علاء خالد موثق الجمال في مجلة ” أمكنة “

علاء خالد موثق الجمال في مجلة " أمكنة "
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سمير الفيل

من الندوات الثقافية التي لا تنسى تلك الندوة التي عقدت مساء الجمعة الماضي الموافق الثاني من نوفمبر 2007 ، بصالون التوارجي الثقافي بمدينة دمياط الجديدة ، والتي حضرها اثنان من مؤسسي مجــــلة " أمكنة " التي تصدر من الأسكندرية لكنها ذائعة الصيت عربيا وعالميا. ضيوف الصالون هما الكاتب علاء خالد والفنانة المصورة سلوى رشاد .

عن تجربة إصدار المجلة سنتوقف أمام محطات أساسية في تلك الرحلة التي امتدت منذ عام 1999 بصدور العدد الأول ، والتي أخرجت عددها الثامن منذ أيام. يقول علاء خالد متذكرا بدايات التجربة ، وفلسفة البحث عن قيمة ما للخروج من حالة الإحباط التي عاناها شباب هذا الجيل :

سمير الفيل

من الندوات الثقافية التي لا تنسى تلك الندوة التي عقدت مساء الجمعة الماضي الموافق الثاني من نوفمبر 2007 ، بصالون التوارجي الثقافي بمدينة دمياط الجديدة ، والتي حضرها اثنان من مؤسسي مجــــلة ” أمكنة ” التي تصدر من الأسكندرية لكنها ذائعة الصيت عربيا وعالميا. ضيوف الصالون هما الكاتب علاء خالد والفنانة المصورة سلوى رشاد .

عن تجربة إصدار المجلة سنتوقف أمام محطات أساسية في تلك الرحلة التي امتدت منذ عام 1999 بصدور العدد الأول ، والتي أخرجت عددها الثامن منذ أيام. يقول علاء خالد متذكرا بدايات التجربة ، وفلسفة البحث عن قيمة ما للخروج من حالة الإحباط التي عاناها شباب هذا الجيل :

ـ تقوم فكرة المجلة على الخروح من عزلة المثقف والتعرف على حيوات أناس مختلفي التوجهات والمشارب ، والبحث عن نوع من التواصل معهم . منذ عام 1990 وأنا ابحث عن تجربة مختلفة تثري الواقع الثقافي ولا تدخل تحت قائمة النمطية . بعد سنة 1994 شعرت أن صوت الكتابة قد خفت ، وأن الواقع يتغير بصورة متسارعة ، . قد تكون المشكلة في أن الكاتب غارق في النوع الأدبي الذي يكتبه ، أو أن المجتمع له إيقاع متسارع يجعلك خارج الزمن .

ـ كان هناك نوع من البحث عن شكل من الكتابة يقترب من هذا الواقع أو بتصور أقرب للصحة يقتحمه . الشعر نوع من اللغة يحتاج إلى وسائط ليمكنك من فك الشفرة . حوالي أربع سنوات ونحن نبحث عن مشروع يناسب تصوراتنا المبدئية . بدأنا من الأسكندرية وإن كانت المناقشات قد اتسعت لتشمل أصدقاء لنا في القاهرة ( المؤسسون هم : علاء خالد ، مهاب نصر ، سلوى رشاد ) .

ـ وجدنا أن هناك فكرة نقد الثقافة العربية عند حسن حنفي أو عابد الجابري ، وغيرهما . كل هذه جهود تنويرية لها اجتهاداتها ، لكننا كنا بصدد التعامل مع الواقع فلا يمكنك أن تغفل ما يجري حولك من تحولات ، وتبص على الحياة فتجدها تكتب نصها الذي قد تكون بعيدا عنه . دخلنا للفكرة من ناحية النص ، وكانت هناك قراءات لمجلات رائدة مثل ” الكرمل ” و” مواقف ” ، كانت لدينا نصوص فيها خصوصية لا تجدها في فضاءات أخرى. وجدنا ان تحرك النصوص يكون غالبا في إطار شعري أكثر من أي شيء آخر. لكننا نطمح بالفعل إلى أن يتسع الإطار ليمنح مصداقية التنوع للنص وللحياة معا.

ـ حاولنا أن نعثر على فكرة ” الحياة ” التي دخلت النصوص الأدبية في الستينيات ولم تخرج منها . جيل وراء جيل ينسج على منوال يصور الحياة لكنه لا يدخل في اشتباك جاد معها. أعتقد أنك حين ترجع للمادة الخام للنص ستجده موارا بالحياة لكن النص الكتابي نفسه لا يمنحك الشعور بالحيوية والتجدد. لابد ان تفتش عن مرجعية للواقع .

ـ أتذكر أننا مع أول عدد صدر في سنة 1999 عملنا حوارات في السوق الفرنساوي ، وهو عبارة عن سوق في حي المنشية ، وفيه ترسيخ لفكرة الكوازمبيتولي : ناس ، وعمارة ، ونمط تعامل. هي منطقة ضربت بمدافع الإنجليز أيام عرابي سنة 1882 ، وتحولت الأنقاض إلى سوق يؤمه ويديره أجانب من جنسيات مختلفة : طليان ، فرنسيون ، يونانيون ، ألمان ، ألخ . سوق حيوي ظل الأجانب فيه يقودون عجلة التجارة حتى حدث التأميم 1961 ، وبدأ الأجانب في الخروج والهجرة . فكرة الناس عنهم على غير الشائع : إنهم طيبون فهم لا يهضمون حق من يعمل معهم.

ـ بدأنا من هذا المكان طرح الأسئلة ، والتقينا بنماذج مختلفة مثل بائع الخضار ، والسماك ، والشيال ، وغيرها من مهن لأناس تعدوا الستين بل والسبعين بحيث يكونوا قد عاصروا فترة التسليم والتسلم . كنانجري الحوارات وسلوى تصور فوتوغرافيا.

ـ كل فرد عنده حكاية . وكل حكاية لها طريقة في التناول . أكتشفنا أن هذه الحكايات تلهج بالصدق والوضوح وفيها متعة التنوع والدهشة . أعتقد ان هذا أدب ، حيث توجد لحظات احتكاك قوية بالواقع . أطلقنا على هذا الموضوع ” حكايات من السوق الفرنساوي” . كان الحوار بالعامية ، واعتقدنا أن اللغة هنا صعبة لكنها ضرورية حيث لا فرق بين ما يقال وما يدون.

ـ الحوارات بدأت تقدم مادة نعمل على تحريرها دون وجود مسافة بين المنطوق والمدون. بالطبع هناك تدخل فني ومونتاج لكننا لم نضف حرفا ولم نتدخل في المادة بالتحوير أو التعديل. . منذ هذا العدد بدأت فكرة الحوار مع الناس وربط ذلك بالصورة الفوتوغرافية تشكل مرجعية للمجلة . الحوار المباشر جعل الناس داخل المجلة وليس على هامشها.

ـ المسألة التي توصلنا إليها هي أن سيرة الناس أو الحكاية شكل غير “يائس” من الحياة .

ـ الحكاية تعني شيء ممتد وله قابلية التداول ، الحكاية تصنع شيئا آخر أنها تفرد مساحة للمعلومة. كنت كفرد قبل هذا المشروع يائس تماما من المدينة ، مع الخروج للناس والتحاور معه في أمكنة مختلفة استعدنا الثقة بالمستقبل .

ـ كان هناك نوع من مراجعة الذات ، ومن محاولة المواجهة مع الذات ، مع سماع الصوت ” الآخر” .

ـ التنوع والغنى في السفر والاحتكاك مع عوالم أخرى ، فهي حيوات مختلفة منحتنا الأمل في وجود مساحة للحلم والتجاوز لما هو كائن .لقد منحتنا التجربة شيئا من الإحساس بالحياة ، وكذلك تفهم لما يريده الآخر .

ـ في العدد الثاني حدث أن ذهبنا إلى ” مارجرجس ” والتقينا بمجموعة كبيرة من الأقباط في مصر القديمة. استمر عملنا معهم حوالي ثلاثة أسابيع وكانت أسئلتنا عن كيفية رؤيتهم للحياة وهم ملاصقون للمقابر أو داخلها حقيقة لا مجازا.

ـ هذاجزء من العلاقات الجوهرية مع الناس . حدثت حوارت أخرى عن علاقة هؤلاء الناس بالموت وأحسست أن هذه المجموعة من اللقاءات تقدم أصدق الكلام عند الناس.

ـ تنحاز الكتابات في ” الأمكنة ” لفكرة المقال الأدبي ، هذا اللون من الكتابة الذي كاد أن يختفي بعد أن بلغ الذروة عند كتاب كبار مثل محمد التابعي وعبدالعزيز البشري وأحمد الصاوي محمد ، وغيرهم. مقالات تتراوح بين 2ـ5 صفحة . تضم المقالة شحنة إنسانية . المجلة تشتغل على هذا الشكل من الكتابة . وقد راعت مسألة التنوع الموجود في ثقافتنا ، فهي تذهب للريف والصحراء ، وتطل على الصعيد وبحري ، وهكذا.

ـ ما يهمني أن ألمس الأفكار المتنوعة ، ولا أخشى من مسالة الاختلافات أو التعارض لأن هذا مبثوث في الحياة. فمثلا في مرة ذهبنا للنوبة واستمعنا لمجموعة أغنيات تقال في الأفراح ، وطلبنا أن يتم ترجمتها للعربية ، وقد حدث ذلك وشعرنا أن هناك فارق بين سماع النص بلغته وبين نص أدبي تم نقله.

ـ الفكرة الأنثربولوجية يمكنها أن تكون مدخلا جيدا لقراءة الواقع ، وما يكملها هو الفوتوغرافيا التي تقوم بقراءة بصرية موازية .

ـ في صحفنا ومجلاتنا وجدنا أن الصور المرفقة للموضوعات تميل للجمود والنقل الخبري ، أحسسنا أن الحوارات والمقالات تزداد ثراء بالصور الحية المشحونة بالجمال .

ـ كل المحاور التي أخرجناها في الأعداد الثمانية كانت مجرد فكرة ” صغيرة ” وتنامت بالحوار والجدل الخلاق . الكتابة لابد أن تكون معيشة ، وصادرة من مكان الحدث ذاته.

ـ التاريخ يمر عبر مسارات محددة ونحن معنيون بتتبع هذه المسارات حتى لا يتيبس ويأخذ شكلا واحدا .

ـ التاريخ الشفاهي مهم جدا ففيه صدق وحرارة وعفوية ، وهذا يعطينا مفهوما لمسألة المرونة في تقصي مصادر المعرفة.

ـ في الأعداد التي صدرت خصصنا العدد الأول للأسكندرية ، الثاني للصحراء ، والثالث للمدينة ، الرابع للفلاح ، الخامس للبطل ، السادس للمسارات ، السابع للحدود ، والثامن للخيال.

ـ في موضوع ” الخيال ” كان من الصعب أن تمسك بهذا المعنى بشكل مباشر ، لكننا لجانا مثلا لصالات السينما وطرحنا سؤالا عن العلاقة الشخصية التي يمكن أن تنشأ بين الشخص وبين صالات العرض . ماهي المشاعر التي تواجهك وأنت تدخل صالة معتمة؟ ونفس الشيء طرحناه على من يعملون في التصوير ؛ فسألناهم عن مشاعرهم عند تحميض شريط فيلم . هناك لحظة خلق رمزية . الفكرة شبحية لكنها حين تدخل معمل الفن تعطيك نتائج مبهرة.

ـ الأعداد كانت ومازالت تطبع بالجهود الشخصية ، ورفضنا فكرة التمويل من مؤسات أو جهات قد تفقدنا حرية التفاعل مع هذا الواقع .

ـ تطبع المجلة 1000 نسخة ، وفي أول اربعة أعداد تعثرنا بعض الشيء لكن حدث بعد ذلك أن تنبه الناس لقيمة ما نقوم به من جهد .

ـ المجلة أحدثت مجتمعا مفتوحا ، وهذا أعاد للكثيرين الأمل في التغيير للأفضل. رغم أن المجتمع بدأ يهوي إلا أن ثمة سياقات ـ ننحاز إليها ـ مصرة على أن تنزع للتفاؤل . أريد أن أبحث عن نقطة ضوء داخل هذا السواد ، وأظن أن هذه واحدة من تصوراتنا حول دور المجلة.

ـ لي صديق يعيش منذ سنوات في ألمانيا ، اسمه هيثم ، وقد قال لي مرة : ” هذا وطن بديل” وقد توقفت أمام العبارة ، وتأملتها ووجدت أن المجلة بهذا النهج الذي أوضحته تعني الشيء الكثير بالنسبة لجيل كامل من الشباب.

ـ في العدد الأخير ( الثامن ) ازداد عدد المشاركين بصورة كبيرة. فهناك مشاركات من 37 كاتبا ، و15 مصورا ، وهذا أعطى مصداقية لفكرة التنوع.

ـ ما يحدث مع بداية كل عدد أنه يحدث نقاش ، وكل مشارك يختار الزاوية التي يكتب منها . المهم أن يحدث تعاون مع مجمل المواد المنشورة وتطرح سياقا فنيا وفكريا.

ـ لابد ان يشعر القارئ بمتعة من نوع ما ، وهذا ما حدث مع توالي الأعداد حيث صار لنا قارئنا الذي يبحث عن هذه المجلة بالذات . التجربة الشخصية مهمة جدا في الكتابة فنحن لا نقبل على الكتابة النظرية ومن داخل المكتب .

ـ نوزع حاليا من الألف نسخة من 800 إلى 850 نسخة ، وسعر العدد 25 جنيها مصريا. وهناك قاريء مفترض يتواصل مع المجلة قد لا نعرفه شخصيا لكننا نشعر باهتمامه من خلال عملية التوزيع التي تبلغ 6 مراكز توزيع بالقاهرة ، و3 بالإسكندرية.

……………………….

فوتوغرافيا سلوى رشاد

الفنانة سلوى رشاد ولدت بالاسكندرية. تخرجت في كلية الفنون الجميلة قسم التصوير عام 1986 ، وشاركت في عدة معارض جماعية بعد التخرج ، وفي 1993 قامت بترجمة رسائل للشاعر ريللكه التي أرسلها لزوجته يتحدث فيها عن الفنان سيزان ، وفي 1995 أقامت معرضها الخاص بالمركز الثقافي الاسباني وكانت الخامة هي تصوير زيتي . أقدمت على ترجمة عدة كتابات وأشعار من الانجليزية لشعراء منهم : جيتانجالي . نيرودا تينا مودوتي ، وقد نشرت ترجماتها في عدة مجلات مصرية وعربية. شاركت علاء خالد في إخراج وتحرير مجلة أمكنة . وفي 2002 نشرت مجلة ‘المدينة’ الباكستانية ملفا خاصا لصورها الفوتوغرافية. تحدثت سلوى رشاد عن تجربتها مع مجلة ” أمكنة “، فقالت بصوتها الهادئ، الواثق :

ـ بالطبع أغلبكم يعرف أنني فنانة تشكيلية بالأساس ، وقد شاركت في هذه التجربة عن اقتناع تام ، وكنت أحاول أن تكون الفوتوغرافيا جزءا من الموضوع ، فهناك ارتباط قوي بين الكلام والصورة.

ـ هو شق توثيقي لكنه لا يسقط فكرة الجمال عن الصورة بل يشحنها بمعان متواشجة.

ـ هذا نوع من التصوير تكون فيه الصورة مكملة وموضحة وتضيف للمادة المكتوبة ، وهذا لا يمنع من وجود نوع آخر من الفوتوغرافيا التي تبحث في موضوعات مفتوحة كالحرية والانطلاق والتوثب . في النهاية كل الصور يمكنها أن تركز على الشق الجمالي ، وسوف نلاحظ أن كل عدد تكون صوره لها خط جمالي ، و نسق ممتد.

ـ في بداية رحلتي مع التصوير خاصة في تصوير الشوارع كانت المسألة صعبة ويحدث نوع من الارتباك ، بالتدريب والممارسة خف هذا الشعور.

ـ لفترة طويلة انقطعت عن الرسم ، وركزت في عالم الصورة ، وحاولت نقل الشحنة الجمالية الموجودة مع اللوحة إلى فضاء الصورة. لم اشعر بالانقطاع فهناك نوع من التراسل بين الفنون . لم أتعامل منذ فترة مع الفرشاة والألوان والملمس الخشن لسطح اللوحة لكن هذا لا يشعرني بالقلق لأنني أعتقد أن تجربتي مع الفوتوغرافيا قد حققت لي نوع من الإشباع.

ـ أقمت مؤخرا معرض للفن الفوتوغرافي بقاعة ” مشربية ” وهو من المعارض التي لاقت إقبالا من الزوار. كان مسمى هذا المعرض ” العابر” ، وقد استعنت أحيانا بصور تم بثها في المجلة بعد غعادة معالجة فنية لها ، لكن هناك صور أخرى خارج هذا السياق.

ـ في المرة الأخيرة أوجدت صلة بين الفوتوغرافيا وبين فن الرسم ، واضطررت للعمل على جهاز الكمبيوتر لساعات من منطق أن في العمل الفوتوغرافي إعادة لرؤية تشكيلية من زاوية ما.

ـ في مرة عملنا ورشة عمل بالأسكندرية استمرت حوالي عام ونصف وقد انتجت خلال هذه الورشة حوالي 2000 صورة وكان هناك ارتباط بين الأسكندرية ومرسيليا . وهي تجربة ثرية جدا بالإنجاز .

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم