فرحة قصيرة

إيمان أحيا
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إيمان أحيا

كانت قد فرحت كثيرا عندما علمت بأنها ستذهب مع والدتها الى السوق، لا تعلم كيف يكون السوق ومن أين لطفلة في الخامسة أن تعلم معنى السوق، فقد فرحت لمجرد الخروج، ربما ظنت أنه مكان يمكنها اللعب فيه أو أن والدتها وعدتها بشراء لعبة ما فذهبت بخيالها وسط عالم الألعاب حيث الدمى بكل أشكالها وألوانها وشتى ألعاب الأطفال خاصة تلك التي تستهوي الفتيات.

ألبستها والدتها في الصباح ثياباً جميلة وذهبوا إلى السوق تصحبهم إحدى قريباتهم، وما إن وصلوا ثلاثتهم إلى السوق حتى كانت الطفلة تسير في السوق مأخوذة بكل ما ترى حولها من محال تجارية تمتلئ إلى آخرها بكل أصناف الأشياء من ملابس وحقائب وأحذية والكثير من أشياء أخرى لا تعرفها الصغيرة، فقط تعرف أنها لم تر مكانا يشبه هذا المكان من قبل. ولم تر كل هؤلاء الناس المجتمعين هنا بهذا القدر من قبل، أناس يدخلون ويخرجون يحملون مشترياتهم، أو يتفحصون الأشياء أو يساومون التجار للحصول على ما يرغبون بأقل الاسعار، ومن يتجه خارج السوق، الجميع في حركة مستمرة وسط ضجيج هائل لا يشبه شيئا سوى هذا المكان.

وأثناء انبهار الطفلة بكل بهذه المشاهد وجدت نفسها وحيدة وسط هذه الجموع الغريبة تبحث في يدها عن تلك اليد الأخرى التي كانت تمسك بها فلم تجدها لتصبح  هي  المشهد وما كان من الصغيرة سوى البكاء بطريقة هستيرية لتعلن للجميع عن ضياعها.

التف جمع من السيدات حولها وكأن السوق قد خلا إلا من النسوة أحاطوا جميعا بالطفلة يحاولون تهدئتها ولكن عبثا فكيف لمن تملكه القلق أن يهدئه أحدهم؟!، الجميع يشعر بالتشتت حتى أنه لم يفكر أحد  في سؤال الطفلة عن اسمها الذي كان ربما سيسهل البحث عن الأم، والطفلة غارقة في بكائها وسط ضجيج لا ينقطع من غرباء أحاطوا بها وأصوات أخرى تمر تكيل اللعنات على هذا الحشد الذي يقطع طريقهم، وأنا أحاول إيصال صوتي أو اختراق هذا الحشد لاحتضان الطفلة لتلتقط أنفاسها وسط هذا البكاء الذي لا ينقطع والذي كادت معه أن تنقطع انفاسها ولكن عبثا، لتقطع المشهد فجأة سيدة شابة  تأتي مهرولة تسأل في لهفة يتبدى منها بصعوبة صوت أنفاسها عن طفلتها حبيبة.

كادت النسوة في السوق أن يضربن الام لغفلتها عن طفلة في هذه السن، في مكان بهذا الحجم، وما أن التقطت الأم طفلتها حتى ألقت الطفلة بنفسها في حضن والدتها باستسلام تام وكأنها ستلفظ آخر أنفاسها، ولكن هنا في أحضان تلك الأم التي ألقت باللوم على طفلتها لتركها يد قريبتها وما كان من الطفلة سوى أن تهمس لوالدتها: “تمسكي بي جيدا يا امي فلن أترك يدي في يد أخرى سواك، ولن آتي إلى السوق مرة أخرى يا أمي” ..

مقالات من نفس القسم

تشكيل
تراب الحكايات
موقع الكتابة

قلب