عبد النبي: يجب أن نختطف النوع الروائي ونذهب به إلى أقاليم جديدة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 41
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

حاوره: شريف صالح

لا يحب الروائي محمد عبد النبي إطلاق الأحكام العامة، والكبرى على الكتابة. هو فقط يحب الكتابة، لذا لا يستطيع أن يقول إلى أين ستصل كتابة جيله، لكنه في نفس الوقت يأمل ويحلم بالوصول إلى أقاليم جديدة. عبد النبي الذي وصل إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر.. هنا حوار معه.

  • حاوره: شريف صالح

    لا يحب الروائي محمد عبد النبي إطلاق الأحكام العامة، والكبرى على الكتابة. هو فقط يحب الكتابة، لذا لا يستطيع أن يقول إلى أين ستصل كتابة جيله، لكنه في نفس الوقت يأمل ويحلم بالوصول إلى أقاليم جديدة. عبد النبي الذي وصل إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر.. هنا حوار معه.

  • هل توقعت الترشح للبوكر؟
  • الحقيقة لا، تمنيت ذلك ولكني كنتُ أدرك مدى صعوبة المنافسة مع أفضل الروايات من العالم العربي كله.
  • ماذا يعني لك أن ترشح من أول أو ثاني رواية إلى جائزة مرموقة إلى جانب روائيين مخضرمين؟
  • شيء يدفع للخوف، ببساطة، صحيح أنه إشارة تشجيع ودفعة للأمام ولكن بورخيس قال في إحدى قصائده ما معناه إن ضوء الشهرة يفضح أدق العيوب، وأنا أدرى الناس بعيوب روايتي غير الهينة….لم أقرأ الروايات التي مع روايتي في القائمة القصيرة، ولكن إذا اعتمدنا الأسماء وحدها أدركنا ببساطة مشوار الكتابة الطويل الذي قطعته معظم هذه الأسماء…
  • البعض يرى أن كتابة الرواية تتطلب نضجاً وخبرات معينة، ليس من السهل أن تتوفر لكاتب شاب في بداية حياته الأدبية.. إلى أي حد تتفق مع ذلك؟
  • لا أستطيع أن أتفق مع هذا الرأي بنسبة 100 %، ربما لأن كل عمل روائي جيد يحمل شروطه الخاصة، ومن بين هذه الشروط درجة اعتماده على التجارب والخبرات الحياتية، ربما يكون كاتب كبير في السن قليل التجربة يستطيع أن يصنع من الفتات القليل الذي تقدمه له حياته أشياء أسطورية مذهلة، ومن ناحية أخرى قد يكون الكاتب صغير السن وعاش من التجارب ما يملأ جعبته بالمشاعر والناس والأفكار، فيطرحها كيفما اتفق على الورق. العبرة في النهاية بالنسبة لي بالمنتج النهائي بصرف النظر عن سن كاتبه.
  • كم من الوقت استغرقت كتابتك للرواية؟ وهل تتطلب منك أجواء أو استعدادات بعينها؟
  • أكثر من ثلاثة أعوام على التقريب، ولكن المشروع كان قديماً وكانت مسوداته مركونة إلى جانب مسودات أخرى كثيرة، وأدركت إن علي الانتهاء من أحد هذه المشاريع قبل أن أفقد كل أما في إنهاء مشروع رواية على بعضها J – الأجواء الوحيدة المطلوبة بالنسبة لي هو امتلاك الوقت اللازم للكتابة، في ظل ظروف أكل العيش ومتطلبات الحياة التي لا ترحم، امتلاك الوقت أهم بالنسبة لي من امتلاك أي شيء آخر. لا توجد استعدادات خاصة بالكتابة، يكفي أن يصحو الإنسان مبكراً ويضع مسافة بينه وبين هموم الحياة – العامة والخاصة – ويتفرغ لأوهامه على الورق ولو لبعض الوقت.
  • ومن من الكتاب والروائيين الذي أثر في كتابتك للرواية؟
  • الكتاب الذين أثروا فيّ عموما كثيرين، أمّا في هذه الرواية تحديداً فلا أستطيع أن أجزم باسم معين، ناهيك عن الأسماء الواردة صراحة بين سطور الرواية، نجيب محفوظ مثلاً بثلاثيته حاضر في الرواية، لكنه ليس سلفاً مباشراً لهذه الكتابة التي تعتمد بالأساس اللعب والتجريب وفضح آليات الكتابة نفسها. أحب بول أوستر كثيرا وهو حاضر بالاسم في الرواية ولكنه يلعب في منطقة بعيدة عن عالم هذه الرواية أيضاً. بورخيس طبعاً حاضر كأيقونة لازمنية، كصانع للمتاهات، التي حاولت روايتي أن تشبه واحدة منها، وأتمنى أن تكون قد نجحت ولو إلى حدٍ ما.
  • أيهم يشغلك أكثر في كتابة الرواية: التجريب والتقنية أم العاطفة الصادقة أم تفاعل جمهور القراء؟
  • الممثل الجيد يستطيع أن يوهمنا بصدق عاطفته، وكم من نصوص يكتبها شباب مبتدئون تضج بالعاطفة الصادقة دون أن تحملنا على التعاطف معها. تفاعل الجمهور أساسي، لكنه معضلة فأي جمهور؟ ومن أي شريحة أو اتجاه؟ الجمهور شخصية افتراضية أحب أن أسميها القارئ الضمني، إنه قارئ يعيش بداخلي، قارئ متعوي لا يرضى بالقليل، وهو يقرأني أولاً بأول – تقريبا في لحظة الكتابة نفسها – وإرضاؤه مهمة تصير أصعب فأصعب مع الوقت. يبقى التجريب وبدون يتسرب الملل إلى عملية الكتابة لتصبح إعادة إنتاج آلية لما نستهلكه طوال الوقت، التقنية واللعب ليسا هدفاً في حد ذاته، بقدر ما هما أقرب إلى محفزات تنشط اللعبة وتجعلني أكثر استعداداً لممارستها لوقت أطول. لكن هذا لا يمنعني بالمرة من الكتابة بأكثر الطرق تقليدية وأمناً في بعض الأحيان إذا كان هذا ما يرتاح له النص الجديد تحت يدي، فليس هناك خطوط حمراء وحتى التجريب ليس سلطاناً مقدساً على النص.
  • تعتقد أن هذا الترشح سيقيدك نوعاً ما عندما تكتب رواية جديدة؟
  • هذا تخوّف قائم، لكنني تدربت على النسيان مع الوقت. أن تجلس لتكتب هو أن تجلس لتنسى ضمنيا، تنسى ما قيل عن كتابتك السابقة سلبا أو إيجابا، تنسى الجوائز والقراء والناشرين وتندمج في اللعبة تماماً، بقدر ما تنسى بقدر ما تتحرر وتكتشف وتغامر وتجد… عندي الآن مشاريع روائية، مكتوب فيها بعض المسودات والأوراق، بعضها عاقل وبعضها مجنون تماماً، أتمنى ألا ينتصر العقل في النهاية، هذا كل ما أستطيعه الآن.
  • هل تميل إلى التنويع في كتاباتك أم تكتفي بالرواية كشكل وحيد للتعبير؟
  • أنا ابن القصة القصيرة، وواحد من عشاقها، وأضع حاليا اللمسات الأخيرة على مجموعة قصصية جديدة بعنوان: كما يذهب السيل بقريةٍ نائمة. وأرى فيها النوع الأدبي الذي يتيح لي أكبر قدر ممكن من حرية اللعب والاكتشاف والمغامرة، الاكتفاء بالرواية لن يكون أبدا فكرتي عن الكتابة الأدبية.
  • برأيك ما هي أبرز الأسماء الروائية في الساحة العربية الآن؟
  • الأسماء عديدة، ولا أظن أن هناك من يحيط بالمشهد العربي بكامله – مهما حاول – حتى يستطيع أن يحدد قائمة من خمس أو ست أسماء لذلك لا يبقى غير الاجتهاد في الاطلاع ثم الذائقة الخاصة التي لا يمكن تجاوزها وادعاء حيادية مستحيلة، أنا أحب روايات حسن داود وهو من أرق وأنعم كتّاب العالم العربي حالياً، وقرأت مؤخرا جبور الديويهي وكان اكشتافا رائعاً، ربيع جابر مسلي ومشوّق ومجتهد بدرجة تثير الحسد، أحب من مصر مصطفى ذكري ويوسف رخا ومحمد ربيع والطاهر شرقاوي، وهناك كثيرين غيرهم كل منهم له مذاقه الخاص ومساحته الخاصة…
  • إلى أي مدى أفادت البوكر في الترويج للرواية العربية؟
  • من أهم حسنات البوكر في ظني هو أنها أعطتنا فرصة التعرّف على أسماء من العالم العربي كله ما كنا لنعرفها بدونها، وساهمت في تنشيط حركة توزيع الرواية العربية على مساحة العالم العربي كله …. هل جاء هذا على حساب القصة القصيرة والشعر؟ ربما…
  • هل لديك ككاتب طقوس معينة أثناء الكتابة؟
  • لا أؤمن بالطقوس، عموماً، يكفي أن أكون مرتاحاً جسديا ونفسياً، وليس عندي شغل مهم يطالبني بإنجازه (شغل ترجمة أقصد)….
  • حدثنا بشئ من التفصيل عن أجواء روايتك؟ وهل من نقد وجه إليها؟
  • الحديث بالتفصيل عن أجواء الرواية صعب إلى حدٍ ما… لكن ها هي الفقرة التي كتبناها في الغلاف الخلفي ربما تكون مفيدة: في دوامةٍ من الحكايات الصغيرة والمشاهد المتلاحقة يستعيدُ الشيخ أحمد رجائي فصول حياته بينما يوشك على وداعها، مُحاصَراً بين شابين ظهرا فجأة في حياته، كأنما ليحاكماه. أحدهما له نفس اسم الشيخ، ويُنافسه على امتلاك زمام السرد في رواية حياته، كما ينافسه على حب الشابة الأخرى، مُنى، أيقونة الجمال والشؤم، والهائمة في مدارها الخاص غير مكترثة للصراع بين الشاب والشيخ. لو القصد هو النقد بالمعنى السلبي فطبعا تم توجيه نقد لها وأهم النقاط في ذلك: 1. كثرة اللعب والتجريب التي قد تعوّق حركة السرد ولا تساعد القارئ (العادي) على المضي قدما 2. اختيار العنوان فيه مغازلة للقارئ (باعتبار الإحالة إلى كتاب جنسي تراثي)…3. كثرة الإحالات الأدبية بداخل العمل نفسه .4. البطل المثقف المهزوم والمنعزل عن الواقع نمط جاهز تم تقديمه كثيرا في الأدب العربي والمصري خصوصاً….
  • في حال لم تفر الرواية بالجائزة.. هل سيغضبك ذلك؟
  • لا أظن أن الرواية ستفوز بالجائزة، لو حدث هذا لكانت مفاجأة أقرب للمعجزات والغرائب J … وبالتالي لن أغضب بالطبع لو لم تفز… حتى لو لم تصل الرواية إلى القائمة القصيرة لن أنزعج من هذا، إلا من ناحية الدعم المالي (للصراحة) أما دون ذلك فسوف نعود إلى قواعدنا سالمين لنرى ما بين أيدينا من عمل سواء ترجمة أو كتابة و يا دار ما دخلك شر ولا “خير” …
  • هل ثمة روايات قرأتها واستغربت عدم إدراجها في الترشيحات؟
  • روايتان: رواية محمد ربيع عام التنين، عمل مهم ومغامر وصاحبه يعرف كيف يبني رواية كبيرة بخطوط معمارية بسيطة وواضحة… ورواية طارق إمام : الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس – مازلتُ أقرأها ومع كل صفحة أتساءل نفس السؤال كيف لم يصل هذا العمل البديع للقائمة الطويلة؟ لكني عموما متابع غير جيد للجديد، لأن قراءة القديم وحدها تحتاج عمراً ثانيا على أعمارنا…
  • إلى أي مدى يمكن أن يضيف الجيل الجديد إلى فن الرواية العربية؟
  • هذا سؤال صعوبته مركبة، أنا لا أقرأ الغيب، فقد يضيف هذا الجيل وقد لا يضيف، من يدري؟ ومن يستطيع أن يحدد طبيعة هذه “الإضافة”؟ كل ما أتمناه أن نختطف النوع الروائي ونذهب به إلى أقاليم جديدة لم تطرق من قبل، أن نقلق طمأنينة “النوع” بالمعنى الأكاديمي والتجاري على السواء، ألّا نكتفي بإعادة إنتاج السردية العربية من هموم معتادة ومتوقعة في تاريخ الرواية العربية… هذه أمنيات كبرى، لكن الحلم ليس عليه جمارك J
  • أخيراً، ما جديدك؟
  • كما كتبت سابقا، أنهيت مجموعة قصصية بعنوان كما يذهب السيل بقرية نائمة، وأظن أنها قد تصدر منتصف هذا العام 2013 … لو سارت الأمور كما أتمنى .. وهناك مشاريع روائية بعضها في طريقه إلى الاكتمال، أمّا متى ننتهي من قطع هذا الطريق فهذا ما لا يعلمه إلا الله.

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم