رسائلُ الرفضِ لم أستطعْ انتزاعَها مِن الفضاءِ الإلكتروني لأثبتَها على متْنِ الباب، المقبضُ متَّصِلٌ مباشرةً بأسلاكٍ كهربائيةٍ لتيارٍ مرتفع، كلَّمَا لمستُه انتزَعَني الألمُ وقذَفَني ليرتَجّ رأسي في الجدار المقابل .
في المرةِ الأولى كان الطَّرْقُ مفزِعا، منذ وقتٍ طويلٍ لم أحتضنه، أنا لم أحتضنه مِن قبل، كنتُ آخُذُ التفاحاتِ الكبيرةَ اللامعةَ مِن بين مستطيلاتِ الحديدِ المتوازيةِ، آخذها هكذا واحدةً وراءَ الأخرى، ألقيها بلا اهتمامٍ لأصِلَ بسرعةٍ للحظةِ التي أنتظِرُها حين يعطيني أقلامَ الخشبِ الملونةَ، أكثرَ مِن مجرد ستةِ أقلامٍ قصيرة، علبة كبيرة متخمة بالأقلامِ الطويلةِ ذات السنون المَبريةِ بامتياز، هو كان يدرِكُ ذلك، فكان يدَّخِرُ الأقلامَ لآخِرِ وقتٍ حتى يطول اللقاءُ مع الطفلة.
في كلِّ مرةٍ يكون الطَّرْقُ مفزِعا، أنهضُ بسرعةٍ في محاولاتٍ مرتعبةٍ للقبض على سببِ الطَّرْقِ، لكنَّ الطَّرْقَ كان يختفي في لمحةٍ قبْلَ أن أطردَ مِن عينَيّ ثقلَ النعاس، أتدَثَّرُ مِن جديدٍ في البطاطين المتكومةِ فوقي، أُحكِمُها حولَ رأسي، أتمنَّى لو أحشرُها حَشْرَا داخلَ أُذُني، أفكِّرُ ربما خَطَف الطَّرْقُ المرعِبُ ألواني ليعطيها لشيماءَ جارتي السمراء، أطوِّحُ الأغطيةَ فتصنع جبلا صغيرا ممتدا مِن طرفِ السرير إلى الأرض، وفي لحظةٍ أقِفُ أمام الدرج المغلق، سَقَط المقبضُ المستدير الصغير مرةً أخرى على السجادةِ الموشَّاةِ برسومٍ فارسيةٍ قديمة، أتحركُ بسرعةٍ أبحثُ بنظراتٍ خاطفةٍ ملولةٍ أظنُّها باحثةً بدقةٍ عن المقبضِ الصغير، أووووه أنتفِضُ بعدَ أن فازَ باطنُ قدمي في مسابقةِ البحثِ عن المقبضِ، وأعودُ للسرير مِن جديدٍ بندبةٍ حمراءَ صغيرةٍ عميقةٍ في باطن قدمي، أكوِّمُ الأغطيةَ فوقي مِن جديدٍ دون إتقانٍ، وأُطمْئِنُ نفسي أن الطَّرْقَ لم يَنجحْ في العثورِ على المقبضِ الصغير