عن معرض الفنان سعيد ريان.. الماء المنساب من الذاكرة السعيدة

لوحة معرض الفنان سعيد ريان
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

خالد البقالي القاسمي

 الفنان سعيد ريان المسكون بفيض الفن الرائق، امتلأت أحاسيسه بكم من الأفكار المشبعة المتداخلة فأنتج عددا من اللوحات البهيجة، وعمل على تجميعها ضمن معرض فني برحاب المركز الثقافي إكليل ابتداء من يوم 03 مارس 2023 إلى يوم 31 مارس 2023، بمدينة تطوان بالمملكة المغربية، وعمل المسؤولون عن المركز الثقافي المشع على توطين هذه اللوحات الفنية ضمن مكان عرضها باحترافية على جنبات القاعة الكبرى بوسط المركز، بارزة للعيان، حيث يحس المهتم بمجرد دخوله إلى القاعة المواجهة تماما للباب الخارجي بأن اللوحات المثبتة بعناية على الجدران تغمره بمزيج من الألوان والمواضيع تجذب اهتمامه وتركيزه، وتلج به مباشرة إلى صميم المجال الفني الذي يشتغل به وعليه الفنان سعيد ريان، بحيث يمكن لكل زوار المعرض التماهي مع اللوحات الفنية والإحساس بأبعادها الثقافية وعمقها الحضاري، والوقوف على الروابط الإنسانية المضيئة التي تتقاطع فيها الاهتمامات والرغبات والاحتياجات التي تسكن الأفراد، وتتيح لهم تذوق الموضوعات الواردة والحاضرة في اللوحات الفنية التي تعكس الماضي والحاضر والمعيش اليومي المشترك والمتعدد.

 لقد أفلح الفنان سعيد ريان في إنتاج لوحات فنية جمالية تمتح من الجمالية الطبيعية المحضة وتحيل عليها، ويظل الجمال الفني واحدا من الواجهات الثقافية والحضارية التي تعمل على استثمار وتوظيف الجمال الطبيعي، وتبني عليه، وتنقله للمهتم والمتابع بشكل يجعله قاطرة لإرساء قواعد الذوق الفني الجمالي العام.

 يظهر للمتفحص في لوحات المعرض الفني بأن الفنان سعيد ريان يشتغل بهدوء، وروية، وبدون تكلف، وأنت تتابع اللوحات الواحدة بعد الأخرى ينتابك شعور أكيد بأن الفنان قام بنقل ما ترسخ في مشاعره وأحاسيسه، بحيث لا تحس بأن اللوحات تمت عملية إنتاجها تحت طائلة ضغط، أو تسرع، أو تصنع، بل إن تأملك لأية لوحة يعطيك الجواب السريع بأن اللوحة منتج طبيعي للجمال الذي ثبت في الذهن، واحتفت به المشاعر، وامتزج بالأحلام والتخييل فأصر على الخروج ولادة طبيعية ضمن لوحات فنية تحتوي على كثير من الصدق، والمتعة، والاحتفاء.

 الفنان سعيد ريان وهو مسكون حتى النخاع بالجمال الطبيعي يقوم بتخزين الصور الجمالية التي تتيحها العوالم المعيشة المدهشة، ويستدمج صورها المفرحة، ويقوم بوشمها في ذاكرته، ويحولها إلى معطيات عقلية راسخة، وإلى أفكار ناضجة، ومن ثمة يعمد إلى الاحتفاء بها عن طريق تحويلها إلى لوحات جمالية فنية، وهو بذلك يشتغل بكل صدق ووفاء حارسا أمينا على ذاكرة الجمال الطبيعي.

 معرض الفنان تستوقفك فيه جميع اللوحات المعروضة، حيث تحتوي اللوحات على منتج فني متنوع في تصوراته، ومتعدد في مواضيعه، ومنعش جدا في ثقافته البصرية التي تجعلك مشدودا إلى اللوحة التي تستطيع أن تتأملها وبصرك مركز عليها بكل راحة واستمتاع، ولذلك فإننا نستطيع أن نتابع معا بوعي وإدراك تامين بعض لوحات المعرض الفني عبر ترتيبها الرقمي:

  • رقصة:

 يعرض الفنان في هذه اللوحة رقصة رجالية، حيث يبدو في الواجهة رجل منغمس في الرقص وهو يضرب على الدف ووراءه صف من الراقصين الرجال، ويوحي الأمر بأن رجل الواجهة هو رئيس الفرقة الراقصة أو هو الشيخ المكلف بالطريقة الخاصة بالرقص، حيث هو الذي يوجه رجاله إلى أسلوب معين في الرقص يميز فرقته عن الفرق الأخرى، حيث يرقص الرجل / الرئيس وهو يضرب برجليه على الأرض معلنا بكل صخب وإصرار بأنه يقف فوق أرضه، ويطأها بقوة وتمكن، ولا يتيح ذلك لغيره حتى يؤكد ويدعم رئاسته وزعامته للمجموعة الراقصة، وكأنه يتحدث بعبارات مسموعة تثبت صدق وحقيقة القضية التي يرددها ضمن أهازيج الأغنية التي يرقص عليها ويراقص بها مجموعته الرجالية، إن الحركة الراقصة لهذا الشيخ تهدف إلى تحديد العلاقة التي تميز كلمات الأهازيج التي يرددها مع مجموعته بالمعاني والقيم الصادقة التي تسود المجال الذي يعايشه مع غيره، وهي علاقة ذات خواص قابلة للملاحظة والمعاينة داخل المجتمع، كما أنها تظل علاقة كمية وكيفية في نفس الآن، قابلة للإدراك بصيغة عقلية وملموسة، وهذا الأمر هو الذي سكن الفنان ودفعه لرسم هذه اللوحة التي يوظف فيها بعنايته ألوانا غامقة مكثفة مع نوع من الخليط والظلال.

  • طفل:

 تشير اللوحة إلى طفل يقف أو يمشي داخل نهر قروي أو بري، حركته توحي بالنشاطين معا الوقوف والسير، ويظهر لنا بأن الطفل انتهى لتوه من السباحة في النهر، تنعكس أشعة الشمس على صفحة الوادي حيث تنحدر المياه الصافية نحو الأسفل، ويبدو الطفل وكأنه يصعد ضد التيار المائي المنحدر ولكن بدون قوة أو عنف، هو ينحدر بهدوء ودعة، وكأنه ليس في عجلة من أمره، ما دام أنه يسير في مجراه الطبيعي، فهو لا يزعج أحدا، ولا يحتاج إلى القوة لإثبات سطوته وجبروته، ويتوفر على قابلية ملموسة لاحتضان من يرغب في التمرغ داخل مياهه العذبة، ولذلك فهو يبدو طيعا ومرتاحا، وغير متضايق من الطفل الذي يعبث في جنباته بكل مرح ومتعة، ونحس بوجود صمت مطبق يحيط باللوحة، هو صمت على الأقل لا يدفعنا لإجباره على الكلام والتعبير، أو يغرينا باستكشاف ضفافه وجنباته، لأن الحيز الذي حدده الفنان للوحة لا يتيح كامل الإمكانية للتنقيب حول النهر، ولذلك فإننا سوف نحترم هذا الشكل من التعبير الذي طوق به الفنان هذه اللوحة، ونعتبر أن تمظهرها يظل أسلوبا دلاليا لاشعوريا محضا خاصا بالفنان، حيث ربما يكون الأمر استنباتا خصبا لذاكرة سعيدة جاست طويلا خلال الأرجاء…

  • قرية:

 لوحة تبرز منظرا طبيعيا علويا لقرية تبدو بمنازلها البيضاء منغرسة فوق هضبة ناتئة، وأسفل الهضبة تتناثر بعض الحيوانات الأليفة وهي داخل نهر تستدعي بعض الرطوبة والبرودة أو تشرب، وحول الجنبات حقول تكسوها الخضرة مع ملاحظة بعض الأشجار التي توزعت هنا وهناك، صورة اللوحة تحمل لنا نوعا من الثراء العميق بخصوص موضوعها المرتبط بالطبيعة المحضة التي يظهر بأن الفنان يعشقها حد الفناء، إذ يتخذ منها موضوعا صريحا لفنه الجمالي المنقول رأسا من الطبيعة بوساطة فكرية وعقلية ونفسية وشعورية، ويفرض التخييل في هذا الإطار قواعده بكل جدارة، حيث تظل مسألة استحضار الجمال الطبيعي حيوية، أو بديلة للنقص في مجال الفن الجمالي، ولذلك فالأمر يدخل في مجال تعويض النقص عن طريق توفير المعنى، أو الخطاب الكافي والمناسب…

  • جلسة:

 يجلس طفل على ضفة نهر داخل المياه وهو بلباس السباحة، ويبدو في اللوحة وكأن الطفل قد مارس السباحة وأحس ببعض التعب فجلس داخل الماء يسترجع أنفاسه وجسمه مبلل بمياه النهر التي تجري خيوطا مبعثرة مشتتة فوق أجزاء جسده، وينتصب أمام الطفل وهو مغمور بمياه النهر في جلسته المؤقتة جبل مرتفع يتشكل من حجارة بنية، تمتزج في اللوحة ألوان مختلفة منها الأزرق والأخضر والبني الفاتح، لهذه الألوان حظ وفير في دفع المعنى للحديث والتعبير عن المكنون المستتر في الخلفية، حيث في واجهة اللوحة أو مفهوم الخارج هناك محض ضرورة مادية مجسدة في جسد طفل مغمور بالمياه، هي ربما دلالة صحيحة أو ترجمة صادقة للأشياء، ويظل مرورها نحو الداخل، نحو عمق النواة، في إطار احتفاظها بزمنها وتعددها المكاني كفيلا بإخراج المخبوء الذي استقر في العمق لكي يعلن عن جديته وجاذبيته…

  • شرفة:

 تصور اللوحة ولدا بلباس رياضي صيفي يتطلع من شرفة منزلية عليا إلى مقطع عبارة عن صورة بانورامية لبلدة ببيوت بيضاء جيرية، مع طريق متعرج يخترق البلدة، وفي أحد الجوانب يظهر البحر بمياهه الممتدة وألوانه المتداخلة، وتحيط بالجميع سلسلة من الجبال التي تطوق المكان في كليته. يقدم الفنان في هذه اللوحة أصنافا من المحتويات التي تعتبر أساسية وضرورية لإنتاج العناصر الطبيعية للحياة، وهذه المحتويات تشكل كل واحدة منها رؤية خاصة متميزة، بحيث بإمكان كل محتوى في اللوحة أن يكون فريدا في ذاته، ووحيدا في صنفه، ومستقلا بكيانه، ومميزا في نوعه، ولذلك فإن عملية المزج التي قام بها الفنان كانت بليغة في عناصر تعبيرها وتواصلها وإشراقها، وبواسطتها برز وعي الفنان بالطبيعة، وتعامله معها كإدراك جمالي بالغ النضج والاستواء…

  • استراحة:

 مجموعة من السفن الصغيرة ترسو وسط البحر داخل ميناء بحري صغير والطيور تحلق فوقها باحثة عن سمكة شاردة أو ملقاة على الهامش، وحول جنبات الميناء البحري تظهر هضبة راسية بكل عنفوان، إنها استراحة الصياد، ومرقد المراكب بعد تعب كبير خلال ليلة خلت في البحث عن غنيمة متنوعة من السمك الطري، مراكب الصيد البحرية تجثم داخل الميناء وهي في حالة انسجام وتناغم مع مياه البحر، رسوها فوق سطح الماء لا يوحي بتاتا بانفصالها عن أديم البحر، فقد نسجا تآلفا بليغا جعل منهما صنوان لا يستغني أحدهما عن الآخر، إن الانسجام بينهما يعطي لكل منهما على المستوى الفردي فرصة إثبات الوجود التاريخي الذي يقدم المكان الذي يشغلانه باستمرار كمكون ضروري ثقافيا وجماليا، أما على المستوى الجماعي فإن الانسجام بين موضوعة البحر وموضوعة مراكب الصيد يتحدد بالتأكيد عبر المجموعة الاجتماعية التي تشتغل بهما ومعهما في نفس الآن، وهذه المجموعة هي التي تشكل المرجع الأصلي للعلاقة التي تم نسجها طويلا بين البحر والمراكب، إن الحركية التي تصاحب عملية التشغيل من طرف المجموعة هي التي تحيلنا على عمق الإبداع والجمالية من خلال الحركة الساحرة التي تنتجها سفن أو مراكب الصيد وهي تتهادى فوق أديم البحر الذي يحتفي بتلك الحركة ويحتضنها بشوق، ثم يوسع لها، ويتيح لها إمكانية المرور والعبور بكل رغبة ونشوة…

  • حصان:

 صورة اللوحة تقدم لنا بكل افتخار واعتزاز حصانا مطهما بنظرات صافية وحية، إنه فرس بلون بني متوهج يقف بشموخ وثقة وسط حقل، لا ينظر الحصان إلى أحد، ولا تدل نظراته الثابتة بأنه ينتظر أحدا، فقط هو وحيد في حيز جماله البديع، كأنه يخبرنا بأنه يكتفي تماما بوجوده، كما يخبرنا بأنه مقتنع بهذا الوجود الذي يعيشه ويحياه، وليس له حاجة إلى من يستكمل له كيانه، ولذلك يخبرنا بصيغة ما غالبا هي خفية وغير مجسدة لماهية معينة بأنه يعرف جيدا مجموع ما قيل عنه وحوله في أمكنة وأزمنة مختلفة، ولهذا هو دائما يظهر سموا عاليا في كبريائه، وهذا المجموع الذي قيل عنه وحوله رغم تشتته وانتشاره في الزمن والمكان فهو يشكل مجموعا واحدا، لأنه يصب بصيغة أو بأخرى، وبدرجة أو بأخرى في نفس الاتجاه، ونفس الذات، ثم إن ما قيل عنه وحوله هو تقريبا متشابه وقريب في معناه من بعضه البعض، بحيث لا يمكن أن نجد عبارات مختلفة أو متنافرة في القول الذي قيل عنه من طرف مجموع متعدد، لأن الجمالية التي يضفيها على ذاته وعلى المكان تتفوق كثيرا على القيل الذي قيل عنه، ومن هنا نفهم السبب في ضآلة العبارات وقصورها الدلالي أمام تجلي الجمالية في معينها الأصلي…

  • انتظار:

 حصانان يجران عربة تقف وسط بلدة صغيرة داخل فضاء أحد الأسواق على امتداد شارع متوسط في سعته، بين جانبي الشارع توجد بعض البيوت، وفي الخلفية مئذنة مسجد، وأشجار خضراء، وبعض الأفراد الموزعين على زوايا الشارع، الذي يمكن أن نستفيده من اللوحة هو أننا نوجد داخل سوق أسبوعي، وغالبا إن العربة تنتظر بالحصانين وصول بعض الركاب من المتسوقين أو غيرهم من أجل حملهم وحمل حاجياتهم من التسوق، خلف الحصانين المربوطين إلى العربة يعلو قليلا مقعد يجلس عليه صاحب العربة، أو الحوذي الخاص بها، عندما نتأمل في المشهد نستنتج أن البعد الجمالي تمت عملية نسجه وفق الرؤية الشمولية للعربة وهي تثبت حضورها الوجودي ضمن مكونات وعناصر الصورة ككل، جمالية العربة بالحصانين لا تثبت بدقة إلا ضمن الرؤية الكاملة للمشهد، حتما سوف تهوي هذه الجمالية وتنهار إذا عمدنا إلى عزل العربة عن المشهد العام الذي وجدت فيه مثبتة ومنغرسة، استقلال العربة بذاتها داخل صورتها ومشهدها يهدد جمالها بالتلاشي والاندثار، ولذلك فإن العربة مدينة ليس فقط بجماليتها بل حتى بوجودها للمشهد العام الذي وجدت نفسها داخله وضمنه دون أن تخطط لذلك بتاتا، أنطولوجيا العربة عبارة عن نموذج تفسيري أساسي لفهم سوسيولوجيا الحركة عبر الذهاب والإياب لدى جماعة السوق…

  • شاطئ:

 صورة لشاطئ بحري برمال ذهبية، مع ماء بحري نراه بلون أزرق، يوجد بالشاطئ قليل من المصطافين، وفي أعلى اللوحة صورة مسجد أو ضريح بقبة بارزة ممتدة إلى الأعلى، ونشاهد بعض البيوت المتناثرة والموزعة على الجوانب، موضوعة البحر تستهوي كثيرا الفنان المبدع سعيد ريان، فهو يوليها الاهتمام الكبير ويؤرخ لها ضمن كثير من اللوحات، ويعيد الكرة في كل مكان حتى نوشك أن نصل إلى حقيقة قناعة راسخة بأن البحر هو الموضوع المفضل لدى الفنان، وهو يقوم في كل لوحة فنية باستعادته ضمن محطات متنوعة، وتجارب متعددة، وتمظهرات مختلفة، يظهر في كل مرة أن الفنان يبدع لوحة عن البحر في علاقاته مع كثير من العناصر لكي يجد ذريعة مناسبة تقربه منه أكثر لكي يشفي غليل شوقه إليه، ولكي يستطيع التقاط أكثر العلامات الدالة على الأسرار الكامنة في عمقه الذي لا ينضب ولا ينقص شيئا، ثم ربما تستطيع هذه العلامات الدالة أن تفسح المجال مناسبا لظهور معرفة خاصة بموضوعة البحر، كما يمكن أن تشكل فضاء مناسبا لذات الفنان لكي تتحدث عن مواضيع اهتمامها، وأسباب عشقها لغموض البحر وجبروته…

 – تحية:

 لوحة فنية تقدم لنا صورة داخل زقاق ضيق للمدينة القديمة، وبالضبط تحت قوس واسع برحابة ملحوظة، تؤرخ لوقوف سيدتين تلبسان ثيابا بالغة الحشمة، تقليدية، طويلة، تغطي كامل الجسد، مع لثام أنيق مزركش بألوان زاهية، تقفان لتبادل التحية وهما تتبادلان الحديث، وتثير هذه اللوحة كثيرا من الفضول وحب الاستطلاع والرغبة في فهم الأشياء، خصوصا في الزمن الحاضر، فهي بالضبط ليست صورة سينمائية، وليست سلوكا افتراضيا، حيث إن طبيعة الصورة توحي بأنها عادية، وتحمل في عمقها الجمالي معالم فترة عرفت قيما أخرى فيها كثير من الأصالة والمحافظة، ولذلك كانت هذه الصورة من جملة مخزون الذاكرة السعيدة للفنان المبدع، وعملية تضمينها ضمن لوحات المعرض مسار طبيعي لما يتذكره الفنان ويعتبره من التحف الفنية التي تعج بها الذاكرة الفردية وهي تعلن رغبتها العارمة في الانفلات من عقالها الفكري لكي تتحول إلى تجسيد جمالي بارز ضمن لوحات المعرض الأنيق…

 معرض الفنان سعيد ريان مبلل بالماء، لا أدري بالضبط كيف أثبت الأمر وأجسد حقيقته، ولكن الذي يستثيرني هو أن الماء ينهمر فوق أديم جميع لوحات المعرض، والأمر يعود إلى الولع الشديد الذي يوليه الفنان للماء، فهو بصيغة أو بأخرى مدين بالكثير للماء في الوصول بمعرضه أو معارضه الفنية إلى حلتها أو حللها النهائية المقدمة للمعجبين والمهتمين بالفن الجمالي، ولذلك فإن المعرض يوحي للمهتمين والمتخصصين بأن هناك عدة مستويات تنبثق من بين مكونات لوحاته، إذ نستشف منطوقا افتراضيا من العبارات الدالة وهي تسري بين الأعمال، كما نقف على تعدد وتنوع في الموضوعات المعروضة، إذ جميعها عبارة عن منتج فريد لما اختزنته الذاكرة ثم اعتصرته فنا حقيقيا، وطبعا هناك الأسلوب الذي نلاحظ بدقة بأنه بارز وواضح من خلال اللمسات والحركات والأبعاد التي تميز ضربات فرشاة الفنان…

………………………..

*** عناوين اللوحات المثبتة في نص المقال من اقتراحي.

مقالات من نفس القسم