ظِلالها أصواتٌ وكلماتٌ , وأناسٌ يَفِرّونَ جَماعات جماعات ، كُلّ ذَلك تَزامَن مَع قافلةٍ وسِربَيِن مِن طيُور شَعَرت باِلتَعب .

فتَحت بَاب البيت وَهي تَشعُر بالكمِية الهَائلة مِن المَاضي  ، فَنادت على القِطة التي أشترتها خِصيصاً كيْ تُجرّب كَيف يُحب الأنسان القِطط .

وقَفتْ فِي الصالة الصَغيرة ، وأدارتْ أُغنيةَ رُوك ثُمَّ شَرَعتْ فِي الرقص ، لَكنْ بَعد خَطواتٍ صَغيرةٍ ، سَرَتْ فِي جَسدها حَرارةً غَريبة ، ورغبة فِي  أنْ تتحرّكْ على شَكل دَوائِر مُتصلة ، ثُم  بَدأتْ فِي عَمَل خَطَواتٍ غنّتْ خِلالَها ، وتُفَكّرُ كَيف تَستَطيعُ إشْعالَ روح ٍباردةٍ فِي مَمّر الثّلج الطَويِل  .

 

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم