حاوره: البهاء حسين
من الصعب أن تجلس إلى طارق البشرى ولا تقع فى حبه. لقد ذهبت إليه متوجساً وخرجت من عنده كأنى صديق قديم. الرجل قادر على أن يلغى المسافة بينه وبينك فى ثوان، قادر حتى على إلغاء الذات، فهو لا يحتفل بعيد ميلاده، وقادر على إقناعك دون أن يكون قصده إحراز هدف فى مرمى الجدال. ثم هو من جيل تقلب على الجمر وطوحته التحولات من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، جيل متعب، ولذلك عليك أن تناقش البشرى بصوت خفيض مثل صوته، وشْوشْ له، لتعرف ما إذا كان يتشبث بآرائه من باب العناد الذى يركب الرؤوس الطاعنة فى الشيب، أم لأنه فحص باطنها جيداً قبل أن يطلقها فى الهواء.
البشرى بأعوامه الـ 77 وهب نفسه لجماعته المصرية، مؤرخاً وقاضياً وضميراً لم يكن لشىء سلطان عليه سوى اعتقاده بأنه يفعل الصواب. وقد نختلف فى تقييم الحساب الختامى له، لكن ما لا خلاف عليه، أو هكذا أتصور، أن ولاءه بقى، قبل أى شىء آخر، لله وللحقيقة ولمصر.. مسجداً وكنيسة. إنه قادر على التجرد، بحيث لا يمكنك اتهامه.
والحاصل أننى أخذت الكاسيت والكاميرا، قلت: سأحتفل معه بعيد ميلاده، 1 نوفمبر، على طريقتى.. بالأسئلة عن أمة فى مخاض، وعن رجل أعطى الحياة كثيراً، ومن حسن الحظ أنه لم يكن فى الجانب الخاسر.
وقد سألته: اليوم، كيف تنظر للوراء؟ فمسح على ذراعيه كأنه ينفض عن نفسه غباراً ما زال عالقاً بـ” أناه “، وقال بوجه احمرّ فجأة:
– سؤالك سيجعلنى أتحدث عن ذاتى وأنا لا أحب ذلك، لاعتقادى أن انشغال الإنسان بذاته أو كلامه عنها نوع من التحديق الدائم فى المرآة، أفضل أن أنشغل بموضوع ينسينى ذاتى. الإنسان منا، فى النهاية، هو واحد من ملايين البشر الذين أتوا ويأتون، ليس أكثر
* هل الهروب من الذات، أو التعامى عنها، هو الوجه الآخر للانغماس فيها؟
– ليس هروباً، وليس شيئاً آخر سوى أنه نزوع
* طبع؟
– بالضبط، أن تخرج من ذاتك من أجل شىء تقدمه للناس، هذا أنفع
* ما الشىء الذى يستغرقك لدرجة تنسى معها نفسك؟
– عملى
* فى مشوار الفكر، لا بد من تنحية بعض الأفكار، التى كنا نعتقد فى وقت ما أنها ضرورية. كلمنى عن قناعاتك.. كيف تتكون وتتبدل؟
– كثيراً ما حدث ذلك معى، والإنسان، عندما يجعل قناعتاته بين الحين والأخر محل تساؤل، يستطيع أن يعرفها أكثر أو يصحح منها ما ليس صحيحاً
* قل لى : ما أكثر سؤال حيرك، أقصد سؤال العمر؟
– لا يوجد سؤال واحد حيرنى بهذا الشكل، كلما صادفتنى مشكلة تركت وراءها سؤالاً
* وماذا عن سؤال الوجود يا أستاذ طارق، بلبلة القلب عندما يتساءل عن الخالق؟
– ليست بلبلة، هى يقين بأن الله واحد أحد، موجود وقادر
* كيف وصلت لهذا اليقين؟
– بالعقل والوجدان معاً. ليس بالعقل وحده
* والتجربة، أتذكر ما قاله إيريك فروم عن “يقين الحقيقة التى قد يستحيل إثباتها بأدلة عقلانية ملزمة، ومع ذلك فهى الحقيقة التى أنا على يقين منها، لأن ثمة أدلة عليها من تجربتى الذاتية”؟
– التجربة دائماً ما تكون حسية، لكن تجربة اكتشاف الخالق ليست كذلك، الحقيقة هنا ليست كذلك، لأنها حقيقة شعورية يندمج فيها، كما قلت لك، القلب والوجدان. معرفتنا لا تأتى فقط من العقل
* تريد أن تقول: إنه ” حين يكون هناك حدس، لا نحتاج إلى دليل “؟
– شىء من هذا القبيل
* وأنت طفل، تجرى فى حلمية الزيتون، هل كان يشغلك شىء غير اللعب؟
– لم أكن ألعب كثيراً، إنما كنت ” مشاى “، الأن بالكاد أمشى، بحكم السن وبحكم ازدحام القاهرة. أصبحت مسناً جداً والقاهرة أصبحت هى الأخرى مسنة
* العمامة والطربوش..ماذا بقى منهما؟
– بقى اختلاطهما ببعض.. أنا بين العمامة والطربوش وبين القرية والمدينة
* وماذا ترك الطفل بداخلك للجد؟
– ليس الشىء الكثير
* يبدو أنك غير ميال للتغيير. منذ دخلت مجلس الدولة، فى سن العشرين، لم تخرج منه إلا على المعاش عام 1998م !
– كله تغيير، عندما تكون فى البحر ماذا تريد أكثر من ذلك، الموج يتغير من حولك كل لحظة، اليوم مليىء بالمتغيرات
* ألم تفكر، ولو من باب الفضول، فى أن تكون قاضى منصة؟
– كنت قاضى منصة، مجلس الدولة يعطيك إمكانية أن تكون مفتياً وقاضياً فى وقت واحد
* أكان لا بد أن تكون قاضياً أصلاً؟
– لا أعرف هل كان ذلك ضرورياً أم لا، لكن القضاء ترك فىّ تأثيراً كبيراً جداً. لكى تكون قاضياً من الضرورى أن تكون مستقلاً ومحايداً، ومن أجل أن تكون محايداً يلزم أن تكون لديك القدرة على إدراك وجهات النظر المختلفة، حتى المتعارضة منها لا بد أن تدركها وتتفهمها وتنظر فى آلياتها الذاتية، لكى تستطيع فى النهاية أن تحكم
* ما الذى رشح من القاضى على المؤرخ؟
– كثير جداً، الحياد مثلاً، لا أقصد الحياد تجاه الأفكار، فلا بد من الانحياز لفكرة معينة، لكن ذلك لا يعنى ألا تفهم نقيضها، الفهم الموضوعى لمنطق الأفكار الأخرى المعارضة يمكنك من الوصول إلى الترجيح السليم، هناك نوع من اليقين القلق يسلمك إليه تعارض الأفكار
* كقاض، عاصرت، يقينا، نوعاً من المشاكل والقضايا وجدت نفسك إزاءه فى موضع الحيرة وعدم القدرة على الترجيح؟
– حصل
* إلى أى مصدر كنت ترجع فى هذه الحالة؟
– القاضى كالمؤرخ فى أنه يعرف الحادث بعد حصوله، ويتحقق منه من خلال الآخرين، وينظر إليه وهو ليس طرفاً فيه، إنما يحاول معايشته كما لو كان جزءاً منه. وبالمناسبة عندما قرأت مناهج الكتابة فى التاريخ وجدت أن تحقيق الوقائع فى القانون أشد صرامة منه فى كتابة التاريخ، وقد أفادنى ذلك كثيراً فى القدرة على فرز وتخمين حقيقة ما حدث وما لم يحدث
* حدث أن وجدت نفسك عالقاً بين قلبك وعقلك. أقصد أن خصومة ما قد نشبت بينهما ذات يوم؟
– عمرها ما وصلت إلى درجة أننى اتخذت قراراً يتناقض فيه عقلى مع قلبى. كنت أجد هداية الله بجانبى، بحيث أوفق بينهما. وخد بالك، فى هذه الحالة أنت تفعل شيئين: تدرس القانون بطريقة الاستنباط وتتحقق، ثانياً، من الوقائع
* كلمنى عن مشروعك الفكرى، كيف ترى الآن ما أصبح خلفك ولا يمكنك استدراكه؟
– عندما أقرأ كتاباتى القديمة لا أشعر بتنافر معها فى الحقيقة، ربما لأنى كنت صادقاً مع نفسى وأنا أكتبها، بموجب هذا الصدق لم أقل، طوال عمرى، رأيا وأنا أشعر أن الصواب فى غيره
* وخطأ المفكر، كيف يمكن استدراكه؟
– بالاعتراف، أن يجأر به، لا بد. أنا فعلتها مع نفسى، اعترفت عندما شعرت أننى أخطأت
* فى أى موقف؟
– فى كتابى ” الحركة السياسية فى مصر” كانت هناك تقييمات معينة للتنظيمات السياسية، وجدت أن أفكارى عنها تغيرت فى أشياء عديدة، ولذلك فى الطبعة الثانية منه استدركت، كتبت مقدمة نقدت فيها هذا الكتاب موضوعياً كأنه لواحد غيرى
* هل التاريخ، كما يقال، هو الشىء الذى نقرؤه ولا نستفيد منه؟
– بكل أسف
* مصر، هل هى حالياً فى أزمة؟
– فى حالة عدم تبين، الأزمة كانت قبل 25 يناير، والأزمة أن تجد الطريق أمامك مسدوداً، ولايظهر لك كيفية الخروج منه، لكن الطريق الآن أصبح واضحاً، وإن كنا فى حالة شيوع، لم نستقر على هدف بعد أو على شق طريق جديد بعد. الحاصل أنك كسرت الحائط الذى كان يسد الطريق، لكنك خرجت بعد ذلك إلى الساحة ولم تحدد فى أى مسار فيها ستمضى، لكى تصل إلى هدفك. نحن فى هذه المرحلة. الرؤية غائمة، والقلق كله من هذا الوضع
* من المسئول عن الوصول إلى هذا المنطقة الزلقة؟
– كلنا
* من المجلس العسكرى لأصغر مواطن؟
– من المجلس العسكرى لأصغر مواطن، خاصة النخبة ذات الصوت العالى، لم تدرك الأولويات، كما أن المجلس ساهم فى ذلك بتراخيه فى إدارة شئون البلاد، وعدم الحسم عند اللزوم
* هل تدخل المجلس العسكرى فى اختيار أى من أعضاء اللجنة التى عدلت معك مواد الدستور؟
– لا أدرى، لكن الهيئة القضائية هى التى اختارت
* وللتاريخ.. هل تدخل المجلس فى الإبقاء على مادة أو حذف أخرى؟
– الحقيقة أنه لم يتدخل ولم يحاول حتى أن يتدخل، وما كنت لأقبل تدخله. هذا ما حدث، وما صنعناه اقتنع به ونفذه، رغم أنه لم يكن مطلوباً بهذا الشكل
* ألا تشعر برغبة فى تعديل بعض التعديلات؟
– إطلاقاً
* بما فى ذلك المادة 75؟
– ما زلت على اقتناعى بها، فكرياً وسياسياً، نحن لم نبتدع هذه المادة، دستور 1971 أكد على ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية مصرياً من أبوين مصريين، لكننا زدنا على ذلك أن تكون الزوجة أيضاً مصرية، وألا يكون مزدوج الجنسية
* هل هذا خوف على الولاء؟
– توزع الولاء، والمحكمة الإدارية العليا سبق أن قالت ذلك، فى أحكامها الخاصة بأعضاء مجلس الشعب، أسقطت العضوية عن مزدوجى الجنسية، باعتبار أن يمين القسم يتناقض مع قسم آخر، وفى السلك الديبلوماسى، ممنوع على الملحق وهو أدنى درجات السلم الوظيفى أن يتزوج من أجنبية، وكذلك الأمر بالنسبة لضباط الجيش ممنوع عليهم الزواج بأجنبية من أول ملازم ثان حتى المشير. المسألة إذن لها وجود سابق، لم نبتدع شيئاً، نحن فقط ركزناه
* وماذا عن ضحايا هذا المادة من المصريين الأكفاء، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم، بحكم الاغتراب، تزوجوا واستقروا فى بلاد غريبة؟
– ما أكثر الكفاءات فى مصر، ومن يرد أن يخدم بلده، ليس بالضرورة أن يكون رئيس جمهورية، ليخدمه، يمكن أن نخدم ونحن فى مواقع أخرى غير الرئاسة
* على ذكر الخارج، كيف ترى مسألة تصويت المصريين هناك؟
– أرجو أن تركز على هذه النقطة فى هذه الأيام بالذات، المصرى فى الخارج له حق التصويت والترشيح، القانون أقر له بذلك، ولا يمكن حرمانه من هذا الحق متى توفرت فيه الشروط
* كأنه مقيم على أرض الوطن؟
– بالضبط، المشكلة أن الشعب المصرى، لطول عهده بتزوير إرادته، استقر فى وجدانه أن السلطة القضائية هى من يشرف على التصويت، هى وحدها، باعتبارها مؤسسة محايدة تستطيع أن تؤدى المهمة بعيداً عن السلطة التنفيذية
* المشكلة القائمة هى كيفية التصويت، كيف نعالجها؟
– لا تنس أن رقعة المصريين بالخارج متنوعة بتنوع دوائرهم، وهذا يزيد الأمر تعقيداً، وما قيل عن أن السلطة القضائية ستكون بيد القناصل ورجال السلك الدبلوماسى، ليس صعباً فقط، بل غير سليم قانونياً، أن تصف من ليس قاضياً بأنه قاض، هذا نوع من أنواع الاصطناع، كأن تقول: اعتبرنى مهندساً ! لا يمكن أن تكون مهندساً، لأن جهة ما اعتبرتك كذلك، أنت لا تملك خبرة المهندس ولا أساليبه ولا تنتمى لجماعته ! لا يمكن لقانون أن يعطى الصفة القضائية لغير أهلها، وإلا سنفتح الباب فى المستقبل لأن يكون رجال الحكم المحلى قضاة، أو رجال الشرطة! عمل القانون أن يعترف بالواقع ويتعامل معه، لا أن يزوره !
* والحل؟
– لدى اقتراح أتصور أنه عملى، وأرجو ألا يكون وقته قد فات، وهو أن تعامل الأماكن التى يتواجد بها المصريون كدوائر انتخابية، تفتح أبوابها للمرشحين والناخبين عل حد سواء، كأن تكون هناك دائرة أو اثنتان للعاملين بالجزيرة العربية مثلاً وهكذا، على أن ترسل لها بقضاة. ميزة هذا الاقتراح أنك لو وجدت ما يبطل العملية الانتخابية، فلن يبطل ذلك عمل المجلس كله، سيقتصر الأمر على الدائرة الخارجية
* أعود إلى ثورة يناير، كيف يمكن أن تسير إلى الأمام ولا يوجد 100 مصرى على قلب رجل واحد؟
– قد يصح كلامك عند المثقفين والنخب، لأن ذوات هؤلاء متضخمة ويتكلمون عن الشعب المصرى باعتباره مفهومياً ثقافياً، ولذلك يقولون: الشعب يريد! هم لا ينظرون للواقع العملى، لن تجدهم فى احتجاجات العمال والموظفين الصغار، فى محاولة لتنظيمها فى أحزاب أو ما شابه
* ما الشعار الذى رفع أثناء الثورة وشعرت أنه يعبر عن الروح المصرية؟
– كل الشعارات
* مبارك، هل جرّف مصر يا أستاذ طارق؟
– مبارك أسوأ حاكم فى تاريخ مصر الحديث، هو الأسوأ
* لماذا؟
– لأنه جرّف مصر كما تقول، لم يضف إليها، بل انتقص منها، على يديه تعطلت المصانع وبارت الأرض، فقدنا ما أنجزناه فى مأئة عام، وأخطر جرائمه السياسية أنه فكك جهاز الدولة المصرية
* هل حدث ذلك وفق خطة، أم كان آثاراً جانبية لسياسات خاطئة؟
( وقبل أن يجيب، ردد البشرى لازمة يقولها مستفهماً كل سؤالين تقريباً: نعم؟ لا أدرى أهو ضعف لا قدر الله فى السمع، أم هى طريقة لأخذ مهلة قبل الإجابة. وقبل أن أعيد السؤال طلبت منه كباية شاى. كان الرجل قد سألنى فى بداية الحوار، أو عيد الميلاد الذى تكفلت إجاباته بإضائته: تشرب إيه؟ وكنت بالكاد ألتقط أنفاسى، فقد وصلت إليه راكضاً وسط السيارات بشارع جامعة الدول العربية، لألحق بموعدى معه،وأخذنا الحديث دون أن نشرب شيئاً، وبعد ساعتين تذكرت أن ريقى ناشف، ثم إننى، بعد طلب الشاى، سأجدد حق البقاء فى بيته أطول فترة ممكنة، وقد كان. أحضر البشرى صينية الشاى، ولما شرعت فى وضع شريط جديد، قال لى : هو مدته كام الشريط ده؟ ولم يكن 60 دقيقة كما أخبرته، استمراء للونس، بل 90 دقيقة مرت عابرة. المهم تجهزت ورحت أرشف الشاى ببطء، بينما البشرى يقول متحسراً على ما ضاع..)
– أصل الواحد ممكن يغلط فى سؤال، فى اتنين، لكن يغلط فى كل الأسئلة؟!
* يبقى مش مذاكر؟
– ( بضحك مشترك، أو قل: بغصة مشتركة ) يبقى مش مذاكر خالص أو بخطة !!
* وبضمير القاضى.. أيهما ترجح؟
– أتصور أنه نُفذت من خلال مبارك، خطة خارجية بقيادة أمريكا وإسرائيل
* هل تؤمن بنظرية المؤامرة؟
– نعم
* تؤمن بنظرية المؤامرة؟
– نعم أؤمن بها، أصل يعنى إيه نظرية المؤامرة: طالما أنك تنوى بناء شىء، لا بد أن تكون هناك خطة لبنائه، وإفساد هذا البناء يحتاج أيضاً لخطة. وفى السياسة تحاصرك خصومات ومصالح وأهداف متناقضة، هو يعنى إيه استراتيجية؟ اتخاذ خطط طويلة المدى لتحقيق مهام على المدى الطويل، يعنى إسرائيل تعتبرك العدو الاستراتيجى لها، وهى تعمل، بكل الطرق، لإزالتك من الوجود، وأمريكا تضع مصالح إسرائيل على رأس أولوياتها، إسرائيل هى الشىء الثابت الوحيد بالنسبة لها منذ عام 1945، وأنت تقول ( يقصد مبارك ): بيننا وبين أمريكا تحالف استراتيجى، وهذا يعنى ببساطة أنك تتحالف مع العدو الاستراتيجى؟ هل هناك حاكم فى التاريخ أقام علاقة استراتيجية مع العدو الاستراتيجى !!
* هل هذا نوع من الغباء السياسى، أم سوء نية، أم أن مبارك، مثل سلفه، كان يعتقد أن 99 % من أوراق اللعبة بيد أمريكا؟
– فى القانون هناك كلمة لطيفة تقول: الخطأ المهنى الجسيم يساوى الغش، أما مسألة النوايا فلا تشكل أى فارق
* والآن: أين تقف أمريكا فى الشارع المصرى؟
– قرأت تصريحات السفيرة الأمريكية، أن 40 مليون دولار تم صرفها على مصر فى الفترة الماضية، وسمعنا أنها صرفت مليون دولار، بخلاف مليار جنيه قالت الحكومة المصرية إنه صرف منذ قيام الثورة وحتى الآن
* قل لى : ما الذى جعل مبارك يستمر فى الحكم 30 سنة. يقيناً ليست رغبته فقط؟! كان هناك آخرون والمصريون أولهم؟
– إنصافاً للشعب المصرى، لا ينبغى أن نحمل سكوته على ضعف العزيمة، لأن عملية الثورة صعبة جداً وتأخذ وقتاً طويلاً، ثم لا تنس أن الشعب المصرى قام منذ 1805بخمس ثورات، لأنى أعتبر محمد على ثورة، وإذا أضفت عليها بقية الثورات تكون المحصلة أنك تقوم بثورة كل 40 سنة، هذا معدل جيد جداً! لكن ما أفاد مبارك يقيناً هو أن الدولة المصرية، وهى كذلك طوال الوقت، أقوى من التنظيمات الأهلية. ثم إن هذه الدولة بنيت على أساس أنها تقوم بكل الخدمات، فى مقابل إضعاف التنظيمات الأهلية، اجتماعية وسياسية. والدولة المصرية، فى النهاية، تقوم على أساس سلطة الفرد، مبارك زاد ضعف التنظيمات وبالتزامن فكك الدولة نفسها، حتى لا يكون هناك عامل يضغط عليه
* من أخطر رجال مبارك فى تصورك؟
– كان حوله كثيرون، وبفضل هؤلاء كان الانهيار العظيم، بداية من سنة 2000
* كم سنة تلزمنا، لننهض؟
– أنت لن تبنى شيئاً جديداً، أنت ستعيد تركيب دولة مفككة ومجتمع مفكك
* وكم يستغرق ذلك؟
– 3 أو 4 سنين
* وماذا نفعل لنبلغ هذا الهدف؟
– مطلوب إعادة تركيب الدولة، لتقوم بوظائفها، مطلوب نظام أجور، والأهم عملية اختيار الأشخاص، ولا بد أن تنظم الأحزاب نفسها، نحن بحاجة لتنظيمات شعبية قادرة على التنظيم والتحريك
* هل الشخصية المصرية فردية بطبعها؟
– لا
* أقصد أن كلاً منا فى الأزمات، يبحث عن خلاصه بطريقته، دعنى أذكرك بما فعله جيلك عقب النكسة، منكم من ذهب للماضى يبحث فيه عن دليل، ومنكم من توجه للدين. ثم إننا، فى الغالب، نمشى ونمشى ونجرب طرقاً كثيرة، لكننا لا نتقدم؟
– أنت هنا تنزلق إلى فخ المثقفين، ترى الشعب باعتباره مفهوماً ثقافياً
( ثم ضحك البشرى وأضاف ) :
الشعب المصرى ليس أنا ولا أنت، نحن نشاهد هذا الشعب ونسمعه، المثقفون معزولون عن التحريك الشعبى، كل تكوينات المصرى تكوينات جماعية، هو محب للجماعة وينضوى تحتها، حتى دون دعوة
* إذن لماذا لا نتقدم؟
– نحن نتقدم وُنضرب، قلت لك إننا أنجزنا 5 ثورات، دعك من ثورة يناير، فهى ما زالت تحدث، لكن فى الثورات التى تمت، ماذا حدث؟ ثورة محمد على ماذا حدث لها؟ بنى الرجل جيشاً وصنع لك تنمية ودولة حديثة لكنه ضُرب سنة 1840، بفعل أجنبى، وكذلك ثورة عرابى ضربت وكسر الإنجليز مشروعه، ثورة 1919قامت والإنجليز كانوا جاثمين على مصر، فأفسدوا ما كانت تخطط له، ثورة ناصر كسروها، دائماً كان هناك كسر ما يأتيك من الخارج، كل ثوراتنا أتت بنتائج، هذا الشعب قادر على البناء وإنتاج تقدم لنفسه ولمن حوله، فى قدرته على البناء تكمن أهميته، وهو لذلك مُستهدف
* أنت متفائل بطبعك، أم أن كتاب التاريخ هو السبب. هناك ” فوضى عظيمة تحت السماء ” يا أستاذ طارق، ونحن كما قلت أنت لم نشق طريقاً بعد ولم نحدد هدفاً ! بعد قليل يمر عام على الثورة ولم ننجز غير الفوضى؟
– أنت تعيد تركيب دولة مفككة، وإرث ما قبل 25يناير ثقيل، مصر مبارك كانت تمشى بالقصور الذاتى، كانت القوة الوحيدة الموجودة فيها هى البوليس، لا تعليم ولا صحة والجيش مُجنب، أنت اليوم تعيد البناء، البوليس كان يقوم بمهام أمنية ومهمام سياسية، واليوم تحاول إنهاضه، ليقوم بمهام أمنية فقط، وهذا يستغرق بعض الوقت
* ومحاكمة مبارك، كيف تراها؟
– لا يكفى محاكمة مبارك جنائياً، لا بد من محاكمته سياسياً
* ألم تره فى أية مناسبة؟
– أثناء افتتاحه لمجلس الدولة، وفى مناسبة أخرى أظن، كان لقاء عابراً
* لم تربطك بالقصر الرئاسى أى علاقة، حتى من خلال أسامة الباز؟
– أحترم الباز كمثقف، لكن من بعيد لبعيد
* هل تحمله أية مسئولية عما جرى؟
– مش قادر، بقراءة القاف همزة، بالنسبة لأسامة بالذات مش عارف فى الحقيقة، لكنى أتمنى أن يكتب مذكراته
* سمعت بكل أسف أنه أصيب بالزهايمر؟ صديق مشترك أخبرنى أن الباز اتصل به 12 مرة فى يوم واحد، ليسأله عن الشىء نفسه؟!
– ياه، خسارة، هو وثيقة تاريخية هامة
* المثقف المصرى، بجوار السلطان، يعمل لصالح جماعته، أم لنفسه فقط؟
– المثقف بطبيعته ذاتى، لأن تجربته تجربة ذاتية، ولذلك تراه عالقاً فى عالمه، وحين ينزل إلى الواقع يتعامل معه كأنه تصور ذهنى كما قلت لك، وفى المسافة بين العالمين تنشأ الأخطاء، إلا إذا كان لدى المثقف قدر من إنكار الذات
* من من أبناء جيلك هكذا؟
– لا حظ حاجة يا أستاذ بهاء، الطريق للسلطان يخضع لعمليات ترشيح كثيرة
* فلترة؟
– هناك غربال بعيون واسعة تضيق مع كل مرحلة فى هذا الطريق، تضيق بحيث لا تسمح سوى بنزول البودرة ! كل ما هو خشن وصلب لن يمر من الغربال !
* وما الذى تركته النكسة فيك وفى جيلك؟
– شككتنا فى كل مسلماتنا
* وصفت انسلاخك من عباءة العلمانية واليسار، متجهاً إلى الإسلام، بأنك خرجت من جاذبية كوكب إلى جاذبية كوكب آخر. كيف؟
– التحول من أصول مرجعية معينة، فكرية وسياسية، إلى أصول أخرى يشبه الخروج من الرحم، مسألة صعبة، المرجعية هى التى تحكم نظرتك للأمور وتحدد على أساسها الصواب والخطأ
* المسافة بين تحولاتك كانت شاسعة، يبدو أن المرحلة كلها كانت مرحلة استقطاب أيديولوجى حاد من النقيض إلى النقيض؟
– أنا خرجت، مرجعياً، من فكر النخبة الضيقة، توجهت لعموم الناس، وكان هذا أساس توجهى الجديد، لكن هذه التجربة لم تؤثر إطلاقاً على مرجعيتى السياسية، االاعتقاد الدينى شىء والمرجعية السياسية شىء آخر، أما الاعتقاد الدينى فكان يلازمنى طوال الوقت، على الأقل فيما يتصل بالرزق والصحة والعمر، تسطيع أن تقول إننى مؤمن بالإرادة الغيبية. ثم لا تنس أن علاقتى بالفقه الشرعى، فى عز ما كنت علمانياً، كانت قوية جداً، هذا جزء من ثقافتى المهنية، القضاة بحاجة ملحة إلى مناهج التفسير العقلى التى ابتدعها القرآن الكريم، هذا يمنح القاضى القدرة على التجديد، حتى فى فهم النصوص الوضعية، مناهج البحث فى الفقه الإسلامى أكثر صرامة من مناهج الفكر الغربى. هناك، فى الغرب، تلعب إرادة الشارع دوراً رئيسياً فى توجيه الأمور، بمعنى أن الشارع إذا لم يعجبه قانون، فما أسهل أن يغيره، لكنك فى الفقه الإسلامى أنت مقيد بنصوص منزّلة، لا بد من احترامها والالتزام بها، وإلى ذلك عليك أن تطبقها على واقع متغير، بحيث تحقق صالح الناس وسعادتهم، لأنك فى النهاية أنت تحكم للناس. مع الفقه الإسلامى تتعامل مع الواقع المعيش وليس مع الفكر المجرد، وقد أوجد ذلك حاجة إلى مناهج مجددة. اقرأ أحكام محكمة النقض والإدارية العليا، الدستورية، مجلس الدولة، هذه الجهات بالرغم من القانون الوضعى الذى تطبقه، إلا أن تأثرها بالفقه الإسلامى شديد، وهذا ما يجعل التفسير أكثر عمقاً وفهماً مع الالتزام بالنص. من هنا لم تكن لدى مشكلة فى الإجابة عن سؤال: هل الفكر الإسلامى قابل للتجديد أم لا. كانت لدى قناعة بذلك، لأنى أعرف إمكانيات هذا الفكر وأعرف مناهجه، لكن ما كان يلح علىّ هو: هل هناك من يمارس هذا الفكر فى العصر الحديث؟ بكل أسف لم أجد من يمارسه
* بذرة التحول.. هل تنبت فجأة، أم أن عوامل كثيرة تتراكم وتسفر عن مجرى جديد؟
– أميل إلى تصديق التراكم، أو هذا ما حدث معى على الأقل، لأن التحول لا يحدث بين يوم وليلة، ويحدث أن تقابلك فى الطريق حوادث رمزية تكون عنواناً لهذا التحول
* هل ما لاحظته، كما قلت لـ “بلال الحسن “، من التفاف الناس بالآلاف حول الخطاب الإسلامى بأحد المساجد، وانصرافهم عن خطاب المثقفين فى الندوات، هل يندرج ذلك تحت الحوادث الرمزية؟
– أظن
* وبالنسبة لمصر، هل هى قابلة لأن تتحول إلى دولة دينية؟
– دينية بمعنى أن لديها مرجعية دينية. مصر، طوال عمرها، كذلك
* والمادة الثانية من الدستور ألا تظلم المسيحيين أو تجور على حقوقهم وحريتهم؟
– على الإطلاق، وبالمناسبة هذه المادة لم توضع سنة 1971، هى موجودة منذ دستور 1923، أن دين الدولة هو الإسلام، وضعت هذا الدستور لجنة مكونة من 32 شخصية منهم 5 مسيحيون + واحد يهودى، وأحد المسيحيين هو الأنبا يؤانس الذى اًصبح فيما بعد بطريرك الأرثوذوكس، لم يكن فى اللجنة إسلاميون بالمعنى المستخدم الآن سوى الشيخ محمد بخيت ونقيب الأشراف وشيخ آخر، 3 فقط والباقون كانوا علمانيين: أحمد لطفى السيد، عبدالعزيز فهمى، أحمد عبداللطيف، عباللطيف المكباتى وغيرهم. وووافق أعضاء اللجنة على هذه المادة بالإجماع. ولعلمك فى سنة 1911 انعقد المؤتمر القبطى وبعده بشهرين انعقد مؤتمر سمى بالمصرى للرد عليه وإن احتضن الأقباط، وفى البيان الختامى للمؤتمر القبطى جاء أن الجماعة المصرية متعددة الأديان وهويتها إسلامية..أى حكم الأغلبية. المسيحيون إذن هم الذين وضعوا هذه المادة قبل حتى دستور 23!
* ترى إذن أن مصر أقرب إلى هذه الصيغة؟
– المرجعية دائماً تتعلق بالثقافة السائدة..ما هى؟ عند الإنجليز خذها كما هى موجودة، وعند الفرنسيين وهكذا !
* بالنسبة للجنة صياغة الدستور: هل ترى أنها مثلت كل التيارات الموجودة على الساحة؟
– اللجنة كانت مهنية أساساً، وعملت دستوراً يتعلق بالفترة الانتقالية، وهى التى اقترحت وضع دستور جديد
* اللجنة التى كانت مشكلة أيام الرئيس السابق، آخر لجنة، كانت أكثر تمثيلاً لمختلف الأطياف؟
– لم تكن كذلك، بل كانت مشكلة من أعضاء أجلاء بحكم وظائفهم فى مجلس الدولة والقضاء + 2 من خارج اللجنة
* ألم تكن كتابة دستور جديد أولى من ترقيع دستور قديم؟
– لا فرق، الصيغة التى طرحت هى إما أن يعدل دستور 71 أو أن يطلع بيان دستورى يدير المرحلة الانتقالية
* وأنت تعدل مع زملائك مواد الدستور، ألم يكن ماثلاً فى وجدانك قلق من أن يختطف اليساريون أو السلفيون أو غيرهم الثورة؟
– ولم القلق طالما أننا احتكمنا للشعب !
* حدث أن منحت الأزهر فى بداية التسعينيات، أثناء عملك فى مجلس الدولة، سلطة الرقابة على المصنفات الفنية؟
– الرقابة كانت ممنوحة فى القانون لوزارة الثقافة، ولم يكن هناك جدال حول حقها فى القيام بهذا الدور، وكل ما قلته فى هذا الموضوع إن المصنفات المتعلقة بالشأن الإسلامى لا بد من رجوع الوزارة فيه للأزهر! باعتباره جهة اختصاص
* البعض رأى فى كتابك ” الجماعة الوطنية.. العزلة ولاندماج ” معاداة للدولة المدنية وللأقباط؟
– هذا غير صحيح، أنا حين تكلمت فى هذا الكتاب عن وفاء قسطنطين، لم أتحدث عما إذا كانت أسلمت أو لم تسلم، إنما تساءلت: كيف يسمح للكنيسة باعتقال مواطن مصرى؟ وهذا الموقف ليس من الكنيسة، بل من الدولة؟ وتكلمت عن الإدارة الكنسية من موقف المواطنة وليس من الموقف الإسلامى قط، لأن ما يحكم علاقتى بالكنيسة هو منطق المواطنة
* على ذكر المواطنة، أليست هى الثقافة الغالبة بين المصريين، بحيث تكون أساساً للتعايش فى دولة مدنية؟
– أنا مع دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، هذه قناعتى ولن أغيرها
* هل يرجع المجلس العسكرى من آن لآخر لاستشارتك فى شىء؟
– علاقتى بالمجلس انتهت بانتهاء مهمتى، وهو يحكم الدولة وللدولة أجهزتها القانونية
* قرأت أنك والدكتور كمال أبو المجد وسليم العوا مستشارون للمجلس. أريد التأكد؟
– لا علاقة لى بهذا الموضوع، والحقيقة أننى مشفق على المؤرخين فى المستقبل، لأنهم سيقرأون عنا أكاذيب كثيرة منشورة فى الصحف
* دعنى أسألك عن أقلام أخرى تؤرخ.. حسنين هيكل؟
– هيكل كاتب محترم، هو ليس مؤرخاً، هو يقول عن نفسه إنه صحفى
* جورنالجى؟
– بالمعنى الطيب جداً لكلمة صحفى، ناقل أخبار ومحلل أخبار ومقدم مادة إخبارية تتعلق بشئون الواقع الحاضر، حتى عندما يكتب عن الماضى يكتبه بروح الحاضر، ويؤثر فيه، وهنا تكمن أهمية كتاباته
* رفعت السعيد؟
-……………….
* صلاح عيسى؟
– له كتابات جيدة جداً، خاصة كتاب ” الثورة العرابية “، وكتابات أخرى، أنا أتابعه من زمان، وأحترم كتاباته جداً
* عطفاً عليك، لاحظت فى الآونة الأخيرة أن الإجماع عليك آخذ فى الانقسام؟
– ( بعد صمت طال برهة، وتحفز خرج على هيئة سؤال ).. كيف؟
* يرى البعض أن طارق البشرى كان مؤرخ الجماعة المصرية، لكنه حين رأى أن الأقباط هم أهل ذمة، بدأ الاختلاف عليه؟
– أتحداك وأتحدى أى أحد منكم أو منهم أن يثبت هذا، كل كتاباتى من أول لحظة لغاية النهاردة تكرس للمواطنة بمفهومها الجامع، بمعنى، ليس فقط المساواة الكاملة بين المسلمين والمسيحيين المنتمين لوطن واحد فى كل ما يتعلق بالشئون الدنيوية، بل بالمشاركة، وجوب المشاركة الكاملة، حتى فيما يتعلق بمناصب الولاية العامة، هذه المناصب يتعين أن تكون شائعة بين المصريين جميعاً وإن تعددت أديانهم، هذه مسألة منتهية بالنسبة لى، كتبتها وقلتها وما زلت أقولها، لكن أقباط المهجر وبعض من لم يرضهم كلامى عن ” الإدارة الكنسية “، يريدون أن يضعوا على لسانى ما لم أقله
* دعنى أطرح السؤال بصيغة أخرى.. أنك بدأت من مقعد المفكر الوطنى وانتهيت إلى مقعد المفكر الإسلاموى؟
– قلت لك إن ذاتى لا تهمنى، ولا يهمنى ما أوصف به، العبرة فى النهاية بمن يتعامل معى وتقديره لما أكتب، أنا لا أهتم لا بالاسم ولا بالوصف ولا بأى شىء أخر، ولكل أن يصفنى حسب ضميره. مواقفى من الاستقلال الوطنى، عداء الاستعمار، العدالة الاجتماعية، الديموقراطية، لم تتغير، لم أحد عنها قيد أنملة وأرجو أن ألقى الله سبحانه وتعالى، قريباً، وأنا على هذه المواقف.