ـ أثْناء وخارج مَنْع التّجوالِ ـ
فأيْنَ تُفَكّرُ أنْ تذهَبَ
كَيْ تَتَنفّس كالبَشَرِ؟
مَمْنوعٌ أنْتَ
ـ كَغَيْرِكَ؟
كَمْ غَيْرُكَ مِثْلُكَ؟ ـ
حَسْبَ الأمْرِ(…)، بُعَيْد السّاعَة(…)، أوْ قَبْلَ الساعَة(…)
أنْ تَخْرُجَ منْ بيْتك ـ سجْنُكَ ـ !
مَمْنوعٌ أنْ تَتَحَدّى الشائعَ
ممنوعٌ ـ في هذي الساعة تحْسبُ ألْفَ حسابٍ ـ
أنْ تَخْرُجَ للشارِعِ
ماذا تَنْوي..
ماذا تَبغي..
تَخْشى الآنَ..
ـ هَل الخشْيَةُ هي ما يمْنَعُكَ ؟ ـ
أنْ تمشي في الشارِعِ
ـ الشارع حقّاً ليس الكورنيش. فأيْنَ ستمْشي؟ وإلى أيْن؟ـ
هلْ ثمّة في الأصْلِ شوارعُ.. في بَلَد تبدو في هذي الساعة قفراً
تَنْقُصُها البهْجَةُ
تَحْكُمُها العَتْمَةً
والسّنجَةُ
والسّحْنَةُ ـ منْ قالَ كَسِحْنَةِ أفْعى؟ ـ
في قُبَّعَةٍ خَضْراءَ
أو صَفْراءَ
تَتَمَتْرَسُ خَلْفَ البابِ
وَتَحْت الشَبّاك..
وتسدّ عليك الدربْ؟
هل تعرفُ ـ إنْ شئْتَ ـ إلى أيْنَ سَتَمْضي
في هذي الساعَةِ ـ مِنْ لَيْل الْقُدْسِ ـ
وَأَنْتَ مُحاصَرُ
ـ كالجُنْديّ الْمَخْذولِ ـ
بالأخوة أيضاً
لا بالأعْداءِ فحسبْ؟
ماذا تَبْغي أنْ تَصْنَعَ في الأثْناءْ؟
حدّ السّنْجَةِ ـ آهٍ لوْ تَدْري ـ
يُصْبِحُ ـ في قانون المسلوبِ المغلوبِ ـ
وحدّ الشّرْعِ سواءْ
كيْفَ يكونُ ـ وَهَلْ يُمْكِنُ ـ
تعايُشُكَ وقاتِلُكَ كَجارَيْنِ
صباحُكَ مِنْه ـ إذا عُدّ صَباحاً شرٌّ
وَمَساؤُكَ ـ أثْناءَ وخارِجَ مَنْع التّجوالِِ ـ بَلاءْ؟
ماذا إن تخرج للشارع وحدكَ والكلّ يشاهد فيلم السهرة، يَسْمَعُ أَغْنيّاتٍ في الحَبِّ تُذِلُّ، وتُطْلِعُ روحَكَ مِنْ شدّةٍ قهركَ، فيها كلمات تتشنّجُ كلُّ مفاصلُكَ لديْها،
والشّاشَةُ تَسْلِبُ مِنْهُمْ ما ظَلَّ مِنَ الْعُمُرِ
وَما ظَلَّ مِنَ الذهْنِ،
وَما ظَلَّ مِنَ الْحِسِّ؟
غَريبٌ جِدّاً أنْ يَنْظُرَ أيٌّ للشاشَةِ، يَنْتَظِرُ الْخَلَلَ الْلافنّيَّ ـ لِيُعْلِنَ عَنْ قَطْعٍ إجْباريٍّ في الْبَثِّ، لِتَرْكيبِ شَريطٍ آخَرَ يَتَحَدّثُ عَنْ شيءٍ آخَرَ يَعْرِضُ شَيْئاً آخَر، مارْشاتٌ في السّاحاتِ، تُخاصِرُ زِلْماً ـ تَعْرِفُهُمْ،
مَنْ لا يَعْرِفُهُمْ ؟
تَذْكُرُهُمْ؟
مَنْ يَنْسى ـ لَوْ يَقْدِرُ ـ في هذي الْحالِِ، وَلَوْ في الطّينِ الأسْوَدِ، مَنْ باعَ بَقيَّتَنا، كَخِرافٍ في الأسواقِ،
ومَنْ أسْلَمَنا كَسَبايا للأعْداءِ، ليَقْتُلَ فينا حُلُماً، أوْ يَقْتُلُنا الأعْداءُ؟ ـ .
غَريبٌ ما يَحْدُثُ في هذا الكَوْنِ، غريبٌ، والأغرَبُ أن نختلف على حكم يحكمُهُ ـ عالمكشوفِ ـ ويحكمنا فيه الغرباءُ!
وأنْتَ غَريبٌ في أهلكَ. وغَريبٌ أمْرُكَ. ماذا تبغي؟ ماذا تنوي؟ هل في حُلُمٍ يَقِظٍ، أَمْ في يَقْظَةِ حُلُمٍ أنْتَ؟
ومَنْ لا يَحْلُمُ، في السِرِّ وَفي الْعَلَنِ؟
ألا تَحْلُمُ أنْ يَحْدُثَ شَيءٌ آخَرَ يَقْلِبُ هذي الدُّنْيا في صفِّ الْجَوْعى والْفُقَراءِ،
وَتُصْبِحَ حُرّاً في الْخَلْقِ..
وَتَكْتُبَ تَرْسُمَ تُنْتِجَ لِلْكُلِّ، وَتُبْدِعَ ـ ما أجْمَلَ ما تُبْدِعُ يا إنْسانُ،
وَما أجْمَلَ ما تَفْعَلُ مِنْ أجْلِ الكُلِّ! ـ
مـــــــــا أجْمَــــــلَ أنْ تُصْبِــــــــحَ حُـــــــــــــرّاً،
لا تَحْكُمُكَ قَوانينُ الذُلِّ، وَلا أنْظِمَةُ الأجْرٍِ،
وما أجْمَلَ أنْ تَخْلُصَ مِنْ هذا السّجْنِ الْقَيْدِ
ومن هذا القَهْرٍِ
ما أجْمَلَ لكِـــــنْ…
يَذْهَبُ ما تَفْعَلُهُ ـ ثمَّةَ مَنْ قالَ ـ هُراء!
ماذا تَنْوي الآنَ، وَماذا تَبْغي؟
أغَريبٌ حَقّاً أنْتَ؟ وَغَريبٌ أمْرُكَ؟ أمْ ماذا؟
يُرْهِقُكَ الْجَهْلُ وَيُعْييكَ
وَيَقْعِدُكَ الصّبْرُ وَيُشْقيكَ
أغْمِضْ عَيْنَيْكَ وَنَمْ. لا تُغْمِضْ عَيناكَ وَقُمْ
الظُلْمُ أمامَك والظُلْمُ وَراءَكَ
وَبِلادٌ تَحْكُمُها ـ رغماً عنك ـ الْعَتْمَةُ
والسنْجَةُ
والسّحْنَةُ
في قُبَّعَةٍ خَضْراءَ
أوْ صَفْراءَ
فَماذا تَنْوي؟ ماذا تَبْغـي؟ مــا…… ذ……ا…….؟
ثمَّةَ مَنْ قالَ:” تَجوعُ الْحُرَّةُ…”!
ثمّ أضافَ: ” ولا..تَأكُلُ مِنْ ثَدْيَيْها!”
طَبْعاً
أحْسَنَ قَوْلاً
لكـــنْ…
منْ أيْنَ ستأكُلُ ـ لَو شاءَتْ ـ
إنْ عَضَّ الجوعُ علَيْها
أو أمْعَنَ في بَلْواها خائنْ
بائنْ؟
طوبى للحرّة ـ غنّى الحادي
طوبى.. يا أخْوَةُ للحرّةْ
فَلَقَدْ أفْقَدَها الجوعُ المصْروعُ..
إلى أنْ ماتَتْ..
ثَدْيَيْها!
وتساءلَ ـ حادي البلوى ـ والدّمعُ على خدّيهِ
كالجمرَةِ في كفّيهِ
أو كفّيها:
ذلٌّ هذا العيْشُ
ذلٌّ ذلٌّ ذلُّ
فلماذا لا….
تصرخ في الأوردة الثّوْرَةْ؟
القدسُ ـ إذا شئنا ـ حُرّة
والقدسُ ـ إذا شئنا ـ دُرّة
لكنّ القدسَ ـ إذا شئنا ـ …
هل قلتُ سبيّة؟
القدسُ القدسُ كفى
كم ظلّ من القُدس ِ
سوى …
هذا البؤس ِ
وأغنيّة(…)
وبقيّة
من سبَبٍ
عَجَبٍ
يدعوها عربيّة(!؟)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أوّل كتابة للقصيدة تمّت في 1976 وجرى تعديل عليها في 25 ديسمبر 2008 وآخر تعديل أدخل عليها تمّ حديثاً في 12 شباط 2010 إثر آخر زيارة لي إليها
خاص الكتابة